آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-12:40م

اخبار وتقارير


رجال الأعمال في اليمن .. بين إبتزاز الحوثي وفساد الشرعية

رجال الأعمال في اليمن .. بين إبتزاز الحوثي وفساد الشرعية

السبت - 28 ديسمبر 2019 - 10:52 م بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - أحمد القاضي

وقع رجال المال والأعمال في اليمن بين مطرقة الحوثي وسنديان الشرعية، ممثلاً بإبتزازات وتعسفات الأول وفساد الثاني، وكلاهما خلفا آثاراً سلبية على النشاط التجاري في البلاد، ومآسي كثيرة للسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، على وجه الخصوص خاصة مع إستمرار حملة الأخير لمصادرة الطبعة الجديدة من العملة المحلية .

ولم يسلم رجال الأعمال منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية في 24 سبتمبر 2014م، من عمليات الابتزاز وفرض إتاوات خارجة عن القانون أو ما يسمونه الحوثيون مجهود حربي إلى جانب رسوم اخرى كثيرة غير معلن عنها، جميعها تصب في إطار إثراء القيادات الحوثية .

وسعت الميليشيات منذ سيطرتها على كل مفاصل الدولة لمعرفه كافة التفاصيل المتعلقة برجال الأعمال وأصحاب المصارف وبدأت باستغلالهم وابتزازهم وسحب مبالغ ماليه منهم تحت مسميات لا وجود لها في الواقