آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-02:10ص

مناقشة مقابلات الأخ الرئيس!(1 -2 -3)

الإثنين - 22 أبريل 2024 - الساعة 12:38 ص

د. علي العسلي
بقلم: د. علي العسلي
- ارشيف الكاتب


(1)

يعتقد الكثيرون بأن الأخ الرئيس، رشاد محمد العليمي، حريص كل الحرص على أن يعبر باليمن إلى شاطئ الآمان، بأقل كلفة ممكنة.. فمن أطروحاته وأحاديثه ومحاججته يتوسم اليمنيون به خيراً، ومن انه قادر، على العمل الجاد والمثمر في سبيل انهاء الانقلاب الحوثي، وانهاء تواجد الاثناعشرية الوافدة إلى بلادنا..خصوصاً وقد ثبت ما كان يُحذّر منه من أن إيران خطر على اليمن والمنطقة، ومن أن الحوثة أدوات ورأس حربة لها؛
وهم اثبتوا أنهم وبال على منطقتنا، ودمار لمشاريع أمتنا القومية، يركزون على استنزاف ذخيرة الأمة وقيادتها في المستقبل، عند تجنيدهم لأطفالنا والزج بهم للموت في جبهات القتال؛
والحوثة هم أداة تجهيل لعقول أبنائنا، وكل حياتهم كذب وتضليل واستغلال مخز لقضايا أمتنا ومقدساتنا!؛
فهم مهدد حقيقي للأمة، فقد جلبوا الدول العظمى لبحارنا، وعسكروا موانئنا ومياهنا الإقليمية الخالصة..

فكن يا فخامة الرئيس القبطان الذي يتصرف بحكمة عند تلاطم الأمواج، والنجاة بسفينة اليمن من الغرق، وكن مسلحاً بالدستور والقوانين لحماية السفن التجارية المارّة في مضايقنا وبحارنا، واستعن بالعالم لتنظيف التلوث حتى لا يتضرر ناتجنا القومي من ثرواتنا المتجددة، ويتأثر صيادوا بلادنا من ذلك التلوث وعسكرة البحر!

وبعد هذه التوطئة، اسمحوا لي هنا أن أدلي ببعض التحليلات والشروحات والمناقشات لبعض المفردات من مقابلات الأخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وعلى النحو الآتي:-

أخي الرئيس إن من يضعف الشرعية ويؤثر على هيبتها واحترامها عند الشعب اليمني وعند الأخرين من قبل ومن بعد إنشاء مجلس القيادة الرئاسي، هم أولئك الراكبون على سفينة الشرعية، والمتعمّدون إضعافها، المغلّبون لمشاريعهم على حسابها.. أولئك هم الذين لا يحترمون دستور ورمزية الجمهورية اليمنية، فبعد انضمامهم إلى الشرعية، يستمرون في العمل بدكاكين صغيرة للبيع بالمفرق(أي بالتجزئة)؛ وهذه التصرفات لا شك تخدم تاجر بيع اليمن بالجملة، الحوثي!

وصحيح كما قلت أخي الرئيس، أنه قد تم تجاوز الصراعات والتوترات والاقتتال داخل مناطق الشرعية، لكن ألا يزالون محتفظين بتشكيلاتهم؟!؛ فالاحتفاظ هذا يجعلهم يعيفون أي توجه للنجاح، أو خلق نموذج يحتذى به، إن لم يُسمح لهم بتمرير ما يرغبون!؛

ومن يتابع تغريدات الخصوم، يراهم ينكتون ويتمسخرون ويحاولون بكل جهدهم أن يفتنون..

