آخر تحديث :الإثنين-05 مايو 2025-12:14ص

أليس فيهم رجل يقول: "نحن أصحاب الأرض والقرار لنا."؟

الأربعاء - 23 أبريل 2025 - الساعة 06:29 م

صالح ابوعوذل
بقلم: صالح ابوعوذل
- ارشيف الكاتب


يحكي لي أحدهم – وما أكثر الحكّايين – أن جنوبيًا أنيقًا، لبس بدلة زرقاء فاقعة، تسرّ الناظرين وتفقأ عين كل أعمى يزعم أنه صاحب ذوق. شق طريقه نحو مقر فخامة الرئيس رشاد العليمي، حاملاً كشفًا بأسماء ضباط جنوبيين، طالبًا استيعابهم في قوات "درع الوطن".


لكن الرئيس، وبكل رصانة، قال له: "لا شكرًا، جيشي مش ناقص ألوان"؛ بلا تأويل.


والحقيقة؟ من حقه يرفض. فهو ليس رئيسًا جاء من الشارع، بل "رئيس مُعيَّن من قِبل الشقيقة الكبرى" – تلك التي باتت تشبه فتاة جميلة يخطب العالم ودّها، ونحن نحاول إقناعها أن "عندنا شنب"، كما علّق الصديق سالم سويلم  على أحد منشوراتي مؤخرًا.


وأنا أستمع للقصة، تذكرت مذكرات دبلوماسي لبناني عاش في عدن إبان زمن الرفاق، وقد نقل عن رفيق جنوبي قولًا خالدًا عن أحدهم: "أزحنا من قدامه رئيسين، لكنه مش حق حكم"؛ انقلابان داميان من أجل أن يحكم "الرفيق"، الذي تبيّن لاحقًا أنه لم يكن قدّ المسؤولية.


واليوم؟ نفس النسخة، مع تحديثات سطحية. رفاق الأمس صاروا "مراسلين" على أبواب المكاتب، يبنون علاقات عامة مع سكرتير الرئيس بدلًا من بناء دولة، ويتفحصون جداول المواعيد علّهم يحظون بدقيقة شفقة.


يا جماعة، الجنوب تحرر قبل أكثر من عقد، لكن العقلية ما زالت أسيرة. بدلًا من أن يكون لنا قرار، صرنا نُقبّل الأيادي، نرجو من الرئيس المفترض "هبة" أو "وظيفة" أو حتى صورة تذكارية في صالونه!.


أليس فيهم رجل يقول: "نحن أصحاب الأرض، والقرار لنا."؟.

لن يضربهم أحد من الأشقاء إن فعلوا، لكن الكرامة تحتاج وقتًا، وهم مشغولون في "إعادة إرسال" السيرة الذاتية كل خميس.


الأسوأ من كل هذا؟ أن كثيرين يلقون باللائمة على السعودية، وكأنها اقتحمت الجنوب، واختطفت أحلام أهله، وفرضت العليمي بالقوة.

لا يا سادة، أنتم من جلس القرفصاء وانتظر التفضُّل، أنتم من جعل "الطلب" هو القضية، و"الموعد" هو النصر، و"المنصب" هو الخلاص.

لو كانت السعودية تفرض رؤساء، لما غضّت الطرف عن إزاحة هادي، بالحديد والنار.


قبل أيام، خرج علينا وزير الخدمة المدنية الجنوبي يتحدث عن القضية الجنوبية وكأنه تشي جيفارا، بينما أقرب الناس إليه ما وجدوا حتى وظيفة "ناسخ آلي".

كنت سأعلّق، لكنّي احترمت نفسي. وإن كتب مرة أخرى، فسأرجوه أن يتوقف عن التنظير، لأنه وزير صاحب قرار، لا ناشط في فيسبوك. فللتنظير فرسانه، وعلى رأسهم الأستاذ محمد مظفر والأستاذ صلاح السقلدي، ناقدان لا يُشق لهما غبار.


أما وزير النقل، فهو فوق الانتقاد بامتار – لكن نصيحة من القلب: لا تُحوّل نفسك إلى نسخة مكررة من عبدالله بن حسين الأحمر. دع الناس تعمل، وفتّش عن باص المطار الذي سُرق في وضح النهار.


أما وزير العدل السابق؟ فنرفع له القبعة... وظّف العشرات من أبناء قريته، وعيّن ابنه مسؤولًا في هيئة الاتصالات بعدن.

نعم، التمريرات مناطقية، لكن الرجل شجاع، فهم أن الوزارة ليست للتنظير، بل للتمرير – وهذه شجاعة نادرة في زمن "المراسلين السياسيين".


#صالح_أبوعوذل