آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:31ص

اخبار وتقارير


الموت يغيب ملك الخبر وأقدم المراسلين الصحفي الكبير محمد عبدالله مخشف .. سيرة ذاتية

الموت يغيب ملك الخبر وأقدم المراسلين الصحفي الكبير محمد عبدالله مخشف .. سيرة ذاتية

الإثنين - 03 مايو 2021 - 02:45 ص بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - غرفة الأخبار

غيب الموت مساء الأحد، في العاصمة عدن، أقدم المراسلين الصحفي الكبير محمد عبدالله مخشف عن ناهز الـ70 عاماً قضى معظمها في العمل الصحفي .

والاستاذ محمد عبدالله مخشف الذي طلق عليه لقب "ملك الخبر" ولد في 2 مارس عام 1947م بمديرية الشيخ عثمان، محافظة عدن، وهو متزوج منذ العام 1974م من ابنة الفنان المطرب والموسيقي اليمني الكبير محمد مرشد ناجي وأب لأربعة أبناء، ثلاثة أولاد وبنت. اختار اثنان من الأولاد (ريام وذويزن) بإرادتهما دراسة الصحافة والاشتغال في مهنتها بعد تخرجهما الجامعي في مصر وعدن حيث الأول يعمل في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بصنعاء، والثاني في صحيفة 14 أكتوبر - عدن.

مخشف حرص على أن يحصل أبنائه على التعليم العالي والدراسة الجامعية التي حُرم منها لفقره، فالزميل مخشف درس فيها المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة قبل أن ينقطع عن الدراسة بعد السنة الثانية من الثانوية وهو نظام التدريس البريطاني القديم في عدن، لظروف قهرية نتيجة فقر والده وعدم قدرته على تحمل مصاريف الأسرة ناهيك عن مصاريف التعليم.

عُرف عن مخشف شغفه بالقراءة والإطلاع على الصحف والمجلات المحلية ثم المصرية واللبنانية منذ نعومة أظافرة مما عوضه عن حرمان مواصلة الدراسة المنتظمة، وأظهرت حبه لهوى وعشق الصحافة التي شاء القدر أن يرتبط مصيره بها كمهنة لم يعرف غيرها منذ بداية حياته العملية وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.

وكانت بداية مخشف الصحفية في جريدة فتاة الجزيرة اليومية لصاحبها الأستاذ محمد علي لقمان كمحرر تحت التدريب في تصحيح البروفات وتحرير صفحة أسبوعية للشباب وتسجيل وتفريغ الأخبار من الإذاعات المحلية والعربية براتب أسبوعي قدره (36) شلناً بعملة ذلك الزمان.

وفي مطلع عام 1965م التحق بصحيفة الأيام بعدن اليومية الواسعة الانتشار لصاحبها الأستاذ محمد علي باشراحيل بوظيفة مساعد محرر وبراتب شهري يبلغ(300) شلن.

في صحيفة الأيام - عدن وجد المجال أوسع لتراكم تجربته الصحافية الناشئة، فإلى جانب عمله الأساسي في تسجيل وتفريغ الأخبار التي تهم الجريدة من الإذاعات مثل صنعاء وتعز والقاهرة وصوت العرب ولندن، بدأ اسمه ينتشر ككاتب عمود ومحرر فني متابع لنشاطات الحركة الفنية التي كانت مزدهرة في تلك الفترة.

كما كان يجري المقابلات مع مشاهير الفن والغناء وتغطية حفلاتهم الساهرة آنذاك. في عام 1966م كان له في الأيام قصب السبق في خوض تجربة جديدة عليه وعلى صحافة ذلك الزمان، هي التحقيق الصحفي المصور الميداني الذي لم تكن تهتم به الصحافة في ستينات القرن الماضي، بل ولم تكن تعرفه حتى. وكان ذلك التحقيق عن مشاهدات رحلة جوية ركب فيها الطائرة لأول مرة إلى خارج عدن لتغطية مهمة اختاره رئيس التحرير للقيام بها، وكانت لمرافقة معونة إغاثة من المواد الغذائية تم نقلها بطائرات الجيش البريطاني إلى منطقة حبروت الصحراوية في سلطنة المهرة آنذاك التي كانت تجتاحها موجة مجاعة.

وحمل التحقيق عنوان "كنت في بلاد المهرة" مزوداً بالصور. ونتيجة الصدى الواسع للتحقيق وتجاوب القراء الإيجابي مع ذلك التحقيق، والذي تمثل في زيادة الطلب على نسخ إضافية من عدد الجريدة ذلك اليوم، صرف له رئيس التحرير مبلغ 100 شلن مكافأة تشجيعية لنجاح التحقيق. كما زاد راتبه 100 أخرى ليصبح 400 شلن شهرياً، وهو مبلغ محترم في ذلك الزمان.

