آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-09:26م

ملفات


بعيدا عن القوة العسكرية.. كيف تنجح الحكومة الأمريكية القادمة؟

بعيدا عن القوة العسكرية.. كيف تنجح الحكومة الأمريكية القادمة؟

السبت - 27 أغسطس 2016 - 09:21 ص بتوقيت عدن

- نافذة اليمن | فورين أفيرز:

تقوم الإدارة المقبلة بأخذ زمام السياسة الخارجية الأمريكية في عالم أصبح أكثر تعقيدًا مما كان عليه في أي وقت في تاريخنا الحديث، بما في ذلك سنوات الحرب الباردة والسنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر، ولكن على الرغم من انتشار التهديدات والتحديات – بعضها قديم وبعضها جديد – فقد أصبحنا أقوى وأكثر أمنًا اليوم مما كنا عليه عندما تولى الرئيس باراك أوباما منصبه في يناير/ كانون الثاني عام 2009، ونظرًا لاستثماراتنا داخل الوطن والانخراط في الخارج، تستعد الولايات المتحدة لأن تبقى قوة بارزة في العالم لعقود قادمة، وخلال أكثر من 40 عامًا في الخدمة العامة، لم أكن يومًا متفائلاً حول مستقبل أمريكا إلا إذا استمرينا في القيادة.

أسس السلطة

منذ البداية، قامت إدارتنا بالاسترشاد بالاعتقاد القائل إن أسس القيادة العالمية للولايات المتحدة تكمن أولاً وقبل كل شيء في امتلاكنا لاقتصاد ديناميكي، وجيش منقطع النظير، واحتفاظنا بالقيم العالمية، ولقد بنينا هذه القوة الأساسية من خلال توسيع وتحديث شبكة الولايات المتحدة، من التحالفات والشراكات التي لا مثيل لها، ودمجها ضمن نظام دولي واسع من القواعد والمؤسسات.

وقد سعت الحكومة – لأول مرة – بعد أن ورثنا ركودًا اقتصاديًا عميقًا لتوجيه الاقتصاد من الانهيار لطريق التعافي الشاق، وفي القيام بذلك، إعادة لمكانتنا كما كانت من قبل كأقوى وأكبر اقتصاد والأكثر ابتكارًا في العالم والذي تدعمه سيادة القانون، وأرقى جامعات الأبحاث، والثقافة التي لا مثيل لها في ريادة الأعمال، وقد جعلت الاستثمارات الذكية إلى جانب براعة أمريكا، الولايات المتحدة مركزًا لثورة الطاقة العالمية، سواء في مصادر الطاقة المتجددة أو الوقود الأحفوري.

ونحن نشهد الآن نتائج نمو الاقتصاد في الوظائف المستديمة، والتحول من الاستعانة بمصادر خارجية للاستعانة بمصادر داخلية، وتجديد الإجماع مرة أخرى على أن الولايات المتحدة هي أفضل مكان للشركات للاستثمار في جميع أنحاء العالم، مع شركة أيه تي كيرني الاستثمارية، والتي حازت لمدة أربع سنوات على التوالي على كونها الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر.

ووجود اقتصاد حيوي هو أمر ضروري لدعم جيشنا الذي لا مثيل له، ونستمر في التفوق على منافسينا، والإنفاق بشكل عام على دفاعنا ضد الدول الثماني القادمة، ونمتلك القوات البرية الأكثر قدرة في تاريخ العالم، والتي لديها قدرة لا مثيل لها في إبراز قوة بحرية وجوية في أي ركن من أركان العالم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى جهودنا لتعزيز قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وتعزيز الفضاء الإلكتروني لدينا وفضاء القدرات، والاستثمار في النظم الآلية وغيرها من التكنولوجيات التي تعمل على تغيير قواعد اللعبة، ونحن الآن في وضع جيد للحفاظ على تفوقنا النوعي لسنوات قادمة.

