تحظى عملية تهجين النباتات بأهمية كبيرة في مجال الزراعة المعاصرة، حيث تساهم في إنتاج سلالات وأصناف جديدة من النباتات. يتم تحقيق ذلك عن طريق تزاوج نباتين أو أكثر من أنواع مختلفة، بهدف الحصول على سلالة جديدة تجمع بين الصفات المرغوبة للأصول. وعادة ما تكون السلالات الجديدة متفوقة ونقية، وتتمتع بميزات تجمع بين مميزات النباتين الأصليين.
ومع ذلك، فإن هناك فروقًا بين البذور الهجينة والبذور الأصلية، حيث تحمل كل منهما مزايا وعيوب. فالبذور الهجينة لا يمكن زراعتها أكثر من مرة واحدة، إذ تعتبر غير قابلة للتجديد، وفي حالة زراعتها مرة أخرى، فإنها لا تعطي أي إنتاج مقارنة بالمحصول الأول. وتستهلك البذور الهجينة كميات أكبر من المواد العضوية والأسمدة والمياه، وتنتج آثار صحية تظهر على المدى البعيد.
على الجانب الآخر، تتحمل البذور الأصلية التغيرات المناخية وتنتج محاصيل صحية، وتكون أقل عرضة للإصابة بالآفات والأمراض. بالإضافة إلى ذلك، يمكن زراعة البذور الأصلية وتكاثرها في مناخات متنوعة، وتحتفظ بالتنوع الوراثي على مر السنين.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن الاستخدام المتزايد للبذور الهجينة يشكل تهديدًا مستمرًا يمكن أن يؤدي إلى انقراض البذور الأصلية وفقدان التنوع الوراثي المحلي. وتحتكر معظم الشركات الدولية المنتجة للبذور الهجينة هذا القطاع، مما يجعل من الصعب زراعة المحاصيل بدون الاعتماد على تلك الشركات. وفي المقابل، تكون البذور الأصلية ذات صلة محليًا بكل بلد، حيث يحتفظ بعض المزارعين بها ويورثونها من جيل إلى جيل.
وقد عبّر المزارعون وخبراء في مجال الزراعة عن أهمية استعادة البذور الأصلية في الممارسات الزراعية المستدامة. وتشمل أهمية استعادة البذور الأصلية ما يلي:
1. الحفاظ على التنوع الوراثي: تمتلك البذور الأصلية مجموعة واسعة من الصفات الجينية المتنوعة، مما يسمح بتكييف المحاصيل مع التغيرات المناخية ومقاومتها للآفات والأمراض. باستعادة البذور الأصلية، يمكن الحفاظ على هذا التنوع الوراثي القيم.
2. الاستدامة الزراعية: يعتبر استخدام البذور الأصلية جزءًا من ممارسات الزراعة المستدامة، حيث يتم تجديد البذور واستخدامها مرة بعد مرة. وبالتالي، يمكن للمزارعين تقليل الاعتماد على شراء البذور الهجينة من الشركات الكبيرة وتقليل التكاليف المرتبطة بها.
3. الحفاظ على الاستقلالية الزراعية: يساعد استعادة البذور الأصلية في تعزيز استقلالية المزارعين والمجتمعات المحلية في قراراتهم الزراعية. فبدلاً من الاعتماد على الشركات الكبيرة لتزويدهم بالبذور، يمكن للمزارعين إنتاج وتوزيع البذور الأصلية بأنفسهم، وهذا يعزز السيادة الغذائية والاستدامة المحلية.
4. الحفاظ على التراث الزراعي: تعتبر البذور الأصلية جزءًا من التراث الزراعي والثقافي للمجتمعات المحلية. عن طريق استعادة واستخدام البذور الأصلية، يمكن الحفاظ على المعرفة التقليدية والتجارب الزراعية التي تمر من جيل إلى جيل.
لذا، يجب تعزيز الجهود لاستعادة واستخدام البذور الأصلية في الممارسات الزراعية، ودعم المزارعين المحليين والمجتمعات في الحفاظ على هذا الموروث الزراعي القيم وتعزيز الاستدامة والاستقلالية الزراعية.