آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:20ص

عربي ودولي


التدخلات التركية قنبلة موقوتة تهدد أمن تونس

التدخلات التركية قنبلة موقوتة تهدد أمن تونس

الثلاثاء - 14 يوليه 2020 - 08:43 م بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - العين الاخبارية

بنزعة استعمارية وتوسعية، زرعت تركيا الفوضى في الشرق الأوسط، ومنه اتجهت إلى شمال أفريقيا وتحديدا إلى ليبيا لتؤجج أزمته، وامتدت أذرعها إلى الجارة تونس، لتسمم المشهد السياسي فيها وتخلق أزمة من نوع مختلف.

ففي تونس، لم يعد التدخل التركي في المشهد السياسي خفيا، بل باتت جل عمليات الدعم السياسي والمالي والإعلامي الموجه لحركة النهضة الإخوانية معلنة، خاصة خلال الاستحقاقات الانتخابية وأثناء الفترات الحاسمة المرتبطة بتشكيل الحكومات وتحديد مصير التونسيين.

تعاون ثنائي بين رئيس الحركة ـ زعيم الفرع الإخواني بتونس ـ راشد الغنوشي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان رصدت "العين الإخبارية" معالمه من خلال الزيارات المتبادلة بينهما، والتهاني التي تقدم بها الغنوشي لزعيم ميليشيات طرابلس فائز السراج، عقب احتلال قاعدة الوطية الجوية غرب العاصمة الليبية.

ويرى مراقبون أن الإسناد الذي تقدمه أنقرة للنهضة بدأ في شكل دعم إعلامي، ومساندة للغنوشي وأنصاره خلال الحملات الانتخابية،بوسائل إعلام ووكالة أنباء ما انفكت ترافقه في كل زياراته الميدانية.

ولاحقا، تطور الدعم وأصبح ليتخذ صبغة مالية تهدف لتقوية ميزانية هذا الحزب الإخواني في العمليات الانتخابية، لتضمنه حليفا لها في منطقة شمال أفريقيا يقوم بتزكية كل قرارات أردوغان.

وفي إطار لعبة الجميل ورده، فإن الحركة الإخوانية تحرص على الدفاع عن مصالح أنقرة في تونس والمنطقة أكثر من دفاعها عن مصالح مواطنيها وتكريس سيادة البلاد.

يعتمد التدخل التركي في تونس والذي رصدته "العين الإخبارية ضمن سلسلة تقارير حول أطماع أردوغان في القارة الأفريقية، على زرع شبكات وأذرع موالية له ومترابطة بشكل وثيق مع حركة النهضة الإخوانية وزعيمها الغنوشي، وغالبا ما يكون ذلك إما عبر تجنيد سياسيين ونشطاء، أو عبر الجمعيات المشبوهة ومراكز البحوث والدراسات الوهمية.

أما تدخل أنقرة في ليبيا، فيستند إلى القوة العسكرية في سيناريو شبيه بما فعلته بسوريا، لكن، ومع أن الحرب في ليبيا، إلا أن عين أردوغان على تونس، وأكبر دليل مزاعم العثور على وثائق في قاعدة الوطية الجوية، تدعي التحضير لانقلاب في تونس، ما يعني أن الرجل يعتبر البلد الأخير امتدادا طبيعيا لأطماعه.

الإعلامي التونسي زياد الهاني حذر من أن الخطر يكمن في قابلية بعض الأطراف داخل الساحة الوطنية لعب أدوار، والانخراط في الاستراتيجيات الإقليمية مثلما يتجلى ذلك كلما تعلق الأمر بالسياسات التوسعية التركية إقليميا.

ولفت الهاني، في مقال نشره بصحيفة «المغرب» المحلية، إلى أن «النهضة والأطراف القريبة منها تسارع بالدفاع المباشر والعلني عن المصالح التركية، وتدعو لضرورة انخراط تونس فيها باعتبارها صديقة للثورة وضامنة لها».

فصول أخرى من التدخل التركي في الشأن التونسي انكشفت مؤخرا، بإعلان بعض قيادات حزب «مشروع تونس» تلقيها معطيات تكشف محاولات استهداف رئيس حزبهم محسن مرزوق من قبل المخابرات التركية.

استهداف يأتي على خلفية انتقاد مرزوق السياسة الخارجية للرئيس التركي والتنديد بخياراته بالاستعمارية. 

وذكرت تقارير إعلامية أن معلومات أمنية وردت على محسن مرزوق، وأعلمته بأنه أصبح مستهدفا من أذرع الاستخبارات التركية، ونبهته إلى ضرورة اتخاذ الاحتياطات الأمنية.

بدوره، أكد محمد الفاضل محفوظ، الوزير التونسي السابق في حكومة يوسف الشاهد، في تدوينة عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، وجود «تهديدات جدية تستهدف مرزوق من قبل مخابرات أجنبية ».

أيضا، حامت شكوك كثيرة حول وجود بعض المساعي لأطراف أجنبية وأخرى تونسية لاغتيال رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، التي تلقت رسائل تفيد بوجود مخططات لاغتيالها وتفجير سيارتها بسبب عدائها لتنظيم الإخوان المسلمين والنظام التركي.

وأعلنت موسي، في مقابلة مع التلفزيون المحلي الرسمي، تلقيها رسالة نصية تفيد بوجود مخطط لوضع قنابل ومتفجرات في سيارتها بهدف اغتيالها، لأسباب قالت إنها تتعلق أساسا بكشفها لتورط تركيا في دعم الإرهاب.

وتفاقمت الشكوك بشأن دعم النظام التركي للجماعات الإرهابية المنتشرة في الدول العربية، مع حادثة ضبط أسلحة تركية، في يناير كانون ثان الماضي، بالمنفذ الحدودي "رأس جدير" بين تونس وليبيا.

في الأثناء، حذرت مصادر أمنية من أن بعض الأطراف الأجنبية تحاول تزويد العناصر الإرهابية المتحصنة في بعض الجبال التونسية بأسلحة تنفذ بها عملياتها الدموية، وتزعزع بها استقرار تونس.

كما تحذر بعض منظمات المجتمع المدني في تونس من مسائل أخرى خطيرة تتدخل فيها تركيا وتهدد أمن تونس، منها ما يخص تسفير الشباب التونسي إلى مناطق النزاع للانضمام إلى الجماعات الإرهابية.

وفي تصريحات إعلامية سابقة، قال رئيس منظمة الأمن والمواطن عصام الدردوري إن مفاوضات سريّة تجري من أجل إعادة 9 آلاف إرهابي تونسي قاتلوا في بؤر التوتر، بعد أن قاموا باستخراج شهادات علمية من تركيا.

وشدد الدردوري على أن «الإرهاب في تونس هو جزء من مشروع دولي، وأن أحد الأقطاب الدولية -لم يسمه- له بيادق في أجهزة الدولة، من بينها المجاميع الحقوقية المدافعة عن الإرهاب».

ومن جانب آخر، لم تقف أكبر منظمة نقابية في تونس صامته أمام التدخل التركي المهدد لأمن تونس واستقرارها السياسي.

وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، إن "سيادة تونس خط أحمر، وهي أكبر من أردوغان ومن أي محاور..."، محذّرا في الوقت ذاته من «محاولات لاختراق السيادة التونسية».