آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-05:18ص

فن وثقافة


كيف‭ ‬يعمل‭ ‬دماغ‭ ‬الأطفال‭ ‬لتعلُّم‭ ‬اللغة

كيف‭ ‬يعمل‭ ‬دماغ‭ ‬الأطفال‭ ‬لتعلُّم‭ ‬اللغة

الثلاثاء - 29 مارس 2022 - 09:11 م بتوقيت عدن

- نافدة اليمن / متابعات

أثارت‭ ‬قدرة‭ ‬الأطفال‭ ‬لتعلُّم‭ ‬واستخدام‭ ‬اللغة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بتعلُّم‭ ‬أشياء‭ ‬أخرى،‭ ‬حيرة‭ ‬العلماء‭ ‬لعقود‭. ‬مثلاً،‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬معظم‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الثالثة‭ ‬أو‭ ‬الرابعة‭ ‬عقد‭ ‬أربطة‭ ‬أحذيتهم‭ ‬أو‭ ‬أزرار‭ ‬معاطفهم،‭ ‬لكن‭ ‬بالمقابل‭ ‬يمكنهم‭ ‬فعل‭ ‬أشياء‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقاس‭: ‬تحويل‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬ذات‭ ‬المعنى،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلتقطها‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬ويفهمها‭. ‬فرحلة‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬مقطع‭ ‬لفظي‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬عامه‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬جمل‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الرابعة،‭ ‬سريعة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬عادي‭. ‬إذ‭ ‬يعرف‭ ‬جيداً،‭ ‬أولئك‭ ‬البالغون‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬إتقان‭ ‬لغة‭ ‬ثانية،‭ ‬كم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬مرهق،‭ ‬ويتحقق،‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬محظوظين،‭ ‬بوتيرة‭ ‬بطيئة‭ ‬للغاية‭.‬

إن‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬علماء‭ ‬الأعصاب‭ ‬بالمركز‭ ‬الطبي‭ ‬بجامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬مستشفى‭ ‬الأطفال‭ ‬الوطني،‭ ‬نُشرت‭ ‬في‭ ‬PNAS‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020م،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الرُضَّع‭ ‬والأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬لديهم‭ ‬أدمغة‭ ‬ذات‭ ‬قوة‭ ‬فائقة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬ما‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬يعالج‭ ‬البالغون‭ ‬معظم‭ ‬المهام‭ ‬العصبية‭ ‬المعيَّنة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬محدَّدة‭ ‬في‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬نصفي‭ ‬الكرة‭ ‬المخية،‭ ‬يستخدم‭ ‬الصغار‭ ‬نصفي‭ ‬الكرة‭ ‬المخية‭ ‬الأيمن‭ ‬والأيسر‭ ‬للقيام‭ ‬بالمهمة‭ ‬نفسها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باللغة‭. ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الأطفال‭ ‬يتعافون‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬العصبية‭ ‬بسهولة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬البالغين‭. ‬كما‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسة‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬تعافيهم،‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬عملية‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬بالإصابة‭.‬

تُعلق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬المهمة‭ ‬أستاذة‭ ‬طب‭ ‬الأعصاب‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون‭ ‬إليسا‭ ‬ل‭. ‬نيوبورت‭: "‬إن‭ ‬دراستهم‭ ‬تحل‭ ‬لغزاً‭ ‬حيَّر‭ ‬الأطباء‭ ‬وعلماء‭ ‬الأعصاب‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭". ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬المسح‭ ‬التقليدي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬تفاصيل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭. ‬الآن،‭ ‬باستخدام‭ ‬التصوير‭ ‬بالرنين‭ ‬المغناطيسي‭ ‬الوظيفي‭ (‬fMRI‭) ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تحليله‭ ‬بطريقة‭ ‬متطوِّرة‭ ‬وأكثر‭ ‬تعقيداً،‭ ‬ساعد‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

فحصت‭ ‬التحليلات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬أنماط‭ ‬تنشيط‭ ‬الرنين‭ ‬المغناطيسي‭ ‬الوظيفي‭ ‬لخرائط‭ ‬التنشيط‭ ‬اللغوي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬المخية‭ ‬لـ‭ ‬53‭ ‬فرداً‭ ‬موزعين‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬فئات‭ ‬عمرية‭: ‬4‭-‬6،‭ ‬7‭-‬9،‭ ‬10‭-‬13،‭ ‬و18‭-‬29‭.

وجد‭ ‬الباحثون‭ ‬أن‭ ‬المجموعات‭ ‬الأربع‭ ‬أظهرت‭ ‬تنشيطاً‭ ‬لغوياً‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأيسر‭. ‬لكن‭ ‬أظهر‭ ‬معظم‭ ‬الأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬أيضاً‭ ‬نشاطاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الأيمن‭ ‬المقابلة‭. ‬وقد‭ ‬تبيَّن‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬البالغين،‭ ‬تم‭ ‬تنشيط‭ ‬المنطقة‭ ‬المقابلة‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬المخي‭ ‬الأيمن‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬مختلفة‭ ‬تماماً‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تشاركت،‭ ‬خلال‭ ‬معالجة‭ ‬المشاعر‭ ‬المعبَّر‭ ‬عنها‭ ‬بالصوت‭ ‬في‭ ‬الأطفال‭ ‬الصغار،‭ ‬مناطق‭ ‬في‭ ‬كلا‭ ‬نصفي‭ ‬الكرة‭ ‬المخية‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬معنى‭ ‬الجمل‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬العاطفي‭.‬

وبحسب‭ ‬نيوبورت‭ ‬تبدأ‭ ‬شبكات‭ ‬الدماغ‭ ‬التي‭ ‬تحدِّد‭ ‬مهام‭ ‬معيَّنة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬نصفي‭ ‬الكرة‭ ‬المخية‭ ‬أو‭ ‬الآخر‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬حتى‭ ‬يبلغ‭ ‬الطفل‭ ‬10‭ ‬أو‭ ‬11‭ ‬عاماً‭ ‬تقريباً‭. ‬وتأتي‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أهميته‭ ‬العلاجية،‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يقدِّم‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬توحيد‭ ‬الأنظمة‭ ‬المعرفية‭ ‬والشبكات‭ ‬العصبية‭ ‬التي‭ ‬تكمن‭ ‬وراءها‭ ‬وتوحيدها‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭ ‬أثناء‭ ‬التطور‭. ‬إنه‭ ‬يقدِّم‭ ‬نظرة‭ ‬ثاقبة‭ ‬لمبادئ‭ ‬تطوير‭ ‬النظم‭ ‬المعرفية‭.