أثار إعلان مليشيا الحوثي، عن إجراء تعديلات فيما أسمتها "قواعد الاشتباك البحري"، واستعدادها لمواجهة طويلة الأمد ضد أمريكا وبريطانيا، تساؤلات حول المغزى من ذلك الإعلان والخطوات التي ستنتهجها الميليشيا وفقاً لذلك التغيير.
وتباينت تفسيرات الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين بشأن الإعلان الحوثي، نظراً لأن الميليشيا لا تتخذ مسلكاً قانونياً في تعاملها مع الأحداث الراهنة، خاصة مع تزايد استهدافها للسفن في البحر الأحمر.
ووصف الخبير العسكري العقيد وضاح العوبلي، أن تعديل ميليشيات الحوثي في اليمن ما يسمى "قواعد الاشتباك البحري" في ظل الصراع في البحر الأحمر، "حديث أجوف".
واعتبر العوبلي، ان "الحديث عن صياغة قواعد اشتباك أو عقائد عسكرية توظيف أجوف؛ لأن الحوثيين لا يتمتعون بأية حماية جوية فوق مناطق سيطرتهم، ومسرح عملياتهم مكشوف جويًا".
وقال العوبلي: "كل خططهم معرضة للفشل في مهدها في حال تعاطى خصومهم بجدية عسكرية مع تحركاتهم، ولنا في الوضع الذي أصبح عليه الحوثيون خلال معركة تحرير الساحل الغربي من اليمن عام 2018 خير مثال".
وأضاف أن "عمليات الحوثيين تخضع للظروف المحيطة بهم على المستويين العسكري والاستخباراتي، وليست وفق ترتيب عملياتي منهجي ومهني، كما هو متعارف عليه في الجيوش الرسمية، بقدر ما هي أقرب إلى حروب العصابات والميليشيات".
ورأى أن "ميليشيا الحوثي يتدف بهذه اللهجة إلى إرسال رسائل للخارج، خاصة أنها تأتي متزامنة مع جولة وزير الخارجية البريطاني إلى سلطنة عُمان، وهي جولة متعلقة بشكل أساس بشأن خفض التصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن".
وأردف: "هنا أرادت الميليشيا أن تكون مثل هذه التصريحات حاضرة على طاولة التفاوض مع كاميرون في مسقط، كتهديد استباقي، يحاول الحوثيون من خلاله انتزاع بعض المواقف والتنازلات البريطانية لصالحهم".
وأشار إلى أن "توظيف الحوثيين مناوراتهم بمنصات الصواريخ واستحداثهم مواقع بديلة أخرى لتلك المواقع السابقة التي ربضت فيها منصاتهم لسنوات، على أنه تغيير في قواعد الاشتباك، هو في الحقيقة تكتيك عسكري بديهي للتخفي والتمويه والمناورة، ولا يرقى لتسميته تعديلات جوهرية في قواعد الاشتباك، إلا في قواميس الميليشيات والعصابات".
من جانبه، رأى المحلل السياسي يعقوب السفياني مدير مكتب مركز "ساوث 24" للأخبار والدراسات في عدن، أن حديث وزير دفاع الحوثيين يشير إلى توسيع بنك أهدافهم في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي".
ولفت إلى أن "ذلك يتجلّى بوضوح في نمط الهجمات الأخيرة التي تركزت ضد القطع البحرية الأمريكية، سواء تجارية أو مدمرات وسفن حربية".
وأشار السفياني، إلى أنه "من المحتمل أن تتوسع ضربات الحوثيين الصاروخية على قواعد أمريكية مطلة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وبالتحديد في جيبوتي، كخطوة تصعيدية قادمة محتملة، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه".
وحذّر "منتدى الخليج الدولي" الأمريكي، في تقرير نشره، الثلاثاء، من إمكانية تحوّل الكابلات البحرية الخاصة بالاتصالات والإنترنت، في عمق مياه البحر الأحمر، إلى هدف مستقبلي للحوثيين، يهدد الاقتصاد العالمي.
وكانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في حكومة الحوثيين قد أكدت أواخر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، عدم وجود تهديدات تجاه الكابلات البحرية المارّة من باب المندب. وقالت إنها حريصة على تجنيب كابلات الاتصالات أي مخاطر.
واستبعد يعقوب السفياني أن يقدم الحوثيون على استهداف الكابلات الضوئية في عمق البحر الأحمر، لأنهم أنفسهم سيتضررون من ذلك بدرجة رئيسة، بسبب اعتمادهم على قطاع الاتصالات بشكل كبير في مواردهم المالية".
وتابع: "اليمن حتى الآن بأكملها، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، تعتمد على شركات اتصالات موجودة في صنعاء، وتخضع للحوثيين".
ولفت إلى أنه "ليس من مصلحة الحوثيين استعداء العالم بأكمله، إذا ما اعتدوا على الكابلات البحرية، وهم حتى الآن يقولون إن جميع الدول وسفنها ليست ضمن أهدافهم، باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا".
وختم قائلاً: "لذلك فإن استهداف المصالح الدولية في عمق البحر الأحمر، بما في ذلك الكابلات البحرية والسفن الأخرى، ليس ضمن خيارات الحوثيين في الوقت الراهن، وستكون له آثار خطيرة عليهم إذا ما تحققت".