اخي الرئيس لا زال كل تشكيل كأنه دويلة داخل دولة الشرعية، وهذا يؤذي الدولة ودستورها وينتقص من هيبتها، خصوصاً عندما نراهم يتلذذون في ممارسة الانتهاك للدستور والقوانين النافذة، وللتفاهمات والاتفاقات المبرمة، ويتعمّدون الإساءة للرموز السيادية للجمهورية اليمنية، ويحاولون إفراغ المناطق المسيطر عليها من قبلهم من تطبيق الدستور والقوانين النافذة!؛

إن الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحلّ.. فالتباين موجود وهو ليس بتباين في وجهة النظر، وإنما يجب الإعتراف بأن الخلاف عميق، وينبغي فكفكته وتقليصه، والمطلوب حالياً أن يترفع الجميع عن التفكير الضيق، والارتقاء إلى تعظيم والدفاع عن ثوابت الجمهورية وتدنئة المشاريع الصغيرة، وينبغي ازالة التعارض الذي يُسهم في إعاقة تحقيق طموح الشعب اليمني فيما توصّل إليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والمتمثل ببناء دولة يمنية حديثة ديمقراطية إتحادية بأقاليم؛

وينبغي كذلك حسم الخلاف والاتفاق على ثوابت الجمهورية واستعادة مكانتها وحضورها، قبل تبني فكرة فك الارتباط، وتقرير المصير،الذي وإن كان ولا بد منه، فيتم مناقشته والاستفتاء عليه شعبياً، في أوقات السلم والاستقرار السياسي وفي ظروف اقتصادية ومعيشية طبيعية، وبعد انتهاء الحروب والاحتراب..

وينبغي الاتفاق على مرجعية لتفسير ما وقع واتفق عليه!؛ نتمنى فعلاً ان تصل يا فخامة الرئيس بهذا المجلس إلى التوافق والانسجام والتجانس، وأن تديره بالمنطق والحوار والتفاهم والتوافق.. ونتمنى ألا نرى البعض يحاول فرض إملاءاته وتمرير أجندته على المجلس، فإن لم، فيلجأ للإعاقات والعرقلات!؛

أن ترحيل أهم قضية وهي هيكلة الجيش والأمن، ليحلب الشعور بالإحباط بعدم الأمن وعدم الإطمئنان على المستقبل، وبالتالي تأكل الشرعية وتناقص التأييد!؛ فالترحيل حتى الإنضاج مضيعة للوقت والجهد والاصطفاف، وإضعاف لقدرة مجلس القيادة الرئاسي على القيام بمهامه ودوره، وبالتالي تقليل الثقة بالسلطة الشرعية في تحقيق سيطرتها على الأرض والمحافظة على هيبتها!

وإذا كان مجلس القيادة الرئاسي هو مجلس سلام منذ النشأة، فمع من سيعقد السلام، إذا كان كل المشتركين في مجلس القيادة هدفهم واحد هو مواجهة الميليشيات الحوثية الإرهابية، واستعادة الدولة.. فلماذا لا ينفذ هذا الطرح الصحيح والراقي على الواقع حتى الآن؟!؛ فما نراه واقعاً منذ تشكيل المجلس، هو أنه منذ تشكيله دخل مع الحوثي في تنفيذ ((هُدن)) ، ولم يختبر هذا الهدف الجوهري والرئيسي لحد اللحظة، وما رأيناه كذلك مع كل آسف هو إعادة انتشار لقوات الشرعية بعشرات الكيلومترات في الحديدة!؛ وما نراه كل يوم هو أن الجبهات ساكنة ولا تحريك لها.. ونتمنى أن تُدار من غرفة عمليات مشتركة كما عرضت اخي الرئيس!؛

ولتتحول تشكيلات الشرعية من الدفاع والصد إلى الهجوم بكل ساحاتها، لا الاكتفاء بالعمل كل منها بمعزل عن الأخرى، ولا تتركوا الحوثي هو، من يحدد اختيار اماكن فتح الجبهات وهو من يغلقها، فيختار ما يشاء من جبهة ويستفرد بهن وحدة تلو الأخرى وأنتم تتفرجون!؛

.. حقاً نأمل فعلا أن يُتفق على توحيد العمليات المشتركة ومسرح العمليات والتوحد في مواجهة الحوثي من حيث تشغيل الجبهات دفعة واحدة، ومن حيث التسليح، واعادة بناء القدرات.. يتبع..

(2)

وأستمر في مناقشة مقابلات الأخ الرئيس..

