وثمة طريق آخر للضرر تنفتح أبوابه على مصراعيها عندما تجد الجزيئات الأصغر حجما طريقها إلى أعماق الرئتين، في الحويصلات الهوائية، حيث يتحول الأكسجين إلى مجرى الدم.
وقد ثبت أن تلك الجزئيات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، صغيرة بما يكفي لهذا التحول؛ ومن ثم فهي تدخل الجهاز القلبي الوعائي وتجري في الجسم مجرى الدم.
وتتمثل المخاطر الناجمة عن ذلك في احتمال تصلب الشرايين، مما يزيد خطر حدوث جلطة، فضلا عن أمراض القلب والسكتات الدماغية.
وثمة دليل على أن تلك الجزيئات الدقيقة يمكن أن تصل إلى الدماغ، ويدرس الباحثون الربط بين ذلك وأمراض الخرف.
مجموعة من الأدلة
رجحت دراسة صينية مهمة العام الماضي وجود ارتباط بين التلوث وضعف القدرات الإدراكية، بينما ذكرت دراسة بريطانية نُشرت الأسبوع الماضي وجود ارتباط بين النوبات الذهانية (النفسية) لدى المراهقين وتلوث الهواء.
وبحسب الباحث جوناثان جريغ، من جامعة كوين ماري في لندن، فإن الأدلة تتزايد على اتساع نطاق آثار الهواء الملوث على الأطفال.
ويقول جريغ: "نحن على يقين أن الهواء الملوث مرتبط بأمراض الجهاز التنفسي كنوبات الربو وبأمراض الجهاز القلبي الوعائي وبالسكتات القلبية، وفي غضون خمس سنوات مقبلة سنكون أكثر ثقة بشأن أمراض أخرى كالخرف والسمنة".
وثمة منطقة جديدة في البحث تتمثل في الكشف عن الأسباب وراء ميل الأجنة في المناطق الأكثر تلوثا إلى الخروج للحياة مبتسرين وبأوزان أقل من نظرائهم في مناطق أخرى أقل تلوثا.
وتوصلت دراسة عن الغشاء الجنيني (المشيمة) إلى وجود نقاط سوداء في المشيمة في حالات تلك الأجنة تشبه الجزئيات التي توجد على جدران خلايا الرئة المصابة بسبب تلوث الهواء.
ويقول نوريس ليو، أحد الباحثين المشاركين من جامعة كوين ماري، إن التصور الذي كان سائدا هو أن المشيمة بيئة معقمة، لذا فقد كان مفاجئا رؤية نقاط سوداء.
وأضاف ليو: "نحن نعلم كيف تبدو جزيئات التلوث عندما تكون موجودة في الخلايا بأماكن أخرى في الجسد، لا سيما في الرئتين، وتشبه النقاط السوداء التي نراها في المشيمة إلى حد كبير جدا -سواء في الشكل أو اللون- تلك النقاط السوداء في الرئة المصابة بسبب تلوث الهواء، مما دفعنا إلى الاعتقاد بأنها هي هي ذات الجزيئات".
ولا يثبت وجود تلك الجزيئات أي ارتباط مع الولادة المبتسرة أو انخفاض وزن المولود، لكنه يثير وجود آلية محتملة.
ووافقت 15 أُمّا شابة حتى الآن على التبرع بالأغشية الجنينية لمواليدهن للدراسة، وقالت إحداهن، وتدعى راشيل باسويل، إن تلوث الهواء لم يكن من بين كل المخاطر التي كانت تثير قلقها أثناء الحمل.