آخر تحديث :الثلاثاء-26 نوفمبر 2024-12:49ص

مظاهر الاحتفالات الكهنوتية "اللادينية" لمحاولة طمس الوعي الوطني!

الجمعة - 13 سبتمبر 2024 - الساعة 12:49 ص

همدان الصبري
بقلم: همدان الصبري
- ارشيف الكاتب


يتساءل الكثير عن أسباب اهتمام الجماعة الكهنوتية السلالية البالغ في إقامة العديد من الاحتفالات والفعاليات، وكثافة استمراريتها على مدار السنة في مناطق سيطرتها، ويخلط البعض ويصبغ عليها مسمى "الاحتفالات الدينية". عند إمعان النظر في مفردتي "الاحتفالات الدينية أو الأعياد الدينية" فإن الجماعة الكهنوتية الظلامية لا تبرز مظاهر الاحتفالات بها ولا تهتم إطلاقًا بمضمونها، كون الأعياد الدينية المتفق عليها لدى جموع المسلمين هما عيدا الفطر والأضحى المباركين. ولكي نسمي الأشياء بمسمياتها، فإن الاحتفالات التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات من تلقاء أنفسهم في حدودها الضيقة، وتحت المظلة المذهبية، ودون أي توظيف أو استغلال، تسمى بـ: الاحتفالات المذهبية، أو الاحتفالات الفئوية، أو الاحتفالات الطائفية. أما الاحتفالات اللادينية التي تُفرض على منسوبي الدوائر الحكومية، ويُنهب فيها القطاع الخاص، ويتم فيها توظيف مقدرات الشعب (الذي تم تجويعه)، وتُستغل فيها أجهزة الدولة، فإن سياقاتها الوظيفية وأبعادها التدّجينية، توجب علينا تسميتها بـ: الاحتفالات السيالادينية، أو الاحتفالات التدّجينية أو الاحتفالات العكفوية، أو الاحتفالات الكهنوسلالية.

مما لا شك فيه أن الكهنوتية السلالية تدرك أهمية الخطاب الديني وتأثيره على الشعب اليمني، وتحاول تسويق وترويج وتكثيف الاحتفالات وتغليفها بغلاف ديني، وتمرير كل ما تريده لغسل ذهنية المتلقي العام ممن تحت سيطرتهم، ابتداءً من ذكرى الهجرة، وذكرى استشهاد الإمام الحسين، وذكرى استشهاد الإمام زيد، وذكر قدوم الإمام الهادي، والمولد النبوي، ومولد السيدة فاطمة، وجمعة رجب، ويوم الشهيد، وذكرى صريعهم (حسين)، وذكرى أبو صريعهم (أبو حسين)، وذكرى غزوة بدر، وذكر استشهاد الإمام علي، وذكرى الصرخة، ويوم الولاية (الغدير)، … إلخ من الاحتفالات -اللادينية- اللامتناهية.

والهدف من وراء كل تلك الاحتفالات المتدثرة بدثار ديني يتمثل بفلسفة تأطير نظرية الولاية (أي ولاية كهنة الآل)، الذي يصب في استئثار الشظايا والغرباء والدخلاء من كهنة الآل على الحكم والسلطة والثروة دون غيرهم، والذي يعمل بالمقابل على طمس "الوعي الوطني"؛ لإزالة أبسط مقوماته المتمثلة بحقوق أبناء الأرض في السلطة والثروة وحكم أنفسهم. كما أن الجماعة الكهنوتية السلالية تهدف كذلك لتحويل "الهوية الوطنية" إلى ما يطلقون عليها بـ "الهوية الإيمانية"، عبر إزالة الهوية الحضارية السبئية الحِميّرية، وإزاحة الهوية التاريخية اليمنية، واستئصال الهوية السياسية المرتبطة بالجمهورية اليمنية، واستبدال كل ذلك بهوية ثقافية دخيلة جديدة قائمة على مجموعة عقائد ومبادئ وخصائص مرتبطة بالخضوع والتسليم والخنوع والولاء المطلق لكهنة الآل!.