وصدقت أخي الرئيس، حين قلت أن قادة التشكيلات المنخرطة في مجلس القيادة الرئاسي لا يزالون يتخوّفون ويتحفّظون من عملية دمج تشكيلاتهم في إطار وزارة الدفاع اليمنية، خوفاً من سحب البساط من تحت أيديهم، ببساطة لخصت الأمر كله بالتحفظ خوفاً من سحب البساط!!؛
فلماذا لا تحل هذه المعضلة، ويزال التخوف والتحفظ من خلال إجراءات عملية لبناء وتعزيز الثقة، خصوصاً وأن الضامن في العملية كلها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وأمانته العامة، فهم الراعون والداعمون والضامنون، ولن ينجح مجلس القيادة الرئاسي إلا بهم، ونجاحه يُعد نجاحاً لهم.. والنجاح الحقيقي للمجلس هو في تقديم الحد الأدنى من الخدمات، وبخاصة توفير الكهرباء، وتحسين سبل العيش للمواطنين وتوفير الأمن والغذاء واستقرار العملة .. فلابد أن تسيروا أخي الرئيس بهذا المجلس إلى الأمام، فالوقت كالسيف ان لم تقطعوه قد يقطعكم!

نعم! إن اليمنيين يريدون السلام القائم على تنفيذ المرجعيات، ويعتقدون أن السلام العادل والشامل هو بالضرورة، يستلزم إنهاء - وإلى الأبد- كل تشكيل عسكري في اليمن يريد تغيير الواقع أو النظام بقوة السلاح واستخدام العنف وإقلاق السكينة العامة .. هذا هو الذي يؤدي إلى السلام، وهذا فيه المصلحة الحقيقية لليمنيين، وغيره هُراء؟!
ولا أشك أن المملكة العربية السعودية، وكذا السلطة الشرعية - بحكم تجارب سنوات الحرب والتعامل مع الحوثيين -، قادرتان على استخلاص ما يفيد استعادة المؤسسات بالضغط العسكري وجلب الحوثي للسلام، أو بهزيمة الحوثيين فكرياً وعسكرياً، كونهما قد اكتسبا خبرة تؤهلهما للنجاح في الإختبار، والظفر بالنهاية بإنهاء الانقلاب، وبلوغ استعادة مؤسسات الدولة وتحقيق السلام!؛
ومن غير المعقول أنه بعد هذه المدّة والتفاوض والنكوص من قبل الحوثي، هما لم يفهما الحوثي بعد، من أنه لا يهمه سلام ولا مصالحة، فهو منذ البداية على هذا النهج، منذ كان بلا وزن ولا تأثير، فما بالكم وقد وصله السلاح الإيراني بأنواعه، وبات يهدد العالم كله، من خلال تهديده للملاحة البحرية، وعسكرته للبحر بسلاح ايراني.
فالمراهنة على جلبه لتنفيذ خارطة الطريق، واحتوائه، قد تكون شبه مستحيلة من دون شعوره بالهزيمة، فلا تراهنوا على ترويضه واحتوائه، بل اعملوا على كسره وهزيمته، حتى يتحقق السلام الشامل والعادل في اليمن، ويتحقق الاستقرار للمنطقة، وتمر السفن التجارية بسلام!؛

ويا أخي الرئيس حمل السلاح بيد، والبناء ومد يد للسلام باليد الأخرى، مسألة فيها نظر، وبخاصة عند غياب الرؤية والرسالة والهداف التي تجعل من الحوثي يتأكل شعبياً كل يوم، ولن يتم ذلك إلا بخلق نموذج للجمهورية اليمنية يطبق في مناطق سيطرة السلطة الشرعية، فعدم وجود هذا النموذج، يجعل الحوثي يستمر في (نفقه) المظلم الذي وضع الشعب اليمني فيه.. والحقيقة انه لا أمان ولا إطمئنان بأن مستقبل اليمن إلى خير، مالم يهيكل الجيش الوطني والأمن، ويبنيان على عقيدة وطنية احترافية، بولاء وطني خالص للجمهورية اليمنية، ويحميان الدستور والسيادة، وكل المكتسبات الوطنية..
وأريد أن الفت الإنتباه هنا، إلى أنه طالما انكم يا فخامة الرئيس قد اعلنتم عن الجهوزية القصوى، والاستعداد إذا ما اختار الحوثي طريق الحرب، الحوثي على الدوم تجييش المقاتلين وحتى الأطفال ودفعهم للجبهات باعتبار ذلك - كذباً وتضليلاً- الطريق إلى القدس ولفك الحصار عن غزة.. فأحب أن اطلب من مقامكم الكريم تجريب - الاستعداد وإدارته من غرفة عمليات مشتركة تحت إمرة وزير الدفاع- في حماية استئناف تصدير النفط، فالحوثي لا يعرف إلا طريق الحرب، فورّوه العين الحمراء وصدّروا النفط واحموه، كي تحافظوا بأريحية على الوفاء بالإلتزامات الحتمية والاعتماد على النفس؟!

