صدمت الليلة بوفاة طالبي النجيب صالح الناخبي الف رحمة ونور تغشاه وعظم الله أجر الجميع. عرفته أول ما عرفته عبر وسائط الفضاء الافتراضي. وفي عام 2017م طلب مني رئيس قسم الفلسفة والعلوم الاجتماعية في كلية التربية العليا بجامعة عدن ، الزميل الدكتور فضل الربيعي تدرس طلبة الدراسات العليا في القسم مادة سوسيولوجيا العلوم الاجتماعية أو علم أجتماع العلم كما اتذكر. ذهبت إلى هناك فوجدت خمسة طلابا ثلاثة صالح الناخبي أحدهم وطالبتين هن منى العزاني وندى الحالمي إذ لم تخني الذاكرة. عرفت نفسي لهم في مستهل المحاضرة وطلبت منهم كتابة تعريف عن انفسهم إذ اعتدت تخصيص نصف المحاضرة الأولى مع طلاب كل دفعة جديدة للتعارف الشخصي واطلب من كل طالب أو طالبة أن يكتب تعريفا مختصرا عن ذاته ولذاته بورقة بياض، تشتمل على الأسم والمواهب والاهتمامات والقراءات والكتابات وفلسفته في الحياة دون الإشارة الى مكان المولد والهويات والمرجعيات التقليدية المختلفة . من كتابات الطلاب والطالبات التعريفية بذواتهم، كنت أحاول التعرف عليهم بصورة أولية. إذ أن الخط وطريقة الكتابة وسلامة اللغة والقدرة على التعبير واسماء الكتب الذي تمكنوا من قرأتها وفلسفتهم في الحياة .الخ. كانت تلك الورقة التعريفية بالنسبة لي معالم طريق لمعرفة شخصيات وممكنات الأشخاص الذين / التن/ يتعين عليا العمل معه طول عام دراسي كامل وربما أعوام كثيرة اخرى؛ إذ تعنى لي الشيء الكثير لمعرفة طلابي وطالبات فضلا عن ما تحدثه هذه الوسيلة التعليمية من عصف ذهني في عقولهم التي يستفزها سؤال مواجهة الذات ربما للمرة الأول في حياتهم. من أنا؟ وماذا أعرف؟ وما هي فلسفتي في الحياة؟ وكيف اعبر للأستاذ عن ذاتي ؟ اسئلة تبدو بسيطة ولكنها فاعلة في تحريك المياه الراكدة. اطلعت على أوراقهم التعريفية اولا بأول كان صالح الناخبي أكبرهم سناً ربما من مواليد سبعينيات القرن الماضي وأكثرهم خبرة. رجل أربعين نحيل القامة لا تفارقه الابتسامة ويبدو أنه يحمل أسرار وخفايا سياسية
أكبر من سنه. علمت فيما بعد أنه كان قياديا ميدانيا مهما في الحراك السلمي الجنوبي فضلا عن نشاطه الإعلامي والأدبي الذي كان اشبه من ذر الرماد على العيون لمهامه التنظيمية الحقيقية الخطر في ظل القبضة الأمنية الحديدية للعصابة العفاشية في عدن. حدثني أنه يعيل اسرة كبيرة ورغم ظروفه القاسية أصر على استكمال دراسته الجامعية والعليا بغض فهم المجتمع والسلوك الاجتماعي. كانت خبرته في العمل بين الناس تمنحه تغذية راجعه حينما يستمع للمحاضرات التي تتصل بالمجتمع والعلاقات الاجتماعية والقيم والانساق الثقافية. كان يحرص على حضور المحاضرات لغرض المزيد من فهم المجتمع ردود افعاله بغرض الوصول إلى انسب الطرق للتفاعل معه وتنميته. بعد أن غادرت عدن لا اعرف هل انجز رسالة الماجستر والدكتوراه التي كان يحلم بانجازها ولكنني أعرف أنه كتب أشياء كثيرة جدا تستحق الجمع والتوثيق في كتب يحمل اسمه. وهذا هو أقل ما يمكن فعله تجاه شخص منح وطنه كل جهده وحياته. نسأله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وفسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وأن لله وأنا اليه راجعون.