كشف الصحفي عبدالرحمن انيس، بالوثائق تفاصيل صادمة عن فساد في قطاع الأدوية يهدد حياة وصحة المواطنين في العاصمة عدن ومختلف المحافظات، في حين التزمت الحكومة الصمت إزاء ذلك .
انيس حصل على وثائق تكشف منح الهيئة العليا للادوية والمستلزمات الطبية في عدن تراخيص بدخول أدوية تالفة وغير صالحة للاستخدام على الرغم من التحذيرات المتعلقة بتغير لونها بسبب استيرادها في حاويات حديد غير مبردة .
ومن بين الوثائق تقرير حول وضع شحنة مملوكة لشركة فارما بيديا للاستيراد، يوجد رطوبة على الكراتين ونمل وبيوت العنكبوت بين باكتات الادوية.
وبرغم رفع الضابط الذي يشغل منصب رئيس قسم الادوية والمخدرات في شرطة المنطقة الحرة تقريره الى شرطة المنطقة الحرة مقترحا اتلاف الشحنة ، لكن الهيئة العليا للادوية ترفض ذلك، وتطلب الافراج عن الشحنة على ان يتم تحريزها في مخازن الشركة المستوردة تحت اشرافها.
وبحسب الوثائق وصلت تلك الشحنة الى ميناء عدن في 14 نوفمبر 2020 قادمة من باكستان ، وبعد ستة أشهر كاملة من بقاءها في الميناء، لكن مدير عام الهيئة العليا للادوية الدكتور عبدالقادر البابكري وجهت خطابا في تاريخ 27 يونيو 2021 الى مدير جمرك ميناء عدن للحاويات يطلب فيها الافراج عن الشحنة وتحريز الكمية التي تحوي ستة اصناف دوائية في مخازن شركة فارما بيديا تحت اشراف الهيئة.
وشملت أصناف الادوية المنتهية التي اصرت هيئة الادوية على الافراج عنها كي تحرز في مخازن الشركة المستوردة المضاد الحيوي لينزوليد ( اوكسازوليدينون مضاد حيوي للعدوى البكتيرية الخطرة ) كمية 5000 علبة ودواء باراسيتامول ( 24 الف علبة) ودواء ليفوفلوكساسين ( يستخدم لعلاج العدوى البكتيرية التي لا يمكن علاجها بمضادات حيوية اخرى). ( 30 الف قارورة و 15 الف باكت ) وميثيكوبال ( صنفين اقراص وامبولات ). ( 40 الف باكت).
وتبين الوثائق أن هيئة الأدوية تجني من هكذا مخالفات تهدد حياة الناس غرامات قيمتها اثنين مليون ريال تكرر استلامها أكثر من مرة مقابل عدم استئجار حاويات مبردة لنقل الشحنات .
وتبلغ تكلفة استئجار حاوية مبردة ٥٠ الف دولار منها ٥ آلاف دولار ايجار الحاوية و٤٥ الف دولار ضمان للحاوية، لكن التاجر يختصر ذلك بدفع ٢ مليون ريال غرامة بما يعادل ١٣٠٠ دولار .
كما نشر انيس عدة محاضر ( اثبات حالة ) ، وقعها المسؤولون في امن الميناء والجمرك تحسبا لاي مساءلة قانونية مستقبلا نتيجة استهلاك المواطنين لادوية بشرية تستورد بطريقة مخالفة لبروتوكولات استيراد الادوية وتصرف لها شهادات افراج من هيئة الأدوية التي من المفترض أنها تقوم بحماية المستهلك من الأدوية التالفة.
ومن الوثائق المنشورة مذكرة مشتركة من مدير جمرك المنطقة الحرة محسن قحطان ومدير عام شرطة المنطقة الحرة العميد عبد السلام العمري في ٢ يونيو ٢٠٢٢ موجهة الى محافظ عدن حامد لملس ومنسوخة للنائب العام ورئيس محكمة استئناف عدن ومدير امن عدن والهيئة العليا للادوية.
جاء في المذكرة "نحيطكم علما بان هناك شحنات ادوية تصل الى ميناء المنطقة الحرة محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الادوية ، وقد تم اتخاذ اجراءات من قبلنا برفع مذكرات الى الهيئة العليا للادوية ، كما تم اخذ تعهدات على مستوردي الادوية بعدم استيراد اي ادوية بحاويات ، ولكن لا زالت توصل بعض شحنات الادوية محملة بحاويات غير مبردة وغير مخصصة لحفظ الادوية ، ويتم الافراج عنها من قبل الهيئة العليا للادوية" .
واكدت المذكرة إخلاء أمن وجمرك المنطقة الحرة مسؤوليتهم عن وصول اي ادوية بحاويات غير مبردة وغير مخصصة ، وتتحمل مسؤوليتها الهيئة العليا للادوية والمستلزمات الطبية .
وبرغم مرور أيام على نشر هذه الوثائق التي جرى تداولها على نطاق واسع في المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي، إلا أن الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية لم تعلق على ذلك، في حين التزمت وزارة الصحة العامة والسكان وحكومة المناصفة الصمت إزاء مثل هذا الفساد الذي يستهدف بشكل مباشر حياة وصحة المواطنين.
