أوقد الإعلان في عدن عن تشكيل قوى وأحزاب سياسية يمنية لتكتّل سياسي موسّع شرارة خلاف جديد بين الشرعية وشريكها الرئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي عبّر بوضوح عن ارتيابه من تشكيل التكتّل الجديد، وذهبت شخصيات من داخله حدّ التلويح مجدّدا بخيار فضّ الشراكة التي لم تخل أبدا من مشاكل ولم ترتق إلى مستوى الثقة الكاملة بين الطرفين.
وقال ناصر الخبجي رئيس وحدة شؤون المفاوضات بالمجلس إن “التكتل الوطني ليس له هدف سوى استهداف قضية شعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي، ويشكل خطرا على جدار التوافق والشراكة”.
ويشير الخبجي بذلك إلى التكتّل الذي أعلن يوم الثلاثاء عن تشكيله من واحد وعشرين حزبا ومكوّنا سياسيا متعدّدة التوجهات والمشارب الفكرية والأيديولوجية من بينها حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وذلك بهدف “استعادة الدولة اليمنية وتوحيد القوى الوطنية في مواجهة التمرد والانقلاب” الحوثي، وفقا لما ورد في البيان التأسيسي للتكتّل.
وأعلن الانتقالي رفضه الدخول في التكتّل الجديد عبر بيان قال فيه إنّه تابع مخرجات ما سُمي بالتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية والذي أعلن عن تشكيله بمشاركة عدد من المكونات والشخصيات السياسية الداعمة لما يسمى بمشروع اليمن الاتحادي.
وذكّر الانتقالي في بيانه بأنّه يقود من خلال الميثاق الوطني الجنوبي تكتلا سياسيا يسعى لتحقيق أهداف وتطلعات شعب الجنوب المتمثلة في استعادة الجنوب دولة وهوية، ومستعدّ للحوار ومناقشة أي جهود لمواجهة خطر ومهددات ميليشيا الحوثي.
وأضاف البيان “إذ يجدد المجلس الانتقالي الجنوبي تأكيده بأنه غير مشارك في هذا التكتل، وتذكيره بواقع وجود حالتين سياسيتين متمايزتين لكل منهما شعب وهوية وتطلعات، تستدعيان عدم التأثير على أي منهما سياسيا، فإنه يُعلن عدم التزامه بأي مخرجات أو نتائج ليس مشاركا فيها، أو غير موافق عليها”.
وختم بالقول “ينتهز المجلس الانتقالي المناسبة للتشديد على ضرورة احترام الجميع للالتزامات الواردة في اتفاق الرياض والبيان الختامي للمشاورات التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي، والحرص على تماسك الشراكة القائمة، المتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي، والهيئات المساندة، وحكومة المناصفة بين الجنوب والشمال”.
وينظر الانتقالي الجنوبي الساعي لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة إلى تكتّل الأحزاب باعتباره كيانا موازيا وشريكا للشرعية اليمنية خلال المرحلة المقبلة التي قد تكون مرحلة تمرير اتفاق سياسي مع الحوثيين بشأن حل سلمي للصراع لا يتضمّن تحقيق مطلب تأسيس الدولة المذكورة.
وأكّد الخبجي في تعليق عبر موقع إكس أن “المضي قدما في هذا المسار (التجاوز على الانتقالي ومشروعه) لا يعني سوى بداية النهاية للشراكة (مع الشرعية) مما سيؤدي حتما إلى سقوط الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي والهيئات المساندة”.
كما حذّر من أنّ “الاستمرار في تجاهل مبادئ التوافق يهدد بنسف المكتسبات السياسية ويعرض مسيرة الاستقرار للخطر، ويفتح الباب أمام فوضى قد تعصف بما تحقق من مكاسب وتحالفات لمواجهة ميليشيا الحوثي”.
وإلى جانب الموقف السلبي للانتقالي الجنوبي من تشكيل “التكتّل الوطني” واجهت الخطوةَ اعتراضاتُ العديد من الشخصيات والقوى الجنوبية.
وأصدر مجلس عدن الوطني بيانا انتقد فيه السماح بإشهار التكتّل الجديد في العاصمة عدن التي قال إنّ أبناءها يعانون من أسوأ كارثة إنسانية، معبّرا عن “استغرابه من أن تأتي شخوص تقيم في خارج الوطن منذ أكثر من عقد من الزمن وتمتلك عقارات وأرصدة في البنوك الخارجية، إضافة إلى رواتب بالعملة الصعبة وتدعي أنها مكونات وطنية”.
وفي المقابل رفعت الشخصيات والقوى المساندة للتكتل من سقف الطموحات من وراء إنشائه. وقال رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك “إننا ننظر لهذا التكتل كصوت جديد ورؤية متجددة وأداة للتغيير البنّاء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي”.
ولا تبدو مثل تلك الأهداف متناسقة مع الأوضاع الحقيقية للغالبية العظمى من الأحزاب اليمنية التي تراجع دورها بشكل كبير وتقلّصت قواعدها الشعبية ولم يعد لها أي حضور يذكر على الأرض وبين فئات المجتمع.