آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-05:34م

خطف الخذلان و الإهمال الطبي روح خالي عبدالإله

السبت - 20 أبريل 2024 - الساعة 02:20 ص

عبدالحليم صبر
بقلم: عبدالحليم صبر
- ارشيف الكاتب


تتزاحم مآسينا على قطار العمر، تنكسر أحلامنا مع كل صباح، تندثر خطواتنا على مقربة من الأمل، هكذا نحن اليوم امام قصة "خالي عبدالإلة" التي أصحبت مثالًا صارخًا على تلك المآسي التي تحاصرنا في طوارئ المحاولات. ففي ظل غياب الرعاية الصحية المناسبة وتخاذل السلطات الصحية، فقد "خالي" أطرافه السفلية، في ثلاث عمليات متتالية، ثم ذهبت روحه إلى السماء، نتيجة أهمال وخذلان و سلسلة من الوعود الطبية الكاذبة..

بدأت رحلته في أول أيام عيد الفطر عندما فقد الشعور في أطرافه السفلية، فتم نقله إلى مستشفى الجمهوري بتعز لتلقي العلاج. لكن للأسف، تم رفضه، ولا نعرف سبب ذلك ، ثم تم تحويله إلى مستشفى الثورة بتاريخ 10/ 4 / 2024 م، تمام الساعة السادسة وعشرون دقيقة مساءًاً .
في الثورة عرض على الدكتور المناوب، ليتم أحالته إلى غرفة العناية المركزة، دون معرفة الحالة المرضية التي أصيب بها خالي، رغم أن الفحوصات والجهاز المحورية طلعت سلمية حسب كلام الدكتور، بأستثناء ارتفاع الضغط والسكر.

في اليوم الثاني، لم يكون هناك جديد، و لم نستطيع زيارته، بل ولم نفهم ما هو وضعه الصحي، كما أن الرعاية الصحية التي يستحقها أنعدمت بفعل غياب المسؤولية، مما تفاقمت حالته بدلًا من أن تتحسن.

يبلغ "خالي" من العمر 54 سنة تقريباً، وبدأ شعروه بفقدان حاسة أطرافه السفلية في تمام الساعة الثالثة عصراً، وسرعان ما تم نقله من القرية إلى المستشفى الجمهوري في المدينة تمام السادسة مساءاً، ثم إلى مستشفى الثورة.. هذه الفترة الزمنية التي أصيب بها "خالي" بهذا المرض، دون اعراض مسبقة .

لم يكن أمامنا بديلاً لمَ نعيشه من مأساة وقلق وخوف على "خالي" غير أننا أضطررنا لنقله إلى صنعاء، باحثين عن بصيص أمل في أحد مستشفياتها. لكن سرعان ما تحولت آمالنا إلى يأس يغشي أعيننا، حيث أكد الأطباء أنّه قد فات الأوان، وأنّ الحل الوحيد لإنقاذ حياة " خالي "هو بتر أطرافه السفلية التي أصابها "الغرغرينه" .

بعد العملية، ثلاث آيام في غرفة العناية و القدر يرسم ملامح الأمل لنا في نص جسد، لعل نصراً مؤزرا بدموع الأحبة والأهل نغلب به أهمال وخذلان الأطباء، ولا جدوى من معركة يقودها الفقراء بسلاح الصبر والسلوان.

مات "خالي" في نص المعركة، واقفلت السماء أبوابها امام ابتهالات أمي ودموع أطفاله.

لم يكن رحيل "خالي" مأساة إنسانية فحسب، بل كان أيضًا كارثة نفسية عصفت بنا وبأسرته. ففي ظل الأهمال وغياب الرعاية الصحية، أصبنا بفقدان ما كان أمل وبضياع ما سيكون مستقبلاً.

تُثير قصة "خالي" العديد من التساؤلات حول مسؤولية الإهمال الطبي الذي أدى إلى هذه المأساة. فمن المسؤول عن غياب الكادر الطبي المؤهل في هذه البلاد؟ ومن يتحمل عبء التخاذل والإهمال الطبي التي ارتكبت بحق الناس؟

إنّ قصة "خالي "هي دعوة صارخة إلى مواجهة حقيقة الوضع الصحي الذي تعيشه البلاد ، وإلى ضرورة العمل على تحسين منظومة الرعاية الصحية . كما أنّها تذكير مؤلم بمعاناة ضحايا الإهمال الطبي، الذين يدفعون ثمن أخطاء الآخرين بأجسادهم وصحتهم وحياتهم.

خرج "خالي" اليوم من المشفى بلا روح و بنصف جثة، في مواجهها الخُطى الضائعة التي لم تعد تقوى على حمله، والعيون الحائرة التي تبحث عن بصيص أملٍ لم يعد موجودً .

خالص تعازيّ لأمي وجدي و لعائلة خالي عبدالإله في هذا المُصاب الجلل.