كشف جهات دولية وأممية حقيقة الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه ملايين اليمنيين، في ظل استمرار الأزمة وتعنت ميليشيا الحوثي الإيرانية ورفضها الجنوح للسلام وإنهاء الحرب التي تشنها ضد المدنيين منذ نحو 10 أعوام.
ويقول البنك الدولي في تقرير حديث له، إن اليمن شهدت زيادة قدرها أكثر من مليون شخص إضافي يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في عام 2024 مقارنة بالعام السابق.
وأضاف التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن، ارتفع بنسبة 6% بين عامي 2023 و2024، وذلك لعدة عوامل بما فيها تزايد حدة الصراع والصدمات المرتبطة بالمناخ، مثل الجفاف والفيضانات.
ونوه البنك الدولي إلى أن تكلفة سلة الغذاء ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة انخفاض قيمة العملة، ونقص القدرة الشرائية، وارتفاع تكاليف الوقود والمدخلات الزراعية في المناطق الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، جعلت "الغذاء غير ميسور التكلفة بالنسبة للعديد من شرائح السكان، خاصة الأكثر ضعفاً".
وأكد أن انعدام الأمن في البحر الأحمر، أدى إلى محدودية توافر الغذاء وارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أنه ولذلك السبب إلى جانب نقص فرص العمل والصدمات المناخية، فإنه من المتوقع أن يواجه 24 في المائة من السكان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المستوى 3 و 4 من التصنيف المتكامل للبراءات) في الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2024.
تصريح البنك الدولي تزامن مع تأكيد جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، بشأن المجاعة التي أصبحت صورتها في اليمن قاتمة في ظل مستقبل الأمن الغذائي في هذا البلد. وقالت المنظمة الأممية إن اليمن سيظل في المراكز الأولى لقائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية حتى الربع الأول من العام المقبل.
ووفق شبكة الإنذار المبكر المعنية بالمجاعة، فإن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن سوف تستمر دون أي تحسن. وقالت الشبكة إنه من المتوقع أن يحتل اليمن المركز الثاني في قائمة 31 بلداً تغطيها الشبكة، في معدل عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية وإنسانية عاجلة بحلول شهر أبريل (نيسان) 2025، بعد السودان، وتليهما الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وإثيوبيا.
وسيظل عدد اليمنيين الذين بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية إنسانية في مارس (آذار) المقبل، عند حدود 19 مليون شخص، وهو ما يعني أن أكثر من 55 في المائة من السكان بحاجة إلى هذه المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب التقرير.
ونبهت الشبكة إلى أن استمرار الظروف الاقتصادية السيئة وفرص كسب الدخل المحدودة على مستوى البلاد، سيؤديان إلى انتشار واسع النطاق لانعدام الأمن الغذائي على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي)، أو نتائج أسوأ في معظم المحافظات.
وأكدت أن أسرة واحدة على الأقل من بين كل 5 أسر تواجه فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء، مصحوبة بسوء تغذية حاد مرتفع أو أعلى من المعتاد.
فجوات شديدة
وطبقاً لما أكدته شبكة الإنذار المبكر من المجاعة، فإنه في حال استمر برنامج الأغذية العالمي في توقيف توزيع المساعدات الغذائية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في شمال اليمن، فإن "السيناريو الأكثر ترجيحاً" أن تظل هذه المناطق تعاني من تفاقم حاد لأزمة انعدام الأمن الغذائي على مستوى الطوارئ (المرحلة الرابعة) حتى أبريل (نيسان) المقبل.
وأظهرت البيانات أن أسرة واحدة من كل 5 أسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ستواجه فجوات شديدة في استهلاك الغذاء تؤدي إلى سوء تغذية حاد شديد أو زيادة في الوفيات، طوال فترة التوقع.
وأكدت أن العدد الإجمالي للمحتاجين للمساعدات الغذائية في البلدان التي تخضع لمراقبة شبكة الإنذار المبكر للمجاعة، يتراوح بين 130 و140 مليون شخص، وأن 10 في المائة من هذا العدد يتركز بشكل أساسي في السودان واليمن والكونغو الديمقراطية.
عواقب وخيمة
أكدت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية أن الفيضانات التي نتجت عن الأمطار الغزيرة في أغسطس (آب) الماضي، خلال ذروة موسم الخريف في اليمن، ألحقت أضراراً جسيمة بالمجتمعات الزراعية في المرتفعات الغربية والمناطق المنخفضة. وأوضحت أن اليمن يواجه عواقب وخيمة على الأمن الغذائي والاقتصاد بشكل عام بسبب الأضرار الناجمة عن الفيضانات.
وبحسب التقرير، فإن المنطقة المتضررة من الفيضانات تبلغ 341.296 هكتاراً، بينما كان تأثير الفيضانات في المناطق الحضرية والريفية (مناطق الاستيطان) بمساحة 217 هكتاراً.
وبلغ عدد السكان المتضررين بشكل مباشر 210.084 فرداً. وتم تحديد الأراضي الزراعية المتضررة بمساحة 98.726 هكتاراً، بما في ذلك المحاصيل العشبية، والمحاصيل الشجرية، والبساتين، وأشجار النخيل.
وبشأن تأثير الثروة الحيوانية، تضرر 279.400 من الأغنام والماعز، كما طالت الأضرار الجسيمة البنية التحتية مثل قنوات الري ومرافق تخزين المياه، مما أعاق جهود التعافي.
وتوقعت المنظمة الأممية أن يؤدي فقدان المحاصيل وانخفاض الدخل الزراعي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحالي في اليمن، وهو أمر بالغ الأهمية بالفعل بسبب الصراع المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي.