تتواصل الاعتداءات والانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، التي تطال وتستهدف كل شي أمامها، بما فيها دور العبادة التي لم تتوقف الاعتداءات ضدها، فمورست المضايقات بحق أئمة وخُطباء المساجد في مناطق سطوتها، أغلب تلك المساجد في محافظة إب ثم محافظة ذمار وصنعاء.
طالت انتهاكات واعتداءات الميليشيا الحوثية عددا من المساجد والمراكز التابعة للسلفيين، خلال العام 2023، بالإضافة إلى منع عدد من الأئمة والخُطباء من الإستمرار في القيام بالمساجد، واستبدلت آخرين بقيادات موالين لها، كما اعتدت على مساجد تاريخية وأثرية، وأنشأت استحداثات خاصة في عدد منها، ولفقت التهم الكيدية والأكاذيب على مراكز سلفية بهدف السيطرة عليها، وغيرها من أساليب الإجرام التي طالت دور العبادة.
علاوة على ذلك، فقد حولت جميع المساجد بمناطق سطوتها إلى مجالس مقيل وسهرات لمضغ القات، والاستماع إلى خطابات المدعو عبدالملك الحوثي، بعد أن قامت بتركيب الشاشات الكبيرة في المساجد، وتعيين عدد من أتباعها ممن تسميهم بمشرفيها الثقافيين لإلقاء محاضرات، وركزت على ذلك في شهر رمضان المبارك، فيما أقامت الرقصات وتشغيل الزوامل في عدد من المساجد.
ومنعت ميليشيا الحوثي الإرهابية النساء من الصلاة في المساجد بالمناطق الخاضعة لسيطرتها بالتزامن مع تدنيس عناصرها للمساجد واقامتهم برنامجا طائفيا طيلة ليالي رمضان وتحويلها الى أماكن لمضغ القات والدخان بذريعة الاستماع لمحاضرات زعيمها عبدالملك الحوثي.
ومن بين تلك الانتهاكات الحوثية التي طالت عشرات المساجد في العام 2023، نبرز بعض منها في هذا التقرير الذي تمكنا من رصدها، نسردها حسب الترتيب الشهري، وهي كالتالي:
في منتصف يناير 2023، داهمت ميليشيا الحوثي مسجد "العشة" في منطقة الجاهلية بمديرية همدان، واتخذت من مرفقات المسجد مقراً لعناصر الميليشيا الذين استقدمتهم ليمارسوا حملة الاعتداءات المستمرة بحق أبناء المنطقة، وهدفت الميليشيا من خلال هذا التصعيد إلى تشديد حصارها على السكان وتوسيع عمليات المداهمات وملاحقة الأهالي وتجريف أراضيهم الزراعية ونهبها، وقد اختارت المسجد لموقعه المهم على الطريق الرئيسي في مدخل المنطقة، لتتخذ منه نقطة لمراقبة القرية والتضييق على أبنائها، في ظل استمرار تقييد حركة المواطنين وإرهابهم من قبل عناصر الميليشيا المنتشرين بالمنطقة.
في فبراير، أقدم مسلحون حوثيون على القيام بأعمال حفريات وأنفاق في مسجد قرية "الحديدة" في عزلة بني شمسان بمديرية المخادر، شمال إب، للبحث عن كنوز وآثار قديمة يعتقد أنها موجودة في المسجد، حيث تم الاعتداء على المسجد عدة مرات خلال الأسبوع ذاته، وسط غياب أي دور للجهات المعنية.
ومطلع أبريل 2023، حولت ميليشيا الحوثي مسجد "بلال" في منطقة "الصلبة" بمديرية "الظهار" وسط مدينة إب، إلى أماكن للمقيل والسهرات وتجمعات للاستماع إلى خطابات المدعو عبدالملك الحوثي، كما حولت العديد من المساجد في مناطق سطوتها بمحافظة إب وغيرها من المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وفي أبريل أيضاً، الذي كان حينها شهر رمضان المبارك، منعت ميليشيا الحوثي الإرهابية الشيخ علي راشد المصنف، من إمامة مسجد العياني بمحافظة ذمار، ووضعت أحد اتباعها، قابلها انسحاب كبير للمصلين ونتيجة ضغوط شعبية في ذمار أعادت الميليشيا الحوثية الشيخ المصنف، لكنه مارست كل أساليب التضييق ضده، مما دفعه لترك المسجد في شهر سبتمبر 2023، والانتقال إلى محافظة حضرموت بعد أن أدى مناسك العمرة مع أفراد أسرته، والتي كانت الوسيلة الوحيدة للخروج من مناطق الحوثيين.
وأيضاً في أبريل، نشب خلاف بين أهالي قرية حمة صرار بمديرية ولد ربيع في محافظة البيضاء، وبين عناصر ميليشيا الحوثي الإرهابية المتمركزين داخل مسجد القرية قبيل أذان المغرب، ما دفع العناصر الحوثية إلى إطلاق الرصاص بشكل مباشر على المدنيين، والتي أسفرت عن مقتل مواطن وجرح إثنين آخرين من أهالي القرية، وقد تطور الموقف إلى تداعي أهالي قرية حمة صرار، لتندلع عقبها مواجهات مسلحة بين الأهالي وعناصر الميليشيا.
في مايو 2023، أقتحمت ميليشيا الحوثي بقيادة المدعو أحمد العصري الحمران، مشرف الأوقاف والإرشاد بمحافظة إب، مسجد ومركز التوحيد للعلوم الشرعية التابع للسلفيين في منطقة المعاين بمدينة إب، وطردت ما يزيد عن 400 طالب منه، قبل أن تصادره وتحوله الى مركز صيفي تابع لها، حيث كان يدرس في المركز أكثر من 400 طالب، بعضهم ممن جرى تهجيرهم من مركز دماج السلفي بمحافظة صعدة عندما اجتاحته الميليشيا مطلع العام 2014م، وقد شوهدت عناصر الميليشيا وهي تنصب شاشات تلفزيونية داخل المسجد، كما نهبوا أثاثاً وممتلكات خاصة بالمركز وطلاب العلم.
وبعد يومين من عملية اقتحام المسجد واحتلاله من قبل ميليشيا الحوثي، وتحويله إلى مركز صيفي تابع لها، أقدمت الميليشيا على اختطاف خطيب وإمام المسجد الشيخ "صلاح مطهر الصديق"، إضافة إلى اعتقال عدد من طلاب مركز التوحيد التابع للسلفيين، وقد اقتادت إمام المسجد الى مكان مجهول، فيما نقلت بقية المختطفين إلى سجنها بمقر جهاز الأمن والمخابرات.
وفي مايو أيضاً، أعتدى خطيب يدعى بشير محمد عبده أحمد، فرضه الحوثيون على جامع في عزلة المغاربة بمديرية مذيخرة محافظة إب، بالضرب مستخدما الفأس على رجل يعاني من حالة نفسية ومعروفة حالته لدى معظم الناس، حيث تهجم على المريض نفسياً "عبده علي أحمد" الملقب "العباد" في منتصف الليل، وهو في بيته نائم وباشره بالضرب على رأسه، وزعم الجاني بأن المجني عليه أخذ القات من مزرعته، مع العلم أنه كان نائماً بعد أن تم حقنه بعلاج للحالة النفسية لينام بعدها ولا يستطيع القيام، والخطيب الحوثي أتاه وباشره بالضرب على رأسه بالفأس، والمجني عليه من الضعفاء وقد تم الضغط على شقيقه وأعطوه تكاليف جزء من العلاج وألزموه السكوت عن الحادثة وتم التنازل لهم.
وفي يونيو 2023، حولت ميليشيا الحوثي مسجد "الفردوس" في حي سعوان بالعاصمة صنعاء إلى مركز استقطاب وتدريب وتجنيد للأطفال ما دون 14 عاما، مستغلين مساحة المسجد الذي يعد ثاني أكبر مساجد العاصمة من حيث المساحة، بمزاعم إقامة المراكز الصيفية، مما جعل المسجد شبه معسكر، كون الميليشيا أفرغته تماماً من المصلين، وخصصته لتدريب الطلاب، كما أن الدور الأرضي منه أصبح للإيواء، والذي يتواجد فيها العشرات من الأطفال.
وقد فرضت الميليشيا حراسة مشددة على المكان، من جميع الاتجاهات والشوارع المحيطة به، كما أن الدوريات العسكرية والأطقم لم تتوقف حينها على مدار اليوم، وقد شُوهد حينها في باحة المسجد التدريبات للصغار منذ الساعة الثامنة صباحاً، وكانت تستمر في بعض الأيام إلى الثانية عشرة ليلاً.
في يوليو، أقدمت ميليشيا الحوثي الإرهابية على هدم أجزاء من سور مسجد المشهد الأثري، الواقع في حي باب شعوب، والذي كان يسمى بمصلى العيدين "الجبانة"، بعد يومين من هدم حمامات المشهد العامة بقوة السلاح، وتسليمها لأحد قياداتها، وبدوره قام باستقدام عمال واستحدث سوراً من زنج الهناجر، ثم بداء بمشروع استثماري تجاري لصالحه.
في أغسطس، حاولت ميليشيا الحوثي الإرهابية السيطرة على مركز دار الحديث في منطقة مفرق حبيش بمديرية المخادر، شمالي مدينة إب، وإغلاقه بشكل كلي، فمارست المضايقات التي تعرض لها القائمون على المركز، بقيادة المدعو "أحمد الحمران" الملقب بـ"العصري" والذي عينته المليشيا مديراً لما أسمّته "مكتب الإرشاد"، الذي لفق التهم الكيدية والأكاذيب ضد المركز الذي يتبع الشيخ عبدالعزيز البرعي، الذي بدوره نفى في بيان صادر عنه، تلك الاتهامات والشائعات، مؤكداً أن عمليات التحقيق وصلت إلى براءة المركز من تلك الاتهامات، وقد أدان علماء ووجهاء محافظة إب، في بيان آخر، الاتهامات الموجهة ضد دار الحديث، والإشاعات التي يتم تداولها بهدف إشعال الفتنة.
كما أستولت ميليشيا الحوثي الإرهابية، في أغسطس 2023، على جامع "الروضة" في مديرية المشنة نفسها، بعد عمليات تضييق واسعة مارستها الميليشيا على القائمين على شؤون المسجد.
أما في شهر سبتمبر 2023، أعتدى النافذ الحوثي "محمد علي حمود آل طه" على محراب مسجد الدعوة بمفرق حبيش وباشر بهدم جدار الحماية التابع للمسجد بغرض ضمه إلى باحة منزله، حيث قام بالهدم واستحداث البناء ليلاً رغم الأوامر بإيقاف الاعتداء في ظل تواطؤ الجهات المعنية التابعة للميليشيا.
وقد أظهرت شكوى مقدمة من خطيب وإمام مسجد الدعوة علي محمد قايد موجهة إلى مدير فرع ما تسمى هيئة الأوقاف بمديرية المخادر بشأن تكرر الاعتداء على محراب المسجد وجدار الحماية من قبل النافذ الحوثي والذي وجه بضبط المعتدي وإعادة الوضع كما كان عليه لكن دون أن يتم التنفيذ.
وفي سبتمبر ذاته، أقدم نافذ حوثي آخر يدعى عبدالسلام الأنباري، بتحويل سطح جامع القاضي بمدينة جبلة إلى ملحق لسكنه، حيث قام ببناء حمام ومطبخ في سطح الجامع الذي يعود تشييده إلى عهد الدولة الصليحية، كما اقتطع جزءاً من بوابته والسلالم المؤدية إلى السطح الذي حول جزءاً منه إلى مكان لنشر غسيل الملابس.
وأيضاً في سبتمبر، فقد أقتحمت ميليشيا الحوثي بقيادة المدعو "عبدالإله ذمران" المعين من قبل الميليشيا نائباً لمدير الأوقاف بمحافظة إب، اقتحمت ملحقات مسجد النور بالسوق المركزي في مديرية المشنة بمحافظة إب، وحولت جزءاً منه إلى سكن خاص بأحد قياداتها، كما حولت جزءاً آخر لمكان مقيل خاص بها، في مشهد قوبل باستياء واسع في الأوساط المجتمعية.
وفي شهر نوفمبر، فرضت ميليشيا الحوثي الإرهابية خطيباً من عناصرها في مسجد عثمان بن عفان، الواقع شمال شرقي مدينة ذمار، بدلاً عن الخطيب السابق وأحد مشايخ السلفية في المحافظة، الشيخ وهبان المودعي، حيث كان يخطب الجمعة فيه، وتفأجا إن مكتب الأوقاف التابع للميليشيا في أبلغه الجمعة 24 نوفمبر 2023، بقرار منعه من الخطابة في المسجد، وفرضت القيادي الحوثي المدعو أبو سليمان الدولة، بديلاً عنه.
وكانت الميليشيا قد سبق أن منعت الشيخ السلفي من الخطابة في الأعياد بمصلى العيد الذي أعتاد على الخطابة فيه والذي يقع في وادي الملة، شمال شرقي مدينة ذمار، ومارست المضايقات ضد الشيخ ولكل مشائخ السلفية بمناطق سيطرتها، ممن لا ينتمون لها.
ميليشيا الحوثي تتعمد تحويل المساجد إلى ثكنات عسكرية ومراكز تعبئة ومقرات ومعسكرات تجنيد الأطفال، التي شهدتها عدد كبير من مساجد اليمن في العام 2023، كما أنها تتعمد تجريف وطمس المواقع التاريخية والأثرية والدينية، التي تشكل إرثاً تاريخياً وحضارياً يمنياً، ضمن سلسلة جرائم ترتكبها وسط صمت مريب للمنظمات الدولية المهتمة بالتراث الإنساني والديني، في مقدمتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، رغم عشرات المطالبات من قبل السكان لجميع المنظمات الدولية المهتمة بالتراث والحضارة الإنسانية، للتحرك العاجل والجاد لحماية المعالم الأثرية اليمنية خاصة الواقعة في صنعاء القديمة والمدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، وكَفّ يد العبث الحوثي الإجرامي.