اللعب على التناقضات .. إستراتيجية الإخوان لدعم الحوثيين والهيمنة على الشرعية

نافذة اليمن - ماجد الدبواني

يواصل حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، الذراع الرئيسي لتنظيم الإخوان في اليمن، اللعب على التناقضات، لتحقيق مكاسب أكبر في المشهد اليمني، والعودة إلى الواجهة بعد التحجيم المفروض على التنظيم عربيا ودوليا، وتعزيز تواجده على الأرض لضمان لعب دور سياسي أكبر في المرحلة القادمة.

وما يؤكد إستخدام الإصلاح هذه الإستراتيجية، هو إنقسامهم وتوزيعهم على على كافة الأطراف المتصارعة على الساحة اليمنية، حيث يعمل كل قسم في إتجاه من أجل الوصول لنتيجة لا تخصّ اليمن وحده، بل يبدو أنّها، تتعلّق بمستقبل الإخوان في الإقليم ككل.

موقف ضبابي من إجتياح صنعاء وحجز الرئيس :

ويشير مراقبون سياسيون إلى أن الإصلاح توارى عن المشهد اليمني عقب إجتياح ميليشيا الحوثي الإنقلابية العاصمة صنعاء التي أفرغوها من المقاتلين التابعين لهم فيما كانت تسمى سابقاً "الفرقة" التي يقودها نائب رئيس الجمهورية، علي محسن الأحمر .

ويضيف المراقبون، لـ(نافذة اليمن) أن الإصلاح لم يكن لهم أي موقف واضح خلال إحتجاز الميليشيات الحوثية للرئيس عبدربه منصور هادي في صنعاء، وحتى بعد وصوله إلى العاصمة المؤقتة عدن، بإستثناء بعد المواقف الشخصية لقيادات كانت مقربة من الرئيس هادي .. لافتين إلى أن الإصلاح وعقب إنطلاق عاصفة الحزم لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قدموا أنفسهم على انهم القوة الوحيدة التي تناهض وتقاتل الحوثيين على الأرض .

وبحسب المراقبون فإن الإصلاح بإنخراطه كحليف أساسي للتحالف العربي إستطاع بناء قوة عسكرية لم يستخدمها لقتال الحوثيين ولكن لتعزيز سيطرته على المناطق التي يجري تحريرها من المقاومة الشعبية، مشيرين إلى الجمود الذي تشهده العديد من جبهات القتال التي تسيطر عليها قواتهم العسكرية .

بداية الإستراتيجية :

بدأ الإصلاح في اللعب على التناقضات عقب طرد قطر من التحالف العربي وبدء المقاطعة العربية لها بسبب دعمها للإرهاب، حيث بدأ الإصلاح بتقسيم نفسه إلى مؤيد للتحالف العربي وآخر مناهض له وموالي لقطر .

ومع تزايد حدة الخلافات بين الدول الرباعي العربي، وقطر، بدأت الفريق الثاني في فتح قنوات تواصل مباشرة مع الميليشيات الإنقلابية عبر قطر وإيران الحليف الأبرز للحوثيين، فيما ظل الفريق الأول يزعم أنه يدعم التحالف العربي ولكن دون أن يؤثر هذا الدعم على سير العمليات العسكرية على الأرض .

ويشير خبراء عسكريون، إلى أن دور الإصلاح في هذه المرحلة كان تخفيف الضغط العسكري على الميليشيات بإيقاف جبهات القتال الموالية لهم، للسماح للميليشيات بدعم الجبهات التي يتكبد فيها خسائر فادحة وذلك نكاية بالإمارات الشريك الفاعل في التحالف العربي، والعدو الأبرز للإخوان .

وتؤكد المعلومات، أن الإصلاح عقد لقاءات سرية عديدة مع الميليشيات الإنقلابية برعاية الدوحة وطهران، في إطار سياستهم التي تقوم على إيجاد موطئ قدم لهم عند كل الأطراف .