واسمح لي أخي الرئيس أن أذكركم بأن الحوثي في استغلاله لغزة، والتي اسميتها انت بــ "قميص عثمان"، قد استفادته منها.. إذْ نجح في استقطاب الناس وتحشيدهم تدريبهم وارسلهم الجبهات داخل اليمن، و(هبر) تحويشات عمرهم بحجة الدعم لغزة..
ويقيني أنه بنهاية المطاف أو هذا الفلم الدامي، ستتوقف الحرب على غزة وستنتهي لا محالة، وسينسحب الكيان الصهيوني منها، وسيعاد بناء غزة وسيدّعي الحوثي أنه كان أحد الأضلاع الرئيسة لتحقيق ذلك..
وعليه ينبغي يا سيادة الرئيس، تذكير الشعب اليمني على الدوام بأن الحرب على غزّة قد دخلت شهرها السابع، ولم يتبقى سوى رفح لم يتم اقتحامها، فإن استطاع الحوثي وايران بهجومهم على الكيان الصهيوني من منعه من اقتحام رفح، فذلك ما نتمناه، وإن تم بعد هجوم إيران اقتحامها، فذلك يعني تخادم الحوثي وايران مع ربيبة الغرب إسرائيل وقد يصل اتهامنا لهم ليس بالتواطؤ، بل بالاشتراك بإبادة غزة ، وقد نصل بالاستنتاج بأن الهجوم الإيراني على (الكيان ) ما هو إلا محاولة بائسة من محور التدمير للمنطقة العربية، لرفع الضغط العالمي والعزلة الدولية عن دويلة إسرائيل الإرهابية.
الكل قد أصبح يعلم بعد أن فضحت غرة من يدّعي اسنادها ودعمها، انهم كاذبون مضللون استغلاليون لمظلوميتها ولحسابهم الخاص. فستخدم إيران غزة لرفع العقوبات عنها واعطائها دور مهم في المنطقة، وفي مفاوضتها في ملفها النووي، ويستخدم غزة الحوثي للتهرّب من استحقاقات السلام، وهدفه الرئيسي من ادعاء الوقوف معها؛ إحياء وبعث نفسه من جديد بعد أن كاد أن يتلاشى، فبفضل غزة قد يتعمّر قليلاً، فهي التي خدمته - ولم ولن يخدمها- وانقذته إلى حين ولن يطول، لأن الشعب قد بدأ يدرك هذا المحور وحقيقة ادعائه!

أما عن التعويل على المملكة وخبرتها، وايمانها بالسلام، فهي تريد أن يحدث الاستقرار والسلام في اليمن .. لكن هل الحوثي جاد فيه؟!؛ أنا لا أصدق ذلك!!

