أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاثنين، وضع استقالة حكومته تحت تصرف الرئيس محمود عباس، مشيراً إلى أن القرار جاء في ظل إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: "أود أن أُبلغ المجلس الكريم، وشعبنا العظيم أنني وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف السيد الرئيس، وذلك يوم الثلاثاء الماضي 20 فبراير 2024، واليوم أتقدم بها خطياً".
وأوضح اشتية في مستهل اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، أن قرار الاستقالة "يأتي في ضوء المستجدات السياسية، والأمنية، والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية ومدينة القدس، وما يواجهه شعبنا وقضيتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي من هجمة شرسة وغير مسبوقة".
وأضاف أن الحكومة واجهت "معارك شديدة"، مثل "قرصنة أموال السلطة"، في إشارة إلى احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية، ثم صفقة القرن، ثم حرب أوكرانيا، ومعركة جائحة كورونا، وحالياً الحرب على قطاع غزة
وأكد اشتية أن حكومته حققت توازناً بين احتياجات الشعب الفلسطيني، والحفاظ على الحقوق السياسية ومواجهة الاستيطان الإسرائيلي، لافتاً إلى أن "المرحلة المقبلة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسة جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، وتراعي محادثات الوحدة الوطنية، والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني".
وأشار إلى أن هذه الترتيبات يجب أن تأخذ في الاعتبار أيضاً "محادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني ومشاركة واسعة ووحدة الصف، وإلى بسط نفوذ السلطة على كامل أرض فلسطين".
وتتولى الحكومة تسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة، فيما رجحت مصادر تشكيل الحكومة الجديدة، قبل نهاية الأسبوع الجاري، خاصة أن اشتية حث الرئيس على سرعة تشكيلها لتستعد لتولي مهامها في قطاع غزة فور سريان وقف إطلاق للنار.
واقترحت الولايات المتحدة ودول عربية، مبادرة بتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة، بعد استبعاد فكرة تشكيل حكومة وفاق وطنيّ فصائلية، تتولى حكم الضفة الغربية، وقطاع غزة، وتبدأ عملها بوضع وتنفيذ خطة لإعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر، وأودت بحياة نحو 30 ألف فلسطيني.
وتلقى عباس، منذ بدء الحرب، مطالبات خارجية وداخلية بإحداث تغيير حكومي استعداداً لليوم التالي للحرب.
وطالب مسؤولون أميركيون بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، والمستشار الخاص للرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك، خلال جولاتهم بالمنطقة، بتشكيل حكومة جديدة تتولى مسؤولية قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
ونصحوا الرئيس بأن تكون الحكومة أكثر انفتاحاً على المجتمع، وأكثر تمثيلاً، وأن تمتلك برنامجاً إصلاحياً خاصة للنظم الإدارة والمالية والقانونية.
وفي 23 ديسمبر، قدمت مصر مبادرة للقوى الفلسطينية لتشكيل حكومة "تكنوقراط" بعد انتهاء الحرب، لتولي إدارة الضفة الغربية والقطاع، إلى جانب مهام إعادة الإعمار والإيواء.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اقترح خطة "لمرحلة ما بعد الحرب" تنص على احتفاظ إسرائيل بـ"السيطرة الأمنية" في قطاع غزة على أن يتولى شؤونه المدنية "مسؤولون محليون" بعد تفكيك حركة "حماس"، لكن السلطة الفلسطينية رفضت الاقتراح على الفور.
وسبق أن شدد الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" على أنه لن يتخذ قراراً في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة قبل وقف الحرب على قطاع غزة، مؤكداً أنه أبلغ عدداً من الدول العربية والغربية بأن أي خطوة داخلية بحاجة إلى توافق فلسطيني من كل الأطراف.
والجمعة الماضي، أعلنت حركة "حماس" أنها توصلت إلى توافق مع الفصائل الفلسطينية على "تشكيل حكومة مهمتها إغاثة الشعب الفلسطيني"، و"إطلاق عملية إعمار قطاع غزة"، و"الإعداد لانتخابات فلسطينية".
وفي 6 فبراير، قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب، إن إعادة إعمار ما دمرته الحرب، يتطلب تشكيل "حكومة وفاق وطني"، كاشفاً عن توافق مع "حماس" في هذا الشأن، جرى خلال اللقاء الأخير الذي عقده، مطلع فبراير، مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، في العاصمة القطرية، الدوحة.
كشف أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب، أن هناك توافقاً بين حركتي "فتح" و"حماس" بشأن تشكيل "حكومة وفاق وطني" تعمل على إعادة إعمار غزة.
وأبلغ الرئيس الفلسطيني، جهات دولية عديدة، أن مرشحه لتشكيل الحكومة الجديدة هو رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى.
وقالت مصادر لـ"الشرق"، إن عباس كلف مصطفى بوضع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، وخطة ثانية لإدخال إصلاحات على النظم الإدارية والمالية والقانونية للسلطة الفلسطينية.
وعرض مصطفى خطته لإعادة الإعمار على العديد من الجهات الدولية والغربية خاصة الإدارة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وتحتوي الخطة على تشكيل هيئة مستقلة لإعادة إعمار قطاع غزة، تعمل تحت إشراف البنك الدولي، وتكليف شركة محاسبة دولية متابعة وتدقيق ملفاتها المالية، على أن يجري تشكيل مجلس إدارتها من شخصيات محلية وازنة من سكان قطاع غزة.
وأحدثت الأنباء عن نية تشكيل الحكومة حراكاً واسعاً في الساحة السياسية الفلسطينية، إذ عُقدت سلسلة اجتماعات في الخارج والداخل لبحث الخيارات شاركت فيها شخصيات قيادية سابقة في حركة "فتح" مثل عضوي اللجنة المركزية السابقين في الحركة الدكتور ناصر القدوة، ومحمد دحلان، ورئيس الوزراء الأسبق سلام فياض ومسؤولين في حركة "حماس".
لكن على الصعيد الشعبي انتقدها بعض الفلسطينيين لأنها لم تأت ثمرة حوار وطني بين الفصائل الفاعلة، واعتبرها آخرون التفافاً على المطالب الوطنية بتشكيل حكومة أكثر تمثيلاً للشعب الفلسطيني.
واعتبر فريق ثالث، تشكيل الحكومة خطوة مهمة لأنها تبقي حالة الانسجام بين الرئيس والحكومة، وتحبط المحاولات الخارجية الرامية إلى تقليص صلاحيات الرئيس لصالح فئات من خارج النظام السياسي القائم الذي تشكل حركة "فتح" عموده الفقري.
ومن المقرر أن تجري الفصائل الفلسطينية، بينها وفد يمثل حركة "فتح" وآخر يمثل حركة "حماس" حواراً في العاصمة الروسية موسكو، في 29 فبراير الجاري.
وقالت مصادر مطلعة، إن عباس ينتظر مخرجات الحوار قبل أن يعلن تشكيل الحكومة الجديدة.