ولفت مراقبون سياسيون إلى أن التفاوضات التي رعتها قطر لم تكن جديدة ولا مستغربة، فقد سبقه في وقت سابق اتفاق التعايش في العام 2014م الذي عقد بين الحوثيين و"الإصلاح" في "كهف مران" وكانت أهم بنود الاتفاق "التعايش" بمعنى عمليات استلام وتسليم من قبل الإصلاح لمليشيا الانقلابيين، حيث إنّه ما إن يدخل الحوثيون منطقة إلا ويسارع فرع حزب الإصلاح فيها بالتواصل مع الحوثيين، وتنصيبهم حكاماً رسميين لتلك المناطق، كما يترك الإصلاحيون الجبهات بالمحافظات تنهار أمام الانقلابيين، ويقوم قواعد الحزب بنسف جهود التحالف الإغاثية والتنموية، وتعطيل أشكال الحياة وإبقاء الأوضاع الخدمية على ما هي عليه.

الهيمنة على قرار الشرعية :

في الجانب الآخر، يقوم الإصلاح عبر أذرعه في الشرعية، بالهيمنة على قرارات رئيس الجمهورية، ومنع أي صدور أي قرارات تتعارض مع سياستهم وتحد من هيمنتهم .

وأكد مصدر حكومي، لـ(نافذة اليمن)، أنه لا يمكن لرئيس الجمهورية إصدار أي قرارات أو التوجيه بأي إجراءات دون المرور على مدير مكتب الرئاسة، عبدالله العليمي، القيادي البارز في حزب الإصلاح .

وكشف المصدر، عن قيام مكتب الرئاسة بحجب العديد من القرارات الجمهورية التي تهدد هيمنته على الشرعية .. مشيراً إلى أن هذه التحركات تأتي في إطار مخطط تم البدء بتنفيذه منذ إقالة نائب رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء الأسبق، خالد بحاح والذي تبعه الإستغناء عن كثير من وزراء حكومته وإستبدالهم بآخرين موالين لحزب الإصلاح وبعضهم كان موالياً للميليشيات إلى وقت قريب .

وأضاف المصدر، أن التحالف العربي عبر في أكثر من مرة عن رفضه للتعيينات غير المبررة التي يصدرها رئيس الجمهورية، وتم الإتفاق إزاء ذلك على تشكيل لجنة ثلاثية من التحالف والشرعية لمراجعة أي قرار قبل صدوره .

وأشار المصدر، إلى أن مكتب رئاسة الجمهورية تجاهلت هذه اللجنة وعملت على إصدار القرارات غير المعلنة والتي شملت تعيينات لقيادات عسكرية حزبية في مختلف المناطق العسكرية .. منوهاً بإن مدير مكتب رئاسة الجمهورية يبرر إصدار هذه القرارات بـ"الضرورة الوطنية" ولمواجهة تهديدات وهمية غير حقيقة إختلقها الإصلاح وروج لها للإبقاء على هيمنته .

الإصلاح يدعم الحوثي في الجبهات :

وكثير من القرارات العسكرية التي أصدرها الإصلاح تحت غطاء الشرعية كان لها تأثير سلبي على واقع المواجهات العسكرية ضد الميليشيات الإنقلابية .

يقول الكاتب والصحافي محمد الحميري لـ"نافذة اليمن"، "منذ اندلاع الحرب على الانقلابيين وبداية تشكيل قوة دفاعية في المحافظات التي يدخلها الحوثيين كان أعضاء حزب الإصلاح يتطوعون في جبهات القتال، لكنّهم سرعان ما يتخاذلون في الجبهات، وهذا حدث كثيرا وفي عدة جبهات وعدة محافظات مثل مأرب ونهم والجوف، وحول صنعاء،وتعز التي أخلوها أمام الانقلابيين في البداية وكرّروا ذلك مؤخراً، فحينما كادت المدينة أن تتحرّر، خانت العناصر التابعة للتجمع اليمني للإصلاح (الإخواني) التحالف، ما أدّى إلى تراجع الانتصارات لعناصر الشرعية".

وأضاف الحميري "أنّ حزب "الإصلاح" تواطئ كثيراً مع المليشيات الحوثية فكان يسلم أسلحته للحوثيين أحيانا، ويسرّب لهم معلومات سرية وخطرة،أحيانا اخرى بينما والاخطر من ذلك انه يرفع إحداثيات لاستهداف قوات الشرعية والمقاومة في عدد من المحافظات التي يشارك عناصره فيها ويؤخر الحسم العسكري ، كما لا يخفى على احد تهريبهم كميات كبيرة من الذخائر والعتاد العسكري إلى الحوثيين".