ولا اظن ان الشرعية ومكوناتها قد نسوا للحظة، ما قدمته المملكة من دعم واسناد وتدخل، فقد أوقفت سيطرة إيران على اليمن، عبر وضع حدّ للحوثي وعنترياته، وساهمت باستعادة الجزء الأكبر من الجمهورية اليمنية، وعلى أساس ذلك فهي تُفاوض الحوثي من موقع القوي، من موقع قوة لا ضعف؛ والحوثي هو الذي يستجدي منها السلام والدعم وليس العكس..
إن تأثير المملكة موجود على امتداد اليمن، وحتى على مناطق سيطرة الحوثي، فلها تأثير كبير على رموزها القبلية والوجاهية، وحتى على عدد من قادة الحوثة، إذ يفاوضونها سراً َوجهراً، وما مسرحية الشيخ (علي الضبيبي) الذي أخرجت في المملكة مؤخراً، وهو المُرسل من قبل الحوثي إلى المملكة، لإيصال رسالة ما، إلا لدليل على ذلك .. فلدى المملكة قدرة على التفاوض ولديها خبرة تراكمية في ذلك، والأهم انها خبيرة باليمنيين عموماً، والحوثي وسلوكه ومطالبه على وجه التحديد؛ وكما قيل بأنها قد استطاعت أن تقنع الحوثي بخارطة الطريق، فتوقف التوقيع بسبب تصعيد الحوثي وعسكرته للبحر الأحمر، بسبب ذلك تدخلت أمريكا لتؤخر مراسيم التوقيع.

بقي عليكم انتم في الشرعية اخي الرئيس أن تقدموا لها رؤيتكم ومطالبكم لتضمينها في خارطة الطريق فوق المرجعيات المعروفة المتفق عليها.. والسلام يتحقق برضا الحوثي أو بعصا المملكة والتحالف!

وصدقت أخي الرئيس، حين قلت أنه يوجد في المنطقة مشروعين؛ الأول تنمية ونهضة تقوده السعودية ومصر، والآخر تدميري فوضوي تقوده إيران عبر استعانتها بميليشيات مسلحة!؛ فالمشروع الأول كما اليد الذي تبني واليد التي تحمل السلاح، وهو بحاجة لقوة تحميه وتحمي مشاريع التنمية والنهضة، لا الخضوع لمزاج العصابات والميليشيات ومساومتها، أو التسليم بما تقوم به من إقلاق السكينة، وتهديد المنجزات والمشاريع المُقامة!.. يتبع..

(3)

وأستمر في مناقشة مقابلات الأخ الرئيس..
وكما أكدت يا فخامة الرئيس بأن الحوثي قد عسكر البحر الأحمر وجلب الأساطيل.. واعتقد انا، أنه في ذلك يحاول لفت أنظار العالم بوجوده، للتفاوض معه، والاعتراف به كقوة ودولة كأمر واقع، إذ يسعى ويحلم أن يكون هو البديل عن السلطة الشرعية.
وما قمتم به أخي الرئيس من الاعتذار وعدم الإشتراك في تحالف الإزدهار، لهو عين الصواب، نثني عليه.. وتسبيبكم يدلّ على التعامل بندّية مع الدول.. وعدم قبولكم فيه رسالة، بضرورة احترام السيادة الوطنية، وينبع من احترام الذات والدستور اليمني، ومن فهم واستيعاب للقوانين المحلية وقوانين البحار.. وكما قلتم فإن أمن البحر الأحمر ودوله مسؤولية دوله المشاطئة بدرجة أساس؛ وكلها لم تنخرط بذلك التحالف الذي شكلته أمريكا.. والأجمل والأصوب، ألا تقبلوا ان تكونوا فيه، حتى لا تكونوا ديكوراً أو مُشرّعين للتدخلات الخارجية كما قلت!؛
وتحليلكم وجِيّْه ويُحترم؛ من أن هجمات الحوثي، لم تخدم غزة، بل تخدم إيران التي تسعى للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي، وبشأن رفع العقوبات عنها، وإطلاق يدّها بوصفها لاعباً إقليمياً في المنطقة.. وهاهي البراهين، نشاهدها بأم العين، بالردّ والردّ المضاد، المحدود والمحسوب بين الكيان الصهيوني وايران.. وفي تقديري هو تفاوض وتثبيت معادلات بينهما، وربما بموجبه تحصل إيران على دور وسيطرة إقليمية ما، وقد تتقاسمان النفوذ في منطقتنا، في ظل الغياب المخزي للنظام العربي الرسمي.. وليست فلسطين والأقصى وغزة سوى شعار للاستهلاك..
وتلحظون انه بالمناوشات الحاصلة يستفيد الكيان الصهيوني في استعادة بعض التعاطف معه، بعد أن كان العالم قد لفظه لجرائمه وإبادته لغزة.. والخشية مما يتسرب من أن الرد المحدود جداً على إيران، هو مقابل سكوت أمريكا والغرب عما ينوي فعله برفح التي هي اخر مخزن بشري النازحين من كل غزة!؛ نسأل الله اللطف اهالينا في غزة وتمكين هم من دحر العدوان!
وفقاً لكل المعطيات المحيطة.. فالحوثي وايران والكيان الصهيوني وامريكا، جميعهم متخادمين كل منهم يخدم الأخر ويقويه ويمكنه، وكل هذا الإخراج برعاية وعناية أمريكية.. نسأل من الله، ارحم الراحمين أن يوقعهم جميعاً، لينتصر لأولئك الذين ظُلموا في غزة ودافعوا عن الكل العربي والإسلامي..
ونصيحة هنا أسديها لصناع القرار في دولنا العربية .. فأقول لهم أن عليهم أن يصحوا من سباتهم، وأن يحيّىوا تضامنهم ودفاعهم المشترك، وأن ينطلقوا من التحالف العربي الذي أسسوه للدفاع عن اليمن، فيوسعوه ويتطوروه ليكون مؤهلاً وجاهزاً للدفاع عن دولهم مصالحهم،وقبل فوات الآوان، حين لا ينفع الندم.. فعالم اليوم، هو عالم القوة، فالفوة وحدها هي التي تحمي المصالح، وتجعل بلدان العالم تحترمها!؛

