آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-05:57م

اخبار وتقارير


التراث السمعي والبصري.. ذاكرة وطنية

التراث السمعي والبصري.. ذاكرة وطنية

الجمعة - 30 أكتوبر 2020 - 01:08 ص بتوقيت عدن

- خاص - نافذة اليمن - نسيم الشرعبي

إن ذاكرة الشعوب هي هويتها الوطنية وذاكرتها الجمعية، ليست لفرد إلا في ما يخصه، وإلى جانب التراث المادي والآثار والمخطوطات فهناك جزء من هذه الذاكرة يتعلق بالتراث السمعي والبصري كجزء لايتجزأ من التراث اللامادي والتاريخ الثقافي الذي جسدتها أدوات مختلفة كالإذاعة والتلفزيون والأفلام والصور الوثائقية المتنوعة السياقات.

وتروي المحفوظات السمعية والبصرية قصصاً عن حياة المجتمعات وتحولاتها وتغيّر أوضاعها وانتقالاتها وثقافاتها المتراكمة التي تطوّرت مع الوقت وبالتالي فهي تُمثّل تراثاً لا يقدر بثمن يؤكد تاريخنا ويجمع ذاكرتنا عبر المراحل المختلفة من التاريخ ويُبرز التنوع الثقافي والاجتماعي واللغوي للمجتمعات.

لذلك فإن صَون هذا التراث اللامادي وضمان إتاحته لنا وللأجيال القادمة يُعتبر هدفاً حيوياً وإنسانياً لجميع الشعوب والمجتمعات وللمؤسسات المعنية بحفظ الذاكرة وتتبُعها.

إن العمل على مثل ذلك يُعد فرصة لإذكاء الوعي العام ويُبرز دور التّراث في بناء وتطوّر المجتمع وبناء دفاعات السّلام في عقول الناس.

إن المواد السَمعيّة والبصريّة تفتح نافذة للتفاعل والتواصل ومشاهدة الآخرين والاطلاع على تُراثهم وثقافتهم من الماضي التي نستخلص منها قصصاً وأفكار ونستمع لأشخاص ونرى ذكريات لم تَعُد موجودة اليوم، ففي مثل هذا اليوم الـ 29 من أكتوبر يتم الاحتفال به كيوم عالمي للتُراث السمعي والبصري المُقر من قبل منظمة اليونسكو.

لقد عمل المتخصصون على رقمنة التُراث السمعي والبصري مع أنه لم يشمل كل شيء مما أدى إلى اندثار جزء منه بسبب التقادم التكنولوجي أو بشكل متعمد أو بسبب الحروب التي دمرت جزءاً منه، حيث أن ما دُمر أو تَلف من التُراث السمعي والبصري لا يمكن استعادته وهو ما حدث بشكلً أو بآخر في اليمن للتُراث السَابق خُصوصاً خلال الفترة الأخيرة، اليَمن التي تَزخر بالعديد من هذا التُراث السَمعي والبصري ففيها التنوع والثراء من الصور التاريخية والاغاني والاهازيج والفنون، وإن كانت الرقمنة فيها حديثة العهد، على الرغم من أن كُل ما يتعلق بالإنتاج السمعي والبصري في القرن الواحد والعشرين يتم رقمنته ونشره عبر وسائل التكنولوجيا والانترنت وزادت جائحة كورونا من الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية التي سَهلّت عمليات التواصل في وقت فُرض فيه التباعد الاجتماعي.

وكما يبدو اليوم أن النشر حول أي موضوع أو منشور لا تتوسع قاعدة المتابعين أو الاطلاع عليه إلا إذا كان مرفقاً به صورة أو فيديو أو أغنية التي تهتم بها وسائل التواصل الاجتماعي حالياً وأيضاً يُمثل أحد أدوات التفاعل والجذب والمتابعة.

إن الإحترام والاعتراف بأهمية التراث السمعي والبصري يُعد أساساً لتطور المعرفة للأجيال القادمة من خلال استكشافه وتحليله واستحضاره ونقله عبر مراحل التطور التكنولوجي الذي أصبح مَنصة للوعي العالمي المُشترك، مما يجعل من رقمنة التاريخ السمعي والبصري عملية إنسانية وتضامنية وحقوقية للشعوب والأرشيف الإنساني الذي يحفظ الذاكرة الجمعية.

إننا نحتاج إلى المزيد من السياسات الفاعلة التي تُمكن الفاعلين والمختصين من صَون عناصر التراث الوثائقي والانتفاع بها حتى لا نفقدها إلى الأبد وبإعتبارها مصدراً للمعرفة، الأمر الذي يتطلب منا في اليمن أن نحترم هذا التراث السمعي والبصري ونحافظ عليه مثلما نحافظ على الآثار والأعيان التاريخية والثقافية والمتاحف والمخطوطات من التخريب والإهمال والنهب والتلف، وهو ما يفترض أن يكون مسئولية الحكومة برسم تلك السياسات وتنفيذها غير أن التقصير منها والاعتماد على دعم المانحين في كل شيء إضافة إلى ضرورة مشاركة المجتمع في هذه المسألة التي تظل ضعيفة بسبب الأوضاع المتردية فبالكاد المواطن اليمني يبحث عن تأمين سُبل العيش بعيداً عن التفكير في هكذا مواضيع.

إن دعم مثل هذه الأعمال والأنشطة في القطاع العام أو الخاص من أهم أساليب الحفاظ على التراث والتاريخ في اليمن بالتعاون مع القطاعات والمنظمات الدولية ذات العلاقة ومن خلال برامج وإن كانت صغيرة إلا أنها تصبح كبيرة بإنجازاتها في هذا المجال.

ينبغي أن نُقدم احترامنا لكل من حافظ على التراث السمعي والبصري أو قام برقمنته في اليمن، وعلى سبيل المثال نُحيّي الأستاذ "عبدالرحمن الغابري" أرشيف وذاكرة اليمن في توثيق التراث والفنون البصرية والذي يعمل حالياً على رقمنتها ويقدم لنا الذاكرة السياسية والفنية والثقافية اليمنية من خلال الصور التي عمل عليها منذ أكثر من خمسين عاماً.

وتجدر الإشارة إلى أن "نافذة اليمن" تسعى اليوم إلى التوثيق السمعي والبصري لكل الموضوعات التي تعمل عليها منذ انطلاقتها عبر الصور والفيديو والتوثيق عبر المقابلات والاستطلاعات وبشتى الوسائل المتاحة.

هذا وتعد الصورة المرفقة للتقرير التقطها الأستاذ "عبدالرحمن الغابري" في عام 1973م .