أما مبالغة الكهنوتية السلالية في الاحتفالات اللادينية، وحجم الضغوط التي تٌمارسه بحق من تحت سيطرتها للمشاركة بتلك الفعاليات، فذلك ضمن السياقات الوظيفية والأبعاد التدّجينية المتمثلة بـ التوظيف السياسي أمام المحيط الإقليمي والدولي، وتصوير أن تلك الجموع التي خرجت للاحتفال تمثل قواعدها الشعبية. إضافة إلى ذلك، تحاول الكهنوتية السلالية بشتى السبل الربط بين تلك الاحتفالات اللادينية وبين الاحتفاء بقائد جماعتهم "الحفيد النبوي" عبر رفع صوره فوق كافة مسميات تلك الاحتفالات؛ وذلك لتأصيل مبدأ التسليم والانقياد والخضوع لامتداد البعثة الإلهية. وعلاوة على ذلك، تتم الاستفادة من مواقيت تلك الاحتفالات باعتبارها مواسم لجني الثمار، وفصولًا لجباية الأموال من الأفراد والشركات والمؤسسات والبيوت التجارية وغيرهم، وبالإكراه!.

وعند مطالعة مضامين رسائل تلك الاحتفالات، ستجد أنها تحاول تأسيس إطار يرسم خطًا كهنوتيًا فاصلًا متتمثل بـ إما ولاية كهنة الآل وإلا فإن الولاء للشيطان في حال تم اختيار حاكم من أبناء الأرض. إلى جانب ذلك، يتم قولبة الشعب اليمني بأنه "شعب الإمام علي" وليسوا أحفاد سبأ وحِميّر، وتٌؤطر لعلاقة متعدية بأن "علي مع الحق، والحق مع علي، وعليه فإن الحق مع حفيد علي ومع كهنة الآل". كما أنها تكثف التركيز على أن الأمة لن تعلو كلمتها ولن يرتفع رأسها إلا إذا عادت -من جديد- لترفع يد الإمام علي كما رُفعت بيوم خم (أي أنه يتوجب رفع أيدي كهنة الآل وتسليم السلطة والثروة لهم لكي يصلح شأن الأمة)، وبأن الولاية بمكانة العمود الفقري لجسم الإسلام، وتعتبر امتداد للنبوة. علاوة على ذلك، فقد أصبح يطلق على "الجيش" في مضامين احتفالاتهم بـ مسمى الجيش المصطفوي (أي جيش كهنة الآل)، ولم يعد جيش الجمهورية اليمنية، وغيرها العديد من الرسائل المضللة المسمومة!.

أما رسائل خطاباتهم المضادة البسيطة لكل من لديهم "الوعي الوطني"، ممن لا يقبلون بمثل تلك الخزعبلات، ولا يستسيغون سراديب العبودية ولا متاهات الخنوع ولا كهوف التسليم، بأن أولئك منافقون ومرتزقة وعملاء وملحدون، وغيرها من أبشع التهم وأقذع الألفاظ!. لذا، ذعر الكهنوتية السلالية من "الوعي الوطني" ناتجًا من كونه يٌذيب ويمزق رسائل الاحتفالات اللادينية، بل أن "الوعي الوطني" يعني بسهولة انقراض وجود الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة.

ختامًا، يجب على جميع أبناء الشعب ممن يقعون تحت سيطرة الكهنوتية السلالية من رفع مستوى الوعي في محيطهم المجتمعي في إطاره الضيق والواسع بواسطة التحذير من الاحتفالات السيالادينية، والدعوة لمقاطعة الاحتفالات التدّجينية، ومقارعة الاحتفالات العكفوية، ومعاداة الاحتفالات الكهنوسلالية. شتان ما بين الاحتفالات التي تؤسس لرفع الوعي الوطني وتعمل على ترسيخ الهوية الوطنية وتحافظ على الهوية الحضارية السبئية الحِميّرية وتصون حقوق أبناء الأرض، وبين الاحتفالات اللادينية التي تحاول طمس كل الهويات الوطنية والتاريخية والحضارية، واستبدالها بهوية ثقافية دخيلة قائمة على الخضوع والتسليم والولاء المطلق لكهنة الآل، ومرتكزة على تدّجين عقول أبناء الشعب لسلب أبسط حقوقهم المتمثلة بحقه في السلطة والثروة وحكم نفسه!.