وأشار الحميري الى ان قوات التحالف أعلنت خلال الفترات الماضية ضبط عدد من شحنات السلاح المهربة، التي كانت في طريقها من محافظة مأرب التي يسيطر عليها حزب الاصلاح إلى الانقلابيين في محافظة صنعاء، وهو ما يؤكد خيانة قيادات اصلاحية بارزة مخترقة صفوف الشرعية.

أحداث المهرة :

وقال الحميري الذي يقيم حاليا بمحافظة المهرة "أتت أحداث المهرة لتكشف عن تورط حزب الإصلاح ومليشيات الحوثي ، وبدعم قطري إيراني بعمليات تهريب الأسلحة إلى المليشيات ، واشتراكهم في تهريب المخدرات والاتجار بها وادخالها عبر المهرة".

وأوضح الحميري بأن معلومات حصل عليها من مصادر موثوقة في المهرة أكدت له وضع حزب الإصلاح يده بيد تجار ومهربي السلاح إلى مليشيات الحوثي وان هناك علاقة وطيدة لحزب الإصلاح بمهربي المخدرات من وإلى دول المنطقة عبر المهرة .. مشيرا الى أن هذا ليس بغريب على حزب الاصلاح الإخواني فهم عبر تاريخهم لا يتورعون عن فعل اي شيء يحقق لهم إضعاف الدول الوطنية لكي يستأثروا بها خدمة لمشروعهم العابر للحدود.

إتفاق مشروع الإخوان والحوثيين :

يحوي سجِل الإخوان المسلمين في اليمن على الكثير من مواقف الخيانة والإنتهازية والتحالفات المتناقضة مع الأحزاب والقوى السياسية، وهي نفس المواقف التي يزخر بها سجل الحوثيين . وكما يتفق مشروع الإخوان والحوثيين في إتخاذ الدين ستاراً لتحقيق مصالح سياسية تمكنهم من الوصول إلى الحكم .

ومؤخراً ظهر إرتباط جديد بين مشروع الاخوان والحوثيين في اليمن، حيث إتفقت مصالحهم على كره الإمارات.

يقول الكاتب والإعلامي جمال الحربي في تغريدة على حسابه في "تويتر" رصدها "نافذة اليمن" - " كل يوم يتكشف الارتباط بين مشروع الاخوان والحوثيين في اليمن وكما فرقهم الصراع على المصالح التقوا مجدداً على كره الإمارات كما يقول الحوثي محمد البخيتي في هذا المقطع. وأرفق الحربي مقطع فيديو للقيادي الحوثي محمد البخيتي على قناة الجزيرة، يؤكد حقيقة هذ الإتفاق .

 

 

ارتباط الآلة الإعلامية:

إرتبطت الآلة الإعلامية لجماعة الإخوان بداية من قناة الجزيرة القطرية ووصولاً إلى القنوات والمواقع الإخبارية التابعة لحزب الإصلاح مع سياسة القنوات والمواقع الإخبارية التابعة للميليشيات الحوثية، وجميعها تتفق على إستهداف التحالف العربي .

وما يؤكد هذا الإرتباط، هو رفع ميليشيا الحوثي، الحجب عن المواقع الإخبارية الإلكترونية، التابعة لحزب الإصلاح، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، وكذا مواقع الصحف والفضائيات القطرية بعد حجبها مع المواقع الإخبارية المناوئة لها .

وقال متابعون للصحافة الالكترونية المحلية لـ"نافذة اليمن": إنهم بدأوا بتصفح مواقع الإصلاح، وفي صدارتها الموقع الرسمي للحزب ”الإصلاح نت“ وموقع الصحيفة الناطقة باسمه ”الصحوة نت“، بدون استخدام تطبيقات كسر الحجب والمواقع الوسيطة (البروكسي) .. مؤكدين إن الميليشيا الحوثية، رفعت الحجب على مواقع وسائل الإعلام القطرية، بما في ذلك موقع قناة الجزيرة على شبكة الانترنت ”الجزيرة نت“ و”العربي الجديد“، إضافة إلى النسخ الإلكترونية للصحف الورقية القطرية.

وأشاروا الى أن خطوة الحوثيين لرفع الحجب عن وسائل إعلام الإخوان وقطر، عن المتصفحين داخل اليمن، تأتي في سياق التنسيق بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بالحملات الإعلامية الموجهة ضد دول التحالف العربي، بقيادة السعودية.