آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:49م

منوعات


الفن يداوي المباني الكئيبة في ألمانيا الشرقية

الفن يداوي المباني الكئيبة في ألمانيا الشرقية

الخميس - 19 سبتمبر 2019 - 10:33 م بتوقيت عدن

-

لا تزال مجمعات المساكن الجاهزة الموروثة من حقبة ألمانيا الشرقية بؤرا للفقر والتوترات في البلاد، ولكن فنانين في مدينة هاله يحاولون إضفاء لمسة جمالية على حياة السكان اليومية من خلال تحويل هذه المباني إلى تحف فنية.

في أعلى المبنى رسم يشبه المركبة الفضائية ينزل راكبها منها مستعينا بسلم يحمله رجلان. وفي الخلفية سماء زرقاء صافية يشعر الناظر أنه يراه من خلال الواجهة. في المنظر الثلاثي الأبعاد تبدو الزخرفات المرسومة أحيانا بتقنية الرسم الخدّاع، وكأنها تتحرك لتحجب البرج.

يقول فيليب كيناست عضو مجموعة الفنانين ومخططي المدن "فرايرومغاليري": "اختار الفنانون اللون الأزرق هذا لأنهم أرادوا أن يبتعدوا عن الطراز المعماري القاسي والصارم جدا في حي مساكن بلانتنباوي (الاسم المعطى بالألمانية لمجمعات المساكن الجاهزة).. لقد أرادوا ابتكار شيء أكثر خفة".

إلفريده شولتز التي تقيم في الحي منذ أكثر من 40 سنة متحمسة جدا إذ أن هذا المشروع اللافت غير المسبوق في ألمانيا بحسب القيمين عليه، قد يحسن صورة هذه الأبراج السيئة جدا.

وتقول المدرّسة السابقة البالغة 79 عاما إنها تقابَل بنظرات ازدراء كلما كشفت أنها تقيم في هذه المجمعات. وتضيف: "لذلك أنا سعيدة جدا لهذه الرسومات والألوان التي تضفي شيئا ما على هذه المباني. شيئا إيجابيا".

أُنجز العمل في مبنيين من المباني الأربعة المؤلفة من 11 طابقا. وبحلول خريف العام 2019 سينتهي العمل في طلاء كل واجهات هذه الأبنية أي 8 آلاف متر مربع بالكامل.

تقف وراء هذا المشروع التعاونية العقارية "إتش دبليو جي" وهي طرحت عندما طلب منها تحديث الأبنية العام 2018 السؤال التالي: "كيف يمكن إنجاز مجمع سكني مع لمسة ابتكارية يمكن لسكانه أن يجدوا أنفسهم فيه" على ما يؤكد مديرها يورغن ماركس. مضيفاً: "التعايش ليس بالسهل في هذا الحي الذي نشأ نهاية السبعينات ويفصله عن المدينة القديمة طريق التفافي يشهد حركة سير كثيفة وحيث يبقى السكان من أصول اجتماعية مختلفة من ألمان واجانب، حذرين من بعضهم البعض".

وكان الوضع مختلفا في ظل ألمانيا الشرقية حين كانت هذه المساكن القريبة من مؤسسة "فرانكه" الشهيرة للثقافة والتربية العائدة للقرن السابع عشر، مطلوبة جدا.

توجهت "اتش دبليو جي" إلى "فرايرومغاليري" لتتولى مشروعها هذا البالغة كلفته 7 ملايين يورو. وكان هذا التجمع اشتهر في المدينة من خلال رسوم غرافيتي ملونة على مساكن حي مهجور حول مسالخ المدينة التي أغلقت بعيد إعادة توحيد ألمانيا العام 1990.

واختار الفنانون لمباني بلانتباو التركيز على "القصة الصغيرة والكبيرة" مع إبراز قدرات البشر ومحدودياتهم من خلال توازن دقيق يرمز إليه خيط أحمر يربط بين الشخصيات.

ويقول يورغن ماركس إن الرسالة في نهاية المطاف هي أن "لا شيء يبقى على حالة وكل شيء يتغير".

وحرص التجمع على إشراك المقيمين. يقول فيليب كيناست: "دعونا الناس إلى الوقوف في وضعيات معينة والتقطنا صورا لهم. ورسمنا اشخاصا في وضعيات مماثلة حتى يتمكن الناس من أن يتعرفوا على أنفسهم على الجدران".

لا تفلت مدينة هاله من تعاظم نفوذ اليمين المتطرف الذي حقق نجاحا جديدا في الانتخابات في منطقتنين مجاورتين. وأقامت الحركة المتمسكة بالهوية الوطنية مقرها العام في المدينة مسقط رأس المؤلف الموسيقي هاندل.

وهي محاطة بأحياء تضم مجمعات سكنية كثيرة من طراز "بلاتنباو" من بينها نيوشتات المعروف أنه أحد أفقر أحياء ألمانيا مع نسبة جريمة عالية.

ويرى يورغن ماركس أن المهم هو إعادة اللحمة الاجتماعية و"إزالة الخوف من الآخر. فعندما نعرف بعضنا البعض تصبح الأمور أسهل"، ويأمل أن تساعد الأعمال الفنية على واجهة الأبنية على التعرف بشكل أفضل على الآخر.

ويؤكد الفنان فيليب كيناست "في الأماكن التي نرسم فيها العلاقات الاجتماعية بين الناس قليلة عموما. لكن عندما يخرجون وينظرون إلى جدراننا وحتى لو لم يعجبهم ما رسمنا، تتاح فرصة للناس للتقارب ومناقشة الرسمات وهو أمر ما كانوا ليفعلوه من قبل".