وهذا هو جزء من الدفاع الطبقي الذي نما بشكل أقوى مع تركيزنا القوي على أمن الوطن، مما يجعل حدودنا أكثر أمنًا، ويقوم بتحسين الأمن وعمليات التفتيش في الموانئ، وتعزيز إجراءات الفحص في المطارات وتقوم الاستخبارات والخبراء في تنفيذ القانون بالتنسيق فيما بينهما أو مع شركاء آخرين في جميع أنحاء العالم، بمستوى لم يسبق له مثيل من قبل؛ لإحباط عدد لا يحصى من الأشخاص المتوقع أن يكونوا مهاجمين، ويقوم شركاؤنا الآن وبمساعدة الولايات المتحدة بالفحص الدقيق من خلال تبادل مزيد من المعلومات، مثل سجلات الركاب، وتعزيز الأمن مع حماية الحريات المدنية.

وهذا يتحدث عن واقع آخر؛ فإن قوة أمريكا العظيمة ليست مثالاً لقوتنا ولكن قوة لمثالنا، فتمسكنا بقيمنا والتزامنا بالتسامح الذي يميزنا عن القوى العظمى الأخرى هو الأمر المهم أكثر من أي شيء آخر، وليس لدي أي شك في أن الأجيال القادمة من الأمريكيين سوف يكونون فخورين بالطريقة التي قمنا فيها بالتضاعف على مدار سبع سنوات ونصف السنة الماضية لدعم كرامة الإنسان الأساسية عن طريق حظر التعذيب، داعين إلى نظام هجرة أكثر استنارة، وتوسيع الفرص المتاحة للمرأة، والدفاع عن حقوق مجتمع المثليين في الداخل والخارج.

وليس هذا فقط هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، بل ينبغي أيضًا وجود الاستراتيجية الصحيحة، لأن التزامنا بالدفاع عن أفضل ما فينا يلهم الآخرين على الوقوف معنا، ووجود شبكة لا مثيل لها من الحلفاء والشركاء – في تحالفاتنا الديمقراطية الأساسية في أوروبا وآسيا أو الشراكات المتنامية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط – هو أمر حيوي لمضاعفة قدرتنا على القيادة، وأنه كيف نقوم بتعبئة العمل الجماعي للتصدي لأي تحدي كبير، من الدولة الإسلامية (أو داعش) إلى الأيبولا وحتى تغيرات المناخ.

ويقوم “نقد التزامنا” بتعزيز نظام دولي مفتوح، وتبني نهج يجتاز اختبار الزمن الذي عمل على صعود أمريكا في القرن الماضي، وقد قامت الولايات المتحدة ببناء الهندسة المعمارية الأساسية للنظام الدولي بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وخدمنا العالم بشكل جيد منذ ذلك الحين، وهذا هو السبب في أننا استثمرنا الكثير من الطاقة في الدفاع وتوسيع قواعد الطريق، وتوقيع السيطرة ومنع انتشار الأسلحة النووية باتفاقيات الأسلحة التاريخية وقيادة الجهود العالمية لتأمين المواد النووية، وتوسيع التجارة، وحماية البيئة، وتعزيز قواعد جديدة للتصدي للتحديات الناشئة في عرض البحر وعلى شبكة الإنترنت.

ونتيجة لذلك، فإنه ليس هناك بلد أفضل وضعًا من الولايات المتحدة للقيادة في القرن الحادي والعشرين، ولكن يجدر بنا أن نتذكر أن دورنا الذي لا غنى عنه في العالم ليس أمرًا حتميًا، وإذا اختارت الإدارة المقبلة الانغلاق على الذات، فيمكنها أن تهدر هذا التقدم الذي قمنا بها بشق الأنفس ليس فقط على مدى سبع سنوات ونصف السنة الماضية، ولكن أيضًا على مدى العقود السبعة الماضية.

وعلى الرغم من أن الرئيس القادم سوف يواجه قضايا لا تعد ولا تحصى، فإن أربع مهام ستؤثر إلى حد كبير؛ وهم اغتنام الفرص التحويلية على جانبي المحيط الهادئ، وإدارة العلاقات مع القوى الإقليمية، والشركة الرائدة في العالم لمواجهة التحديات الوطنية المعقدة، وهزيمة التطرف العنيف.

فرص المحيط الهادئ

يجب أن يقوم الرئيس المقبل بتعميق انخراط الولايات المتحدة في المناطق الأكثر ديناميكية في العالم، عن طريق الاستيلاء على الاحتمالات على جانبي المحيط الهادئ، بدءًا من هنا في نصف الكرة الغربي، وتمتلك كندا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي تأثيرًا كبيرًا على أمننا الداخلي وازدهارنا، ويجب أن يحتل نصف الكرة الغربي مكانًا بارزًا بين أهم أولويات سياستنا الخارجية.

