آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-01:33م

فن وثقافة


"وهج الرماد".. رواية تحكي عن الواقع وإنتصار الحب في زمن البارود

"وهج الرماد".. رواية تحكي عن الواقع وإنتصار الحب في زمن البارود

الأحد - 21 نوفمبر 2021 - 10:49 م بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - كتب / توفيق محمد القرشي

ما أحوجنا دائماً لتفاؤل يفتح أعيننا على المرحلة القادمة، ويدفعنا ربما للعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، هناك في الطرف الأخر ينبثق شعاع خفي ينير فينا أشياء كنا نراها مظلمة، ومن وسط المعاناة يخرج الإبداع ويتجلى أمامنا بإشراقة شمس بعد غيمٍ ومطر، هكذا من الظلام الى النور خرجت حديثاً رواية "وهج الرماد" لصديقي الشاعر والأديب المبدع "دحان القباتلي"  عن  دار العناوين للنشر والتوزيع والتي اختارت من بين سطور الروايه التساؤلات :

من يا ترى له مصلحة في إشعال فتنة طائفية بهذه القرية الوادعة ..؟

من المستفيد من القلاقل وزعزعة الأمن ، وسحق الطبقات الهشة، وأصحاب الدخل المحدود؟

كم من عامل سرح من مصانعنا المتوقفة عن الإنتاج ؟

وكم من رأس مال سحب من بنوكنا المهددة بالنهب .. ؟

لتكون خلفية لصورة غلاف الرواية المطبوعه التى صدرت بها دار التشر  .

 "القباتلي" إختار عنوان روايتة وهج الرماد، ليكون فضاءً لأحداثه، التي صبغها بالكلمات الجميلة والعبارات السلسلة الذي  يخفي في ثناياها صورة أبدية للجمال وروعة البيان، ويرصد عالم الذات بالبوح عما هو دفين الصدر من خلال هذا العمل وأيضاً في كثير من أعماله القصصية والشعرية والفنية والإبداعية الذي يتمازج فيه القدرة على اللعب بالألفاظ وإطلاق العنان للخيال والحلم فينحت تماثيله من قلبه وروحه ويخط فيها آهاته، وآلامه، ويرسم آماله ويبدع في تصويرها وصقلها متخيلاً فيها الحياة.

"وهج الرماد " عنوان رسم به "دحان القباتلي" روايته حملت في ثناياها العديد من المعاني والإيحاءات، كما أنها تحمل دلالات جعلت لها قيمة جمالية وفكرية تجذب نظر أي متلقي يجد نفسه وبدون شعور داخل هذه الرواية يقرؤها ويبحث في ثناياها عن أبطالها، يشارك فيه وكأنه أحد تلك الشخصيات.

في رواية «وهج الرماد»، بكل ما تحمل الكلمة من معنى
يرسم الكاتب المبدع "دحان القباتلي" بدقة تلك المشاعر المتدفقة بالحب وسط ظرف عصيب يحاول إغتيال كل شيء جميل مثلما يقتل التعايش بين ابناء المجتمع الواحد، و يوضح كيفية زراعة الامل والحب بإعتباره الطريق لمقاومة الطائفية.

 "القباتلي" جعل من نصه مسرحاً لحضور ألوان شتى من  التناغمات المظلمة  "أوضاع قاتمة وفتنة مستعرة، وحرب طائفية لاتبشر بخير، وظلم جائر يطحن مفاصل الحياة، وإنتشار الفتن والقلاقل التي تهدف الى زعزعة الأمن والإستقرار وسحق الطبقات الهشة وذوي الدخل المحدود، واقع يفوح بالنعرات الطائفية،وفِتنَةٌ خبيثة ملعونة الجذور وميتة الضمير تجول وتصول برفع الشعارات الزائفة التي عنوانها الوطن، ومن يدري أن وراءها كارثة لتحقيق أهداف مشبوهة نتائجها ستتحقق على المدى البعيد، لكنه رغم ذلك السواد المنطقي الواقعي ، إلا أن الكاتب قرر أن ينفث فيه من روحة ليبعث في الحياة الأمل من خلال نظرته الإستشرافية للمستقبل الذي يبدو وبلاشك سيكون جميلاً أكثر من أي وقت مضى، وستشرق شمس الضحى على أرضنا من جديد ، وسينتصر بالنهاية الحق على الباطل، و الحب على الكراهية، والوردة على البارود.

 القباتلي كاتب حطم قيود المنفى اللغوي، وتجاوز إستخدام الموروث لمفهوم الروايه، وتوسيع النطاق لعالم الأدب وثورة التفاصيل الرتيبة التي تقيدها قوانين الكتابةالروائية المألوفة، وحلق في سماء الجمال ليجمع إبداعاته في ثراء لغوي وسرد جمالي، وينام في حضن الكلمات، ويسافر على متن المفردات ويتجول في منحدراتها ويستنشق من نسيم الصباحات الندية ليسافر في حلم الذات البعيد.

ماأروعك أيها القباتلي عندما تتثر من الشعر كلمات موسيقية تشد به أوتار القلوب، لتحرك فينا أحاسيس ذات طربٍ وشجون.. وهذه من إحدى روائعة:
 
قالت :

رحلتَ ولم تعُدْ

وتركتَ عصفوراً يطيرْ

وقصيدةً جَذلى بحبِّ الياسمينْ

والزهرةُ الصفراءُ تُسقَى مرتينْ

وحبيبُ بنت الجار أرَّقَها الحنين

ورائعة أحرى:

وقِبابُ مسجدنا الكبير تصدَّعت

والقلبُ يشكو الهجرَ"باكٍ على الأطلال ساكرُهُ وحيد"

أين المحبةُ والورود؟

يا هاجري خِنت الأمانةَ والعُهُودْ

ولبستَ ثوبَ الذُّل بعد المعزة والفخار

فلِم التكبّر والجحود؟

كتابات القباتلي، تعتمد بالسرد على أسلوب  السهل الممتنع واللغة  البسيطة والبليغة بالوقت ذاته، والسلاسة والمرونة، فلايتبارى بالجمل والألفاظ فحسب بل يعزف على أوتار القلب فيأسره بروائع التعبيرات والتشبيهات، فتنساب فيها الحكاية، وتأخذ مجراها،  فتبوح وتسرِد عن كل ما يُحيرك كل ما تريد البوح بِه والتعبير عنه عن كل الزخَم المتراكم بداخِلك الذي بحاجة شديدة لشيء يخُلصه ويريحه ويهدئ من ولعِه ويجعله ساكنًا مطمئنا، تحكي عن ألأمك وشغفك وحُبك وشوقِك عن قصَص بينك وبين ذاتك، ، القباتلي يكتب الشعر والقصَص الجميلة المليئة بإكسير من السعادة، أشعار وقصَص ونصوص تحتاج حقًا لمن يحفظها كي تظَل ذِكرى دائمة تلجأ إليها عند لحظاتِ يأسِك ولحظات ضَعفك، هكذا هو المبدع والكاتب دحان القباتلي الذي خرج من رحم المعاناة ليكتب ويعبر لنا عن كل ما يدور بجعبتة من حب متأصل نابع من ذاته وأحاسيسه المرهفة فينثرها في سطور، ويجعلها تتنفس، وتتحدث بحكايات هذا الزمن التعيس الذي أرهقته المشاكل والفتن والحروب، فإذا تأملت إلى نصوصه وبحثت بين السطور ستجد بإنه  يبعث برسالة تشدد على ان الحب لابد ان ينتصر على كل شيئ، وستجد في كل حديثة خفايا وأسرار تحمل في طيأتها كل أريج السعادة والشجون.