باستثناء أموال وممتلكات أتباع الجماعة الحوثية المنحدرين إلى سلالة زعيمها، فكل شيء مباح للنهب والسلب لدى ميليشياتها، فمن نهب الأراضي إلى اقتحام البيوت ونهب محتوياتها، إلى أخذ إتاوات وجبايات تحت ما يسمى دعم المجهود الحربي على أملاك المغتربين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب.
ويشكو ناشطون وحقوقيون يمنيون لـ«الشرق الأوسط» من وجود عمليات نهب منظم لممتلكات وعقارات المغتربين والمواطنين في عدد من المناطق والمدن الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية.
وأوضح الناشطون والحقوقيون أن الميليشيات ركزت أخيراً على نهب ممتلكات المغتربين عبر مشرفي الجماعة وأتباعهم المسلحين الذين يقومون بابتزاز أقارب المغتربين، وأخذ أموال طائلة منهم مقابل عدم مصادرة وتخريب ونهب ممتلكات ذويهم الموجودين في بلدان الاغتراب.
وفي حين أحجم كثير من المغتربين اليمنيين عن العودة إلى مناطق سيطرة الميليشيات، يتصاعد خوفهم على أملاكهم التي تتعرض للاغتصاب والنهب بمختلف الوسائل، تحت سطوة الترهيب بالقوة وإذلال أقاربهم وأهاليهم الموجودين في مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية.
ويؤكد وكيل أحد المغتربين في أميركا لـ«الشرق الأوسط» أنه ما إن يعرف المشرف الحوثي أن مالك الأرض أو الفيلا مغترب حتى يسيل لعابه، فهو أمام مصدر مهم سيدر عليه الملايين عن طريق الابتزاز أو النهب.
وفيما تختلف معاناة المغتربين من التسلط الحوثي، حسب نوع ممتلكاته، يقول أبو صالح البعداني المغترب في أميركا: «نعاني كل أنواع الانتهازية والسرقة والسلب، ونجبر على دفع أموال للمجهود الحربي، ولولا أن أقاربي يحرسون الفيلا التي أملكها في مدينة إب لكانت الآن في يد أحد المشرفين الحوثيين القادمين من صعدة الذين باتوا هم الحاكمون الفعليون لمحافظة إب، على حد قوله.
وأضاف: «اشتبك أقاربي بالأسلحة مع عناصر موالين للميليشيات الحوثية، بعد أن حاولوا اقتحام المنزل تحت مزاعم أنهم يريدون تفتيشها بحجة وجود عناصر مناهضين للجماعة مختبئين فيها، وهي الذريعة نفسها التي يبررون بها اقتحام ونهب أغلب بيوت المغتربين».
وعن كيفية انتهاء الموقف مع مسلحي الجماعة، أفاد أبو صالح بأن مسلحي الجماعة رفضوا الخروج من الفيلا، ووضعوا يدهم عليها، قبل أن يتدخل وسطاء ويفرضون دفع 5 ملايين ريال (الدولار نحو 550 ريالاً يمنياً) مقابل انصرافهم.
وعلى غرار ما فعلت الجماعة مع أبو صالح، اقتحم مسلحوها بيت ريدان البريهي، ولم يستطيع أقاربه منعهم أو التفاوض معهم، وقامت الميليشيات بنهب كل مقتنيات البيت وتكسير الأبواب.
ويسرد أحد أقارب البريهي في مدينة إب لـ«الشرق الأوسط» ما حدث بالقول: «هددونا بالسلاح، وأجبرونا على الخروج من البيت، ودخلوا بغرض التفتيش فقط، وقاموا بكسر كل الأقفال والأبواب، ونهبوا كل الممتلكات والأموال والذهب ووثائق الملكية التي كان يحتفظ بها عمي داخل المنزل».
ويضيف: «عندما أردنا استرداد البصائر (وثائق الملكية)، أجبرونا على دفع 25 مليون ريال مقابل إعادة البصائر فقط. أما بقية الأشياء المنهوبة، من ذهب وجنابي (خناجر يمنية)، فرفضوا إعادتها».
