آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-07:53م

اخبار وتقارير


الشاعر الكبير د. المقالح في حوار صحفي مثير : صنعاء لن تموت

الشاعر الكبير د. المقالح في حوار صحفي مثير : صنعاء لن تموت

الأربعاء - 18 أغسطس 2021 - 11:40 م بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - عدن

 

 

يملك الشاعر اليمنى الكبير د. عبد العزيز المقالح، رؤية استشرافية تنبع من مفكر وشاعر صال وجال بقلمه فى كل ألوان الشعر والكتابات النقدية والسياسية، كان شاهدا وحاضرا لأحداث سياسية وثورات هزت أرجاء الوطن العربى اليوم، وبعد هذه السنوات، يؤكد فى حوار صحفي أن انتفاضة الربيع العربى انتكست بالوطن العربى، كما لم يحدث من قبل، مؤكدا أننا اليوم فى أمس الحاجة إلى حركة التغيير العربى، معتبرا أن النهوض بواقع اللغة العربية نهوض بواقع الأمة، ويرى أن الجيل الحالى من الشباب قادر على أن يقدم صورة جديدة للإبداع.

حوار صحفي مثير مع صحيفة بوابة الأهرام يكشف تجارب «المقالح» ومحطاته الشعرية.

> حصلتَ على جائزة «أمير الشعراء أحمد شوقى» فى دورتها الأولى (2019) م، كما حصلت قبلها على جائزة “العويس” فى دورتها الحادية عشرة فى العام (2009) م، وقبلهما حصدت العديد من الجوائز، فماذا تعنى لك هذه الجوائز؟ 

فى البداية اسمحوا لى أن أشكر الإخوة فى “الأهرام العربي” على اطمِئنانِهم على صحّتى، وأوجّه إليهم وإلى جميع القرّاء العرب مِن خلالهم خالص الحب والامتنان، وأُطمئِنُهُم أنى بخير ولله الحمد.

أمّا عن الجوائز فهى تُعتبَر حافزًا دافعًا للكاتب، كى يرتقى بكتاباته إلى الدرجة المرجوّة التى يُرضى بها نفسه وجمهوره. 

> فى 2020 كتبتَ قصيدتك “أعلَنتُ اليأس” وفيها تقول: 

“أنا هالكٌ حَتمًا..

فما الدّاعِى إلى تأجِيلِ مَوتِى؟

جَسَدِى يَشيخُ..

ومثلُهُ لُغَتِى وصَوتِى”

وفى مقطع آخر تقول:

“صنعاءُ.. 

يا بيتًا قديمًا ساكنًا فى الرّوحِ

يا تاريخَنا المَجروحَ”. 

> لماذا أعلنتَ يأسَك؟ وهل ضاعت صنعاء التى سَكَنْتَها وسَكَنَت روحك على مدار 70 عاماً من الزمان؟

هذه القصيدة حالة من حالات اليأس التى تعترى بعض الشعراء والمبدعين فى لحظة من لحظات الحياة المخيّبة للآمال، وهى ليست حالةَ يأس مطلق، بل محدود، قد يتغير بتغير دوافعه، كما أنّ هذه القصيدة ليست من قصائد 2020، فهى تسبق هذا التّاريخ بأعوام، أمّا عن صنعاء فإنها لم ولن تموت، مهما عانت أو مرّت بأوقات حرجة وصعبة.

> فى بداية مسيرتك الشعرية كتبت: «صباحُ المحبّةِ والشِّعرِ يا أيّها الوطنُ الأخضرُ المُتَحَزِّمُ بالضوءِ يا وَطَنًا سَكَنَتهُ القصيدة» فماذا تقول اليوم؟

أُعِيد ما قلته سابقًا: 

«صباحُ المحبّةِ والشِّعرِ

يا أيّها الوطنُ الأخضرُ المُتَحَزِّمُ بالضوءِ

يا وَطَنًا سَكَنَتهُ القصيدة»

> أفهم من ذلك أنك متفائل لمستقبل اليمن؟

متفائل جدا.