وفي إبريل 1967م توقفت جريدة الأيام عن الصدور قسرياً بسبب تردي الأوضاع الأمنية في عدن، نتيجة اشتداد العمليات العسكرية للثوار ضد قوات الاحتلال البريطاني لعدن والجنوب وتزايد حدة الصراع بين الجهتين المتنافستين ليضطر للنزوح إلى شمال الوطن، وهو في العشرين من عمره بحثاً عن عمل.

في صنعاء التحق مخشف بإذاعة صنعاء كمحرر في قسم الأخبار، ثم عاد إلى عدن بعد عدة أشهر مع خروج القوات البريطانية ونيل الاستقلال، حيث تم استدعاه في مطلع 1970م من الصحافي البارز محمد ناصر محمد ليكون معه ضمن طاقم محدود اختاره بنفسه في تأسيس وإنشاء أول وكالة أنباء وطنية على مستوى منطقة الجزيرة والخليج أطلق عليها اسم وكالة أنباء عدن (ا. ن. ا).

وفي الوكالة وجد عالماً خصباً وجديداً هو عالم الأنباء والأحداث العاصفة التي تتدفق وقائعها ومجرياتها من مختلف إنحاء العالم مباشرة أولاً بأول عبر أجهزة التقاط إرسال وكالات الأنباء العربية والعالمية كرويترز وفرانس برس وتاس وكالة الأنياءالسوفيتية، والعربيات كوكالة أنباء الشرق الأوسط والعراقية والسورية وغيرها. وقد أكسبه التعاطي مع عالم الأنباء تجربة جديدة غنية كان لها شأن كبير في تطوير قدراته وأدواته الصحافية وتأهله مهنياً لتولي مهاماً أكبر مستقبلاً.

وفي نهاية نفس العام اختير مخشف مراسلاً معتمداً لوكالة رويترز, وهي إحدى أكبر وأشهر وكالات الأنباء في العالم، وذلك خلفاً لمحمد ناصر محمد الذي كان قد كلفه بالعمل كمراسل لها من الباطن طوال الأشهر السابقة كتجربة تعلم فيها أسرار وأساليب العمل في تحرير وصياغة الأخبار المحلية ونوعيتها التي تهم العالم الخارجي، ولا يزال مراسلاً لرويترز حتى اليوم .

خلال الفترة من 1973م - 1982، تنقل مخشف بين صحيفة 14 أكتوبر اليومية الوحيدة في عدن، وأوكل إليه رئاسة قسم الأخبار وكذلك رئاسة النوبة الليلية لعدة أيام في الأسبوع، وبين وكالة أنباء عدن .

في بداية عام 1983م، انتقل إلى دار الهمداني للطباعة والنشر - عدن بناء على طلب من صديقه الشهيد أحمد سالم محمد الحنكي، الذي عين للتو رئيساً لمجلس الإدارة، وأسند إليه مهمة سكرتير تحرير مجلة جديدة صادرة عن الدار هي المسار التي كانت أول مجلة سياسية اجتماعية اقتصادية مصورة جامعة تصدر في اليمن. وكان قد شارك في وضع تصورها وإنشائها الشاعر والإعلامي العربي البارز الأستاذ سعدي يوسف، الذي نزح إلى عدن من بيروت عقب الغزو الإسرائيلي للبنان.

في عام 1987م كلف من قبل وزير الإعلام حينها د. محمد أحمد جرهوم مع زميليه نعمان قائد سيف وإبراهيم محمد الكاف بإصدار مجلة جديدة تُعنى بشؤون المغتربين أطلق عليها اسم نداء الوطن لتكون بديلة عن مجلة المسار التي توقفت بعد أحداث 13 يناير 86م الدامية واستشهاد رئيس مجلس إدارة دار الهمداني أحمد سالم محمد الحنكي.

في بداية عام 1993م اختير عن طريق الصحافي اليمني البارز والمهاجر في السعودية الأستاذ فاروق لقمان، مراسلاً لجريدة الاقتصادية السعودية اليومية التي تصدر عن الشركة السعودية للأبحاث والنشر وتطبع في الرياض ولندن، واستمر فيها لمدة 13 عاما. عاصر جيل العمالقة من الصحافيين في عدن وما جاورها، أمثال محمد على لقمان وعلي لقمان وفاروق لقمان ومحمد علي باشراحيل ومحمد أحمد بركات ومحمد ناصر محمد وعمر عبد الله الجاوي.

خلال رحلته الصحفية، شارك مخشف بفاعلية في العمل النقابي الصحفي، حيث في مختلف مراحل الحراك الصحافي لتأسيس كيان نقابي ومهني للصحافيين اليمنيين منذ بدء الخطوات الأولى مطلع سبعينيات القرن الماضي الذي توج بانعقاد أول مؤتمر تمخض عن إنشاء منظمة في عدن عام 1976م تحت اسم منظمة الصحفيين اليمنيين الديمقراطيين.