وبالفعل نحن نشهد عوائد التركيز على المنطقة مجددًا، وبسبب طريقة الرئيس أوباما فقد كان تحسين العلاقات مع جيراننا، بما في ذلك الانفتاح على كوبا من الأولويات، وكانت تقف الولايات المتحدة في نصف الكرة الذي لم يصبح أبدًا عالي، ويجب أن تقوم الإدارة القادمة بالبناء على هذا الزخم لتعزيز الأمن والرخاء للناس في جميع أنحاء الأمريكتين، ويتم وضع الجدول الذي يؤدي إلى تعميق التعاون مع كندا والمكسيك، والاستفادة من تجدد العلاقات مع الأرجنتين والحفاظ على المشاركة التي لم يسبق له مثيل مع أمريكا الوسطى، وتوسيع شراكاتنا مع قادة المنطقة مثل البرازيل، وشيلي، وكولومبيا.

قوة أمريكا العظمى ليست هي المثال على قوتنا ولكن قوة مثالنا

والتحديات ما زالت قائمة بالتأكيد، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات والفساد المستشري على نطاق واسع، والمؤسسات الديمقراطية الهشة، ولكن لدى المنطقة الآن فرصًا أكثر من الأزمات، وتشمل الفرص احتمالات وجود تجارة أقوى ووجود استثمار، وزيادة التكامل في مجال الطاقة، ونصف كرة أرضية أكثر سلمية والتي يمكن للولايات المتحدة مساعدتها في إنهاء الصراعات المستمرة منذ فترة كما فعلنا في كولومبيا، وفي الواقع، ولأول مرة في التاريخ يمكننا أن نتصور نصف الكرة الأرضية الذي تمثله الطبقة الوسطى، يتمتع بالديمقراطية، والأمن من المناطق الشمالية من كندا إلى الطرف الجنوبي من شيلي.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ قمنا بإعادة شحن شراكتنا مع آسيا، وسوف ترث الإدارة المقبلة معاهدات التحالفات مع أستراليا، واليابان، والفلبين، والدانق، وأصبحت كوريا الآن أقوى من أي وقت مضى، وأنه ليس من السهل دائمًا أن نفسر الأمور، لكن نمتلك هذا الحس السليم الذي يقول إن الولايات المتحدة هي الأكثر ثراءً وأكثر أمانًا لأن كل الديمقراطيات المتقدمة في العالم هي في الزاوية منا، ومن الصحيح أيضًا أن توفير الأمان الرئيسي في آسيا لا يأتي مجانًا، ولكن علينا أن لا نقلل من التكاليف الاقتصادية غير العادية التي سيتكبدها الشعب الأمريكي، إذا آلت آسيا إلى صراعات التي من الممكن أن تحدث في حالة عدم وجود “قيادة الولايات المتحدة” هناك.

وستتحمل الإدارة المقبلة عبء الاستمرار في توسيع شبكتنا من العلاقات خارج تحالفاتنا الأساسية، والتي تبني على الفرص التاريخية التي قمنا بإنشائها لدعم التحول الديمقراطي في بورما (تسمى أيضًا ميانمار)، وتعميق العلاقات مع فيتنام، وإدارة العلاقات مع الصين وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع الهند، والعمل مع رابطة دول جنوب شرق آسيا لدعم وتعزيز نظام قائم على  قواعد.

ولأن آسيا هي موطن لنصف سكان العالم والعديد من الأسواق الأسرع نموًا في العالم، فنحن ببساطة لا نستطيع أن نتجاهل الفرص الاقتصادية هناك، وهذا هو السبب في تأمين الشراكة عبر المحيط الهادئ الذي لا يزال يمثل أولوية قصوى لحكومتنا، ويمثل 12 اقتصاد من برنامج النقاط التجارية 30 في المائة من التجارة العالمية و40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و50 في المئة من النمو الاقتصادي العالمي المتوقع، وبفضل قيادة الولايات المتحدة شملت هذه الصفقة الأحكام التي من شأنها أن ترفع مستوى المعايير الدولية لحماية حقوق العمال، والبيئة، والملكية الفكرية، وبغياب هذه القواعد، ستشهد المنطقة على الأرجح سباقًا نحو القاع في شكل ضعف الاتفاقات التجارية، وانخفاض المستوى الإقليمي الذي يستبعد الولايات المتحدة، وتشمل هذه الصفقة الكثير عن الجغرافيا السياسية مثل ما تشمل الاقتصاد؛ فعندما يتعلق الأمر بالتجارة، والأمن البحري في بحر الصين الجنوبي، أو منع انتشار الأسلحة النووية في شمال شرق آسيا فيجب أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة في كتابة وإنفاذ قواعد الطريق، وإلا فإننا سوف نترك فراغًا لمنافسينا الذين سيسارعون لملء هذا الفراغ بالتأكيد.