> هناك محطات كثيرة تخللت عالمك الشعري، ما أهم هذه المحطات؟

لعلّ أهم تلك المحطّات برأيى، هى محطّة الانتقال من القصيدة العمودية إلى القصيدة الحرة.

> المنفلوطى وطه حسين، كانت مؤلفاتهما من محرمات الكتب عندكم، وكنت تقرأ المنفلوطي، فإلى أى مدى تأثرتَ به فى عالمك الشعرى؟ وما الكتب التى شكلت فِكرك وثقافتك؟

تأثُّرى بالمنفلوطى كان محدودًا، بعكس طه حسين الذى كان تأثّرى به ولا يزال أكبر وأعمق، أمّا الكتب التى شكّلت فِكرى وثقافتى فهى كثيرة ومتشعبة ولا أزعم أنّ باستطاعتى ذِكرَها أو حتى تذكّرها الآن.

> جبال سويسرا جَعَلَتك تحنّ إلى جبال قريتك؛ كتابك «كتاب القرية» بمثابة ملحمة شعرية عن هذه القرية التى تسكنك وما بها من ذكريات للطفولة؟

نعم.. لقد جعلتنى تلك الجبال أتذكّر جبالَ ريفِنا اليمنى الجميل، كما أنها عادت بى إلى طفولتى وجعلتنى أحِنُّ إلى قريتى.

> فى البدايات كنت تكتب قصائدك باسم مستعار «ابن الشاطئ» فلماذا استعرت اسماً تتوارى خلفه؟

لم أكن أعتقد أنى أكتب شعرًا يستحقّ أن ينتمى إليه اسمى.

> من خلال هذه القصائد لاحظت تأثرك بالقرآن الكريم؟

نعم.. لقد تأثّرت بالقرآن الكريم، فالقرآن هو المنبع الأوّل والوحيد الذى تتشكّل على يديه اللّغة والخيال عند كل مبدعٍ ينشأ فى بيئةٍ محافظة.

> “نحن فى زمن الرواية” “الشعر فى أزمة” “النقد فى أزمة”.. عبارات نسمعها فى هذا الزمن كثيراً، ومن خلال كتابك “نقوش مأربية” قلت إن الإبداع العربى بخير، والنقد كذلك بكل مدارسه المختلفة، فما تعليقك على هذه العبارات التى تتردد بأن النقد والشعر فى أزمة؟

أؤكّد قولى إنّ الإبداع العربى بخير، برغم ما يُعانيه مِن الضّعف بين الفينة والأخرى، وذلك عائدٌ إلى انصراف المبدعين عن القراءة التى بدونها لن يستطيعوا أن يُدركوا سرّ التجدّد والاستمرار. 

> ما رأيك فى قصيدة الهايكو التى انتشرت خصوصا فى اليمن؟

قصيدة الهايكو بدأت يابانيةً فى القرن السابع عشر، ثم أخذت بالتوسّع، واستمرارها إلى اليوم دليلٌ كافٍ على أنها قادرة على المنافَسة والمعاصَرة، لكنها تظل كأخواتها من التجارب التى لا يُمكن الحُكم عليها من خلال شَكلِها أو نوعِها، لكن من خلال مهارة الشاعر الذى يكتبها.

> هل استطعت أن تستثمر منجزات القصيدة الحديثة وتوظيفها بالرموز؟

نعم.. وقد كان ذلك نتيجة القراءة والتعمّق.

> عندما توليت رئاسة جامعة صنعاء، كان ذلك بعد انتفاضة كبيرة مر بها الشعب اليمني، لكنها غيرت الواقع الثقافى اليمنى؛ اليوم وبعد ثورات الربيع العربي، ما رؤيتك الاستشرافية لحال الوطن العربى؟

لا أرى أنّها أحدثَت تغييرًا للواقع نفسه كما كان يُؤمل منها، بل انتَكست به كما لم يحدث من قبل.

> تحدثت كثيراً عن جدلية العلاقة بين المثقف والسلطة، سؤالى: فى رأيك لماذا اختفى المثقف السياسى اليوم وأصبح الجميع فى عزلة؟

أرى أنّ المثقف السياسى هو مَن عزل نفسَه، نتيجةَ ضعفِهِ وعدم مواكبته واستطاعته تقديم أيّ شيءٍ بإمكانه أن يُلفِت الأنظار إليه.

> لك دراسة عن الأدب والطفل العربى فى كتاب “الوجه الضائع” وسط ما نعيشه اليوم من ثورات وتطرف وفيروسات وأمراض، هل الطفل العربى ضحية؟

نعم.. الطفل العربى اليوم ضحيّة تَراكُم سنوات طويلة من الإهمال واللّا مبالاة، وهو بكلّ أسف يَجنى اليوم نتائج تلك السنوات المرّة.

> هل استطعت توظيف التراث فى الشعر المعاصر؟

نعم، أزعم أنى أحد القلائل الذين استطاعوا توظيف التراث فى الشعر المعاصر.

> الرمز الشعرى أخذ أشكالاً متعددة فى أشعارك فماذا يمثل لك الرمز؟

الرّمز هو حالة من حالات الشّعر، ويمثل لى بابًا لمذهبٍ فلسفى أَخرُج من خلاله إلى الإيحاء والتّلميح، كبديل عن التصريح والمباشَرة.

> كتبت مقالًا تحدثت فيه عن التحولات التى تحدث فى الدول العربية وقلت: إذا امتلكنا كغيرنا حركة رصد شامل لِما حدث على الأرض العربية من تحولات لا تقف عند موضوع واحد، ما تعليقك؟

هذا صحيح، فنحن اليوم فى أمَسّ الحاجة إلى رصد حركة التغيير العربى، لأنه لا يوجد فى أقطارنا العربية ما يوجد فى أقطار شعوب العالم من رصد لحركة التغيير وما يرافقها من حركة المجتمع بشكل عام، ولو فى إطار محدود، وإذا امتلكنا كغيرنا حركةَ رصدٍ شامل لَمَا كان حَدَث - ولا يزال يحدث - على الأرض العربية من تغيرات لا تقف عند موضوعٍ واحدٍ أو قضيةٍ واحدة. 

> مسيرتك الإبداعية حافلة بما يقرب من 40 كتاباً شعريّاً ونقديّا فماذا عن الدروس المستفادة خلال هذه الرحلة؟

هذا سؤال لست أنا مَن يملك الإجابة عنه، بل النقّاد الذين سيحددون جدوى تلك الدروس ومدى تأثيرها من عدمهما.

> تترأس حالياً مجمع اللغة العربية فى اليمن، هل يقوم المجمع بدور فاعل اليوم فى ظل ما تشهده اليمن من أحداث سياسية أثرت على الوضع الثقافى؟

مجمع اللغة العربية فى اليمن حاله حال أغلب المؤسسات والمنتديات الثقافية التى دَخَلت فى مرحلة سُبات وركود، وعلى الرغم من وفرة وجودة النتاج الأدبى لدى المبدع اليمنى الذى ما زال يصارع واقِعَه ويثبت حضورَه، فإنه لا صوتَ يعلو اليوم على صوت الرصاص والطائرات.

> كثيراً ما نتحدث عن النهوض بحال اللغة العربية؟ فما آليات النهوض بها من وجهة نظرك فى ظل انتشار الوسائط الرقمية وزحمة الحياة اليومية؟

النهوض بواقع اللغة العربية هو نهوض بواقع الأمّة، والعكس صحيح، كما يلخص ذلك الأستاذ الرافعى بقوله:”ما ذلّت لغةُ شعبٍ إلّا ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمرُه فى ذهابٍ وإدبار” لذلك يبقى إحياءُ المجمع والدفاع عن واقع اللّغة العربية والتمسّك بها هو الخطوة الأولى للدفاع عن هويتنا وأمتنا فى وضعنا الراهن.

> الخطاب الثقافى هل يحتاج إلى تجديد من وجهة نظرك؟ 

بكل تأكيد.

> ما تقييمك للتجربة الإبداعية للجيل الحالى من شباب اليمن؟

بكل ثقة أقول إنَّه جيلٌ قادرٌ على أن يُقدّم صورةً جيّدة وجديدة للإبداع، وقادر كذلك على حمل راية الشعر والارتقاء به.