آخر تحديث :الثلاثاء-05 نوفمبر 2024-10:46م

خيارات الشعوب العربية: إضعاف أدوات إيران بأي ثمن

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - الساعة 01:24 ص

ياسر اليافعي
بقلم: ياسر اليافعي
- ارشيف الكاتب


منذ أن بدأت إيران تدخلاتها في المنطقة، ارتسمت خارطة الألم على وجوه الشعوب العربية، حيث تفاقمت معاناة الملايين نتيجة دعم طهران لميليشياتها وأدواتها.

حجم هذا الألم الذي ضرب العمق العربي جعل البعض يرى، في مفارقة مأساوية، أن وحشية إسرائيل تبدو أقل ضررًا مقارنة ببطش أدوات إيران، حتى أن البعض بات ينظر إلى التصعيد الإسرائيلي كخلاص لهم من تلك القوى المدمرة. ولا يحتاج الأمر إلى تساؤل عن السبب؛ فأدوات إيران هي السبب الرئيسي لكل هذا الدمار والتشريد، فهم من زرعوا بذور الفتن والطائفية، وهدموا أحلام الشعوب واستقرارها.

تقاطعت مسارات الألم والأمل لدى الكثيرين في المنطقة، ممن تجرعوا ويلات العنف والتشريد بسبب التدخلات الإيرانية وأدواتها في بلادهم. أولئك الذين بكوا يوم إعدام صدام حسين في عيدهم، اليوم لن يجدوا في رحيل نصرالله سوى مناسبة للفرح، فهو يوم يعتبرونه انتصارًا لهم بعد سنوات من القهر والدماء التي سفكت في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

في سوريا، الملايين ممن دُمرت منازلهم وهُجّروا، بينما كانت الهتافات الطائفية تعلو باسم حزب الله وإيران، يرون اليوم في تراجع قوة هذا الحزب نوعًا من الانتقام العادل لأحلامهم الضائعة تحت ركام الحرب. وفي اليمن، الذين عانوا من بطش الانقلاب الحوثي المدعوم من طهران وقتلوا أو شُرّدوا، يعتبرون ما يحدث لأدوات إيران عقابًا طال انتظاره.

أما في لبنان، البلد الذي فقد أمنه واستقراره بعد اغتيال رفيق الحريري، فالشعب اللبناني الذي يعيش اليوم في ظل انهيار اقتصادي وسياسي غير مسبوق، لن يحزن لما يجري في الضاحية الجنوبية، بل قد يرى في ذلك بداية لاستعادة وطنه من براثن الهيمنة والفساد.

وفي العراق، حيث دخلت أدوات إيران على ظهور الدبابات الأميركية وبتواطؤ إسرائيلي، وادّعوا النصر، ليفتحوا باب الفتن والصراعات الطائفية، فإن من فقد الاستقرار والكرامة تحت حكمهم يرى اليوم في سقوطهم فرصة للشفاء من جراح الماضي وآلامه.

الأحداث الجارية اليوم بنظر ضحايا إيران وأدواتها هي صورة من العدالة التاريخية التي طالما حلمت بها شعوب المنطقة، وهي انتفاضة ضد من عبثوا بأقدارها، ومن سخّروا مقدراتها لخدمة مصالح خارجية.

إن حجم الوجع والقهر الذي أصاب الكثير من العرب، سواء كانوا سنة أو مسيحيين، جراء تدخلات إيران وأدواتها، دفعهم إلى تركيز جهودهم على كيفية إضعاف هذه الأدوات بأي ثمن، دون الالتفات كثيرًا إلى المآلات القادمة. فقد باتوا يظنون أن ما ينتظرهم، مهما كان مجهولاً، لن يكون أسوأ مما عاشوه خلال السنوات الماضية من قتل وتهجير ونزوح وظلم. فقد بلغت معاناتهم حدًّا جعلهم يتطلعون إلى أي تغيير يمكن أن يخلصهم من قبضة هذه الميليشيات الطائفية التي عبثت بأقدارهم وأحلامهم، وجعلت حياتهم جحيمًا مستمرًا.

نقلا عن جريدة العرب اللندنية