إدارة القوى الإقليمية

وفي الواقع، تتعامل الولايات المتحدة – تقريبًا في كل جزء من العالم – مع القوى الإقليمية التي لديها قدرة هائلة في المساهمة الدولية أو تقوم بتقويضها، فكل ذلك يعتمد على كيف ستختار أمريكا القيادة.

ويتجلى هذا أكثر في علاقتنا مع الصين، فالولايات المتحدة والصين هما أكبر الاقتصادات في العالم، ولذلك تشابك مصائرنا هو شيء لا مفر منه، وقد سعيت أنا والرئيس أوباما لتحديد هذه العلاقة من خلال تعزيز التعاون والمنافسة المسؤولة، وقد وجدنا أرضية مشتركة مع بكين وقامت بتحقيق تقدم تاريخي في معالجة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، والأمراض الوبائية، والفقر، وانتشار الأسلحة النووية، في نفس الوقت، أكدنا بحزم على بعض القضايا مثل حقوق الإنسان، والملكية الفكرية، وحرية الملاحة.

وسينمو هذا التوازن بصعوبة في سياق التباطؤ الاقتصادي في الصين والخطوات المثيرة للقلق التي تتخذها بكين لتغيير اتجاهها، الذي اتبعته على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الإصلاح الاقتصادي والانفتاح على العالم، ونتيجة لذلك، فإنه ينبغي على الإدارة المقبلة أن تقود العلاقة مع الصين والتي تشمل كل من اختراق التعاون وتكثيف المنافسة، وعندما تواجه الصين تهديدًا متزايدًا من كوريا الشمالية كما هو الحال دائمًا؛ فإن التعاون والتنافس معها سوف يستمر.

وينطبق الشيء نفسه على ما يتعلق بروسيا، والتي ينبغي على الولايات المتحدة أن تستمر في انتهاج سياسة تجمع بين الحاجة الملحة للردع، من جهة، والسعي بحكمة للتعاون التكتيكي والاستقرار الاستراتيجي من جهة أخرى، وتقوم محاولة روسيا غير المشروعة بضم القرم ومواصلة عدوانها على شرق أوكرانيا بانتهاك المبادئ الأساسية لنظام ما بعد الحرب الباردة، وسيادة وحرمة الحدود في أوروبا، ونتيجة لذلك؛ قمنا بتوجيه حلفائنا في أوروبا وأماكن أخرى لفرض تكاليف حقيقية على موسكو، موضحين أن هذا الضغط سوف يستمر إذا استمرت روسيا برفض تطبيق التزاماتها بموجب الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مينسك، والرامية إلى إنهاء الصراع.

وفي الوقت نفسه، سيقوم اتحاد الـ3.4 مليار دولار لمبادرة الاطمئنان الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، والتي تنشر تطلعات جديدة في بولندا ودول البلطيق بتعزيز حلفائنا الأوروبيين وتوفير حصتنا ضد مزيد من العدوان الروسي، ولقد شجع هذا أوروبا لسنوات لإنفاق المزيد على الدفاع وتنويع إمدادات الطاقة من أجل الحد من التعرض للإكراه، وبدأنا الآن في أن نرى التقدم في هذه الجبهات، ويتعين على الإدارة القادمة مضاعفة التزام الولايات المتحدة بتعزيز حلف شمال الأطلسي وشراكتنا مع الاتحاد الأوروبي، وحتى لندن وبروكسل في التفاوض المستمر حول علاقتهما.