ولقد أتضح للجميع من أن إيران لم تنتخي بردّها، انتقاماً لاستشهاد أكثر من اربعة وثلاثين الف انسان غزّي حتى الآن، وجرح ما يزيد عن ستة وسبعين الف فيها، ولا لصلف الصهاينة وتكبرهم واستمرارهم بالعدوان على غزّة منذ ما يزيد على ستة أشهر، حيث لا تزال الإبادة مستمرة، والمخططات موضوعة للمزيد!
وأثني عليك اخي الرئيس تفنييد سردّية الحوثي، وتبيان حقيقته.. فشكراً لكم حين أوضحتم الحقائق الدامغة، وأزلتم اللبس الذي التيس عند كثيرين من اليمنيين والعرب، من أن الحوثي وإيران مع غزة وضد الكيان الصهيوني..
ولمن يعتقد من أن الحوثي لم يستهدف البحر الأحمر إلا من اجل غزة، فقد أوضحتم بالتواريخ من أن استهدافاته وقرصنته البحرية، سابقة لانطلاق طوفان الأقصى وليست بعده، ولقد دللتم على ذلك باختطاف سفينة روابي الإماراتية التي لا تزال محتجزة لديهم، واستهدفاهم لموانئ شبوة وحضرموت واوقفوا تصدير النفط اليمني قبل ذلك !؛
على العالم ان يدرك ويعي استنتاجكم من أن الحوثي باختصار، ينفذ فقط تعليمات إيران، وايران لا يهمها غزة أو فلسطين، وإنما توظف كل ذلك لحسابها، فالحوثي مثله مثل الحشد الشعبي وحزب الله وكلهم يُدارون من غرفة الحرس الثوري لفيلق القدس في طهران!
وانظروا إلى عمق الطرح الاستراتيجي عند الأخ الرئيس.. انظروا لهذه المعادلة الإبداعية التي أدلى بها الأخ الرئيس، حين قال : " إن الميليشيات الحوثية ليست مشروع سلام.. والسلام لن يتحقق إلا باستعادة الدولة، واستعادة الدولة لن يأتي إلا بأن نكون قادرين ولدينا جيش قوي، وإمكانيات قوية تستطيع فعلاً أن تأتي بالميليشيات الحوثية إلى طاولة الحوار. ولن يأتي الحوثي إلى طاولة الحوار، وإلى المفاوضات، وإلى السلام، إلا إذا هُزم عسكرياً، والهزيمة العسكرية لن تأتي إلا إذا قضينا على قدراته العسكرية"..
كلام يدّل على أن صاحبه واسع المعرفة والاطلاع والإحاطة والتحليل المعمق، وأن الرئيس في هذا الطرح وفيّ لقسمه الذي أقسمه، وملتزم بدستور الجمهورية، ويعرف طريق النصر وكيفية تحقيقه.
وفقاً للمعادلة السابقة، فالرئيس يعمل بشتى الطرق والوسائل لإقناع الدول الكبرى المصدّرة للأسلحة بتزويد السلطة الشرعية المنضبطة والمسؤولة بما تحتاجه من سلاح لحماية المؤسسات والمنشآت والمكتسبات، والهدف الغائي لذلك، هو تقريب الحوثي إلى السلام، وبالتالي تحقيق الأمن والاستقرار لليمن وللمنطقة وللعالم، ولتوقيف حنفية الدم اليمني الزكيّ المسّْكوب بشكل يومي، عبر إنهاء الإنقلاب وإعادة مؤسسات الدولة للعمل وفقا للقوانين المحلية واحتراماً للقوانين والقرارات الدولية !
