الأخلاق تتجاوز الأديان: دعوة لاحترام الجميع بعيدًا عن التمييز الديني
ما زلنا نواجه فكرة مغلوطة منتشرة بين بعض الأفراد، وهي الادعاء بأن الأخلاق وقيم الفضيلة لا يمكن أن توجد إلا في دين معين، وتحديدًا الإسلام.
وكما قالوا ليس هناك دين آخر غير الإسلام، مشيرين إلى أن بقية الأديان ما هي إلا شرائع فقط، (والشريعة تعني الجانب القانوني أو مجموعة الأحكام فقط من الدين)، قالوا أيضًا: لا توجد أخلاق حميدة ولا فضيلة إلا في الإسلام فقط.
وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.
يعتقد البعض أنه لا يمكن الاعتراف بوجود أخلاق صادقة وفضائل حقيقية في الثقافات والأديان الأخرى، بل حتى بين غير المتدينين، إذ يرون أن الأخلاق الإنسانية ذات القيمة مقصورة على الإسلام وحده.
تصور من هذا النوع لا يتوافق مع الحقيقة بأي شكل من الأشكال، إذ إن الأخلاق هي قيم إنسانية تتجاوز الحدود الدينية وتظل قائمة كركائز محورية في جميع الثقافات.
القيم الأخلاقية أساس العلاقات الإنسانية، وهي التي تشكل نسيج المجتمعات المتحضرة منذ الأزل.
لا يمكن إنكار أن جميع الأديان الكبرى تضمنت مبادئ تحث على الصدق والعدل والرحمة، وهذا ينطبق على اليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها.
والوصايا العشر في التوراة معروفة.
وعلاوة على ذلك، نجد حتى اللا دينيين يلتزمون أيضًا بأخلاقيات رفيعة تجعل منهم أشخاصًا متميزين بأمانتهم وتعاطفهم واحترامهم للآخرين.
أكثر من ذلك، حصر الأخلاق في دين معين هو تجاهل للتنوع البشري وإلغاء للتجارب الإنسانية التي أثبتت أن الأخلاق هي نتاج مجتمع يحرص على القيم النبيلة ويعززها من خلال التربية والتعليم، بصرف النظر عن الدين.
في المجتمعات الإنسانية، الشخص هو من يجسد الأخلاق، لا مجرد انتمائه لدين معين. فإذا كان سلوك الفرد لا يعكس القيم الإنسانية الأساسية، فلا يحق له الادعاء بامتلاك الأخلاق أو التفوق على الآخرين لمجرد انتمائه.
الانتماء للدين ليس دليلًا كافيًا على الأخلاق، إنما ما يبرهن على هذه الأخلاق هو تعامل الفرد مع من حوله بصدق واحترام ووفاء.
ومن هنا تأتي ضرورة احترام الآخرين وفهمهم؛ فلا يوجد إنسان أفضل من غيره لمجرد الانتماء الديني.
التفوق الأخلاقي لا يُمنح بناءً على الدين، بل يتحقق من خلال التصرف والإنجاز.
وكلنا نحتاج إلى تعلم احترام التنوع وتقدير الفضائل الأخلاقية لدى الجميع، بصرف النظر عن خلفياتهم الثقافية والدينية.
لا ننسى أبدًا أن الأخلاق والقيم الإنسانية هي إرث مشترك بين جميع البشر، ولا ينبغي أن نحصرها في دين أو ثقافة.
والعالم الذي نحلم به هو عالم قائم على الاحترام المتبادل، حيث يُحكم على الناس بأفعالهم وسلوكهم، لا بانتماءاتهم.