آخر تحديث :الإثنين-30 ديسمبر 2024-08:54م

العلمانية..

الخميس - 03 أكتوبر 2024 - الساعة 12:17 ص

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


يبدو أن التاريخ سوف يعيد نفسه.
لقد دخلنا حروبًا وانهيارات، ويبدو أننا سوف نكمل حروب الثلاثين عامًا، وربما زدنا عليها ثلاثين أخرى، من يدري؟ حتى يستوعب الوعي العربي أن المسألة محسومة ولا بد أن تكون كذلك نحو العلمانية.

لقد رفعنا هذا الصوت كثيرًا، سابقًا والآن، وسوف نظل نرفع:
العلمانية ليست ترفًا، بل ضرورة مُلحّة.
إن لم نتبنّ العلمانية كنظام حاكم، سنبقى ندور في حلقة مفرغة من الصراعات، وستستمر المنطقة في طَحن نفسها بين السنة والشيعة، وحتى بين الطوائف والمذاهب المختلفة داخل كل تيار.

افهموا يا خلق (الله)، افهموا يا مسلمين:
العلمانية ليست ضد الدين،
ولن تكون كذلك.
بل هي الضامن لحرية كل فرد في ممارسة عقيدته دون تدخل.
دينك لك، هو جزء من قناعتك الشخصية، وعلاقتك بخالقك محلها قلبك وفكرك. لا يمكن لأي كان أن يتدخل في ذلك. لكن الدولة شيء مختلف. الدولة ليست لك وحدك، وليست لي وحدي، إنها لجميع المواطنين باختلاف معتقداتهم وتوجهاتهم.

الدولة ليست امتدادًا لعقيدتك أو عقيدة حمادي، إنها كيان محايد يُفترض أن يضمن حقوقنا جميعًا، بغض النظر عن الأديان والأيديولوجيات.
الدولة مساحتنا المشتركة، يلتقي فيها الجميع على أساس المواطنة والحقوق والواجبات، وليست ميدانًا لتصفية الحسابات الدينية أو الأيديولوجية.

لذلك، الوصول إلى العلمانية هو اللبنة الأهم في طريق إنجاز الدولة التي تحمي حقك في أن تكون مؤمنًا أو غير مؤمن، متدينًا أو علمانيًا، دون أن يفرض عليك أحد أي نوع من الوصاية. وبهذا الشكل، يصبح الإيمان بالإله علاقة شخصية خالصة، وحرية العبادة ممارسة شخصية، لا يمكن لأحد أن ينتهكها أو يُخضعها لسلطة.

ما لم نُدرك هذه الحقيقة، سنظل ندور في دائرة التخلف. سنُدار من الخارج، ونتصارع داخليًا، بينما يتقدم العالم من حولنا. العلمانية هي الضامن الوحيد لتعددية حقيقية ومستقرة، وضمانة لحرية الفكر والمعتقد.

فلننظر إلى العلمانية كجسر نحو المستقبل، لا كعدو يتربص بنا. من دونها، لن نحقق أبدًا دولة المواطنة والعدالة التي ننشدها جميعًا.