وبالمناسبة، فإن استهداف الحوثي للسفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فرصة لا تعوض، للسلطة الشرعية بأن ترفع صوتها وتذكّر العالم بأنها كانت في الموقف الصائب منذ البداية، ومن انها جفّ ريقها وبحّ صوتها، وهي تحذر من خطر الحوثي وإيران على اليمن والمنطقة والعالم، ولم يسمع لصوتها، إلى أن جاء استهداف البحار من قبل عصابة الحوثي .. وينبغي أن يرتفع هذا الصوت الأن، وألا يخلوا من تحميل المسؤولية للإدارة الامريكية، عمّا آلت إليه الأوضاع في بلادنا بسبب موقفها الضبابي المهادن للحوثيين والداعم لهم طوال المدة السابقة، حيث مارست ضغوطاتها الإحادية على السلطة الشرعية والتحالف، وهي غير محقّة في ذلك كما تعترف الآن؛ وبالتالي فالمفروض أن ينتزع منها الثمن على كل ذلك، وأوله ضرورة تغيير مواقفها واستزاتيجيتها التي كانت حاصلة، وضمان أن ذلك لن يتكرر، والبدء بخطوات ملموسة لدعم السلطة الشرعية ومؤسستها العسكرية والأمنية، من حيث التسليح والتدريب اللازمين!
وأرى أنه قد حان الوقت بمزج المقاربة العسكرية بالمقاربة السياسية، لأنه من المهم لكي يبنى سلام شامل وعادل ومصالحة حقيقية، من كسر شوكة الحوثي، ونزع سلاحه وجعل احتكار السلاح حصراً على مؤسسات الجيش والأمن في الدولة اليمنية، وحتى لا يتكرر من الحوثي أو من غيره فرض رأي فكري أو سياسي بقوة السلاح، بل بالتفاوض والحوار، وبالتالي عدم الإستقواء بدولة اخرى!
ينبغي أخي الرئيس بدل الرضوخ للضغوط، التحوّل لممارستها من قبلكم على الدول الإقليمية والدول الكبرى بضرورة تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالحالة اليمنية، خصوصاً القرار 2216، الذي كما قلت يا سيادة الرئيس، انه يعتبر بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة اليمنية!
ولا بأس أن تفعلوا كما فعل الحوثي، حينما فتح حواراً وتفاوضاً مع قائدة التحالف العربي المملكة العربية السعودية!؛ فلماذا لا تستفيدون أنتم أيضاً من التقارب الإيراني السعودي، وتفتحوا حواراً وتفاوضاً مع إيران بالتنسيق مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، خصوصا وأن القناعة الراسخة لديكم بأن الحوثي ما هو إلا أداة لإيران، وينفذ تعليماتها، فتفاوضوا مع الأصيل (المشغل)، وسيأتيكم الوكيل ذاعناً من دون عناء!
فإذا كان الحوثي يحاول أن يتهرب من عملية السلام بافتعال موقف مزيّفّ بدعم غزة كما ترون، وطالما أنتم مجلس سلام وحريصون جداً عليه، فما عليكم إلا أن تتفاوضوا وتحاوروا إيران، فقد تجلبون السلام لليمن وللمنطقة.. فمن يدري؟!.. وجمعتكم جميعاً مباركة..