ويروي أبو وجدان العولقي كيف حاول المشرف أبو جبريل في مدينة ذمار اغتصاب أرضه التي أفنى حياته حتى اشتراها، قائلاً: «حاولت مجاميع مسلحة تطويق الأرضية، وأرادوا تسويرها وتخصيصها كما يزعمون لأبناء قتلى الجماعة، وعندما تدخل بعض المشايخ والأعيان من أبناء قريتي، واشتبكوا معهم، قتل أحد أبناء عمومتي وجرح 4 آخرون».
ويضيف العولقي: «فرضت الميليشيات علينا دفع 20 مليون ريال يمني، كما ألزمتنا بتحمل تكاليف علاج المصابين، ودفع دية من قتل، في مقابل التخلي عن فكرة مصادرة قطعة الأرض».
وبالسياق نفسه، تمت مصادرة أرضية علي مرشد الوصابي، وتحويلها إلى مقبرة لموتاهم، حيث يقول: «جئت أزور أهلي بعد سنة من الغياب، وتفاجأت بجماعة مسلحة تابعة للحوثيين تريد نهب أرضي، فحاولت منعهم دون جدوى، فقد طلبوا مني مبلغ أكبر من قدرتي على دفعه، ولم يكتفوا بذلك بل أدخلوني السجن، ولم أخرج إلا بعد عمل تنازل عن الأراضي»
يشار إلى أن ميليشيات الحوثي التي تغتصب مؤسسات الدولة مارست كل أصناف النهب للأراضي التابعة للدولة، وتوزيعها على المشرفين السلاليين، ولم تكتفِ بذلك بل سعت إلى نهب أراضي الجمعيات والمواطنين والمغتربين.
وبعد أن صادرت الميليشيات الانقلابية ممتلكات وعقارات خصومها في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها، زادت حدة التنافس بين قيادات الميليشيات الحوثية لنهب أراضي المواطنين، خصوصاً المغتربين.
وأفادت مصادر متطابقة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية في أحياء شميلة والأصبحي والسواد، جنوب العاصمة، تقوم بتهديد وملاحقة واحتجاز وكلاء المغتربين من أجل مصادرة ونهب عقارات وكلائهم، أو أخذ بصائر الأراضي، أو فرض إتاوات حماية تصل إلى عشرات الملايين.
وحسب شهود تحدثوا في صنعاء، فإن عناصر الجماعة يقومون بحبس وكيل المغترب أو قريبه، وممارسة أنواع الإذلال بحقه من أجل حصر أملاك المغترب في البداية، لدفع مبالغ للمجهود الحربي. وفي حالة رفض الوكيل أو أقارب المغترب للإجراء الحوثي، تقوم الميليشيات بإعادة تمليك عقارات المغترب لقياداتها أو بيعها، في عملية نهب ممنهجة.
إلى ذلك، تفرض الميليشيات أموالاً على أصحاب الأراضي الذين يريدون البناء أو تسوير أراضيهم مقابل دفع مبالغ مالية هائلة، أو يتم إيقاف البناء حتى يأتي صاحب الأرضية ويأخذ حقه. وفي حالة جاء المغترب، يتم حبسه ولا يفرج عنه إلا بدفع مبلغ مالي يوازي قيمة الأرضية، أو يكتب إقراراً بالتنازل عنها.
وتقول أم أشواق «الإتاوات التي يطلبها الحوثيون من أصحاب الأراضي لا تنتهي عندما يريدون البناء مرة باسم البلدية، وأخرى باسم النظافة، ومرة ثالثة باسم دعم المجهود الحربي».
وتستنكر أم أشواق الخمسينية من سلوك الميليشيات، مشيرة إلى وجود صور متعددة من أنواع الانتهاكات الحوثية التي تضيق على المغتربين أو أقاربهم، عبر محاولة السطو على أملاكهم، فضلاً عن السماح لهم بالبناء في الأراضي التي يمتلكونها.
وتقول إنها حاولت البناء في أرضية يملكها ولدها المغترب في كندا، بناء على طلبه، قبل أن يأتي الحوثيون لمنع عملية البناء والإنشاء، واحتجاز العمال وحارس الأرضية، في مسعى للابتزاز، وهو ما جعلنا ندفع 200 ألف ريال مقابل الإفراج عنهم.
ويؤكد مسؤولون محليون خاضعون للميليشيات في صنعاء أن عناصر الجماعة وكبار قادتها نهبوا مساحات شاسعة من أراضي الدولة في أحياء شملان وبني مطر وبيت بوس، وكل المناطق الناشئة في محيط العاصمة.