ولا يحتاج الاستثمار في المؤسسات الأساسية للغرب إلى الرجوع إلى تبسيط التفكير في الحرب الباردة، ولكن يجب على الولايات المتحدة أن تظل منفتحه في التعاون مع روسيا والذي تتداخل معه مصالحنا، كما أثبتنا في اتفاق إيران النووي، وكذلك في البداية الجديدة حول الأسلحة النووية، ومن الصعب أيضًا أن نتصور كيف ستنتهي الحرب في سوريا في نهاية المطاف دون بعض التسوية المؤقتة بين واشنطن وموسكو، ومع وجود تقنيات عسكرية جديدة ترفع حصص سوء التقدير والتصعيد، سوف نحتاج إلى قنوات وظيفية ومستقرة مع روسيا للتواصل بوضوح والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي.

وهناك وضوح أخلاقي جذاب في تصنيف العالم إلى صديق وعدو، ولكن التقدم في الشؤون الدولية في واقع الأمر يتطلب العمل – في كثير من الأحيان – مع هؤلاء الذين لا نراهم وجهًا لوجه، وهذا هو السبب الذي جعل إدارتنا تتحرك لقفل ثلاثة عقود من الصراع مع إيران وتجاوزها بالاتفاق النووي، وطهران ليست صديقًا ولا شريكًا، لكن استعدادنا لكسر المحرمات والانخراط مباشرة في النظام، جنبًا إلى جنب مع نجاحنا في حشد ضغط دولي غير مسبوق على ايران للتفاوض، عمل على الإزالة السلمية لواحدة من أكبر الأخطار التي تهدد الأمن العالمي؛ شبح إيران في الحصول على سلاح نووي.

في بعض الأحيان.. سيتعايش التعاون والتنافس مع الصين

وبعد سنة واحدة أصبحت الصفقة تتحدث عن نفسها، فقد نجح الاتفاق، حيث قامت إيران بإزالة ثلثي أجهزة الطرد المركزي بشكل يمكن التحقق منه، والتي كان يتم شحن 98 من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب خارج البلاد (ما يكفي لعشرة أسلحة نووية)، وقامت أيضًا بإزالة النواة من مفاعل البلوتونيوم في أراك وملأه بالأسمنت، وقدمت للمفتشين الدوليين فرصة غير مسبوقة بضمان الامتثال لسلسلة التوريد النووي برمتها، وتشمل الصفقة إغلاق أي مسار تسعى إيران من خلاله إلى تطوير أسلحة نووية، وقد يؤدي تمزيق هذه الصفقة الآن – كما اقترح البعض – إلى أن يترك البرنامج النووي الإيراني غير مقيدًا، وزيادة التهديد لإسرائيل وشركائنا في الخليج، وقلب المجتمع الدولي ضد الولايات المتحدة، واحتمال نشوب حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط.

ويجب أن يتذكر الناقدون أنه ليس من المفترض أبدًا أن يحل هذا الاتفاق النووي كل مشاكلنا مع طهران، ولا يجب أن يأتي إشراك إيران على حساب التزامات صارمة تجاه حلفائنا وشركائنا في الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل، وقد احتفظت الولايات المتحدة بكل الوسائل الضرورية، بما في ذلك فرض عقوبات محددة، وتحميل إيران المسؤولية عن أنشطتها في الصواريخ البالستية، ودعم الإرهاب، وانتهاكات حقوق الإنسان، ونحن ملتزمون بالعمل مع حلفائنا وشركائنا لدفع سلوك إيران الهادف لزعزعة الاستقرار.

مواجهة التحديات عبر الوطنية

ولا تقوم التهديدات العابرة للحدود مثل مسببات الأمراض، والاضطرابات البيئية، فيروسات الكمبيوتر، والأيديولوجيات الخبيثة باحترام  الحدود، حتى في أبسط الأوقات ولم تقدم الانعزالية أكثر من الشعور الزائف بالأمان، والآن نحن لا يمكننا حماية أنفسنا من هذه المخاطر أو الجلوس وانتظار الآخرين ليحلوا لنا مشاكل العالم، كما كتب الكاتب توماس فريدمان بجدارة، “إذا لم تقم بزيارة جارك السيئة، فأنه قد يزورك”.

ولقد تعلمنا أن الأمن الحقيقي يتطلب إيجاد الحلول التي تتجاوز الحدود، كما أنه عندما احتشد العالم للتصدي لوباء الإيبولا في غرب أفريقيا في عام 2014، لمواجهة هذا المرض المرعب، قمنا بمقاومة دعوات هستيرية لفرض الحجر الصحي وحظر السفر، وبدلاً من ذلك قمنا باتباع العلم، وقد تعادلنا في جميع نقاط قوتنا، من جيشنا للعاملين في مجال الرعاية الصحية والتنمية، ومع الدبلوماسية الدؤوبة، جئنا للعالم بالمساعدات العاجلة والمنسقة التي أنقذت مئات الآلاف من الأرواح في نهاية المطاف.

وبعد إيبولا، قمنا باستثمارات كبيرة وبناء شراكات جديدة لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، ومقاومة التيار ضد الملاريا، وتحسين صحة النساء والأطفال في جميع أنحاء أفريقيا، ومن خلال جدول أعمال الأمن الصحي العالمي، قامت الشراكة بين الولايات المتحدة ونحو 50 بلد أخرى والتي بدأتها حكومتنا في 2014، ونحن نعمل على تعزيز قدرات البلدان الضعيفة في أفريقيا وجميع أنحاء العالم لمكافحة تفشي المرض في المستقبل، ويمثل تحسين الأمن الصحي وجهًا واحدًا فقط من وجوه العلاقة المتنامية مع أفريقيا، وقمنا من خلال المنتديات مثل قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا ومبادرة القادة الأفارقة الشباب، بالدخول مع القادة الأفارقة على جميع المستويات، من رؤساء الدولة إلى المجتمع المدني، وتوسيع وتعميق الشراكات التي تسهم بشكل كبير في مستقبل مشرق للقارة.

وقد أنتجت القيادة الأمريكية ردًا حاسمًا في التصدي لتغير المناخ، وقد ضاعفت إدارتنا استثماراتنا في الداخل لكمية الكهرباء التي نسخرها من الرياح ثلاث مرات، وزادت الطاقة الشمسية 20 ضعف منذ عام 2008، وقد وضعنا قواعد من شأنها أن تضاعف الكفاءة في استهلاك الوقود من سياراتنا بحلول عام 2025، ونحن نقوم بتنفيذ الخطة المنصوص عليها وغير المسبوقة للحد من كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث من محطات الطاقة، وهذه هي أهم الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة لمكافحة تغير المناخ في أي وقت مضى، ولأن أعمالنا أثبتت أننا قمنا بأخذ هذا التهديد على محمل الجد، وكنا قادرين على حشد بلدان أخرى لتقديم التزامات ملموسة خاصة بهم، بدءًا من الصين، باعثة الريادة في العالم، وهذه هي الطريقة التي تحقق بها اتفاق باريس التاريخي لمكافحة تغير المناخ في العام الماضي.

ونحن نعمل في الوقت نفسه على زيادة قدرة المجتمعات المحلية المتضررة بالفعل من ارتفاع درجات الحرارة والطقس المتطرف، في الداخل وحول العالم، ونقوم بتنفيذ استراتيجيات لتصدي تزايد خطر الفيضانات في المجتمعات الساحلية وتحسين القدرة الوطنية على الصمود في وجه الجفاف على المدى الطويل، ونبني أيضًا الاعتبارات المناخية ونضع كل جهودنا الرامية إلى تعزيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك برامج المساعدات مثل الغذاء للمستقبل، والتي تدعم الزراعة الذكية مناخيًا، وتعهدنا بـ3000000000 دولار لصندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة في مساعدة الدول الأكثر فقرًا وضعفًا لتصبح أكثر مرونة مع تغير المناخ، ومن خلال مبادرة جريئة دعونا السلطة في أفريقيا، لوضع هدف لمضاعفة فرص الحصول على الكهرباء في القارة من خلال طرق نظيفة ومستدامة.

وقد استطعنا من خلال كل هذه الجهود، وضع حجر الأساس لحماية كوكبنا. ولكن يمكن ان تستغل الفرص الناتجة إذا كان الرئيس المقبل يتبع العلم، ويعترف بمخاطر عدم القيام بأي شيء، وويقوم بتفقد الإرادة السياسية للتصدي للتهديد.

وتعتبر التهديدات الأخرى العابرة للحدود ليست سوى نوع من الضغط البعيد، سواء كان ذلك من الجهات الحكومية التي تقوم بسرقة البيانات التجارية أو الحكومية  أو المتسللين الجنائيين من كوريا الشمالية، أو إيران، أو مجهولة المصدر الذين يقومون بارتكاب هجمات إلكترونية ضد الشركات الأمريكية، وهذا هو السبب في أننا قد قمنا بإنشاء شبكات دفاعية محصنة خاصة بنا، وتوسيع نطاق الشراكات مع القطاع الخاص والحكومات الأخرى، والسماح لوزارة الخزانة بفرض عقوبات ضد المتسللين، وتعزيز قدراتنا التقنية، وعملت أيضًا على تحسين قدرتنا على الاستجابة والتعافي من هجمات اختراق الشبكة.

وفي الوقت نفسه، قد حصلنا على عدد من الالتزامات المهمة من الصين على أفعالها في الإنترنت، بما في ذلك الاتفاق على عدم إجراء التجسس الاقتصادي وتمكين الإنترنت من تحقيق مكاسب تجارية، وتتبع عدد من الدول الأخرى قيادتنا وتقوم بتأمين التزامات مماثلة من تلقاء نفسها، ونواصل الدعم المفتوح والشفاف للإنترنت والقابل للتشغيل كمحرك للنمو الاقتصادي، والمجتمع المدني، وأخيرًا، نعمل على بناء تحالف متزايد من الدول التي تشاطرنا الرأي في مجموعة من المعايير الطوعية لسلوك الدولة المسؤولة عن زمن السلام، وهو جهد مهم لتعزيز الاستقرار في الفضاء الإلكتروني، والذي تمت المصادقة عليه من قبل قادة عدد من الدول الأكثر قدرة، بما في ذلك مجموعة الـ7 ومجموعة الـ20.

ويجب أن تلتقط الإدارة القادمة هذه العصا وتشغتل عليها، ويجب اتباع المزيد من مبادئ التكرير لتوجيه الثورة الرقمية كجزء من جهد أوسع لتشكيل قواعد جديدة لطريق المساحة، والبحر، وغيرها من المجالات الهامة التي ستحدد التجارة والمنافسة في العقود المقبلة.

هزيمة التطرف العنيف

ولعل الإرهاب والتطرف العنيف يقوم بتوفير المثال الأكثر إرباكًا من الخطر العابر للحدود الخبيثة والتي تتطلب القيادة المستمرة من الولايات المتحدة، ويمثل تنظيم القاعدة وداعش، وتفرعاتها تهديدات حقيقية، وتذكرنا هجمات باريس، وسان بيرناردينو، وبروكسل، وأورلاندو، وإسطنبول، وأماكن أخرى مرارًا وتكرارًا أن الإرهاب يمكن أن يحدث في أي مكان، وفي نفس الوقت، حتى في خضم مناخ الخوف وعدم اليقين، علينا أن نتذكر أن الإرهابيين لا يمكنهم تدمير الولايات المتحدة أو حضارتها، وعلينا أن لا نقلل من قوة وصمود الشعب الأمريكي.

وسوف يُهزم الإرهاب ولابد من ذلك، ولكن علمتنا أكثر من عشر سنوات من الحرب في أفغانستان والعراق بعض الدروس الصعبة حول متى وكيف يمكن نشر القوة العسكرية لمواجهة هذا الخطر، حتى وعندما قمنا بإزالة أكثر من 165،000 من القوات الأمريكية القتالية من أفغانستان والعراق، تردد الرئيس أوباما في استخدام القوة للدفاع عن الشعب الأمريكي إلا عند الضرورة، فقط اسألوا أسامة بن لادن وكبار عناصر تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان، وقادة الشركات التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال واليمن، وأكثر من 120 من كبار قادة “داعش”؛ إن إدارتنا لم تفقد قدرتها على أيديولوجية ضبط النفس، كما يزعم أكثر المنتقدين، وبدلاً من ذلك، فإننا ننظر بتمعن في استخدام القوة لأننا نفهم التكاليف البشرية الهائلة والنتائج غير المتوقعة للحرب، ويجب علينا أن نضمن أنه عندما نقوم باستخدام القوة، أنها ستكون فعالة، ووفقًا لذلك، نقوم باتخاذ إجراءات عسكرية دقيقة ونسبية، مسترشدة بمهمة واضحة وهي التقدم في مصالح الولايات المتحدة، وقد عملنا جنبًا إلى جنب مع الحلفاء والشركاء حتى يتسنى لهم المشاركة في تحمل العبء والتورط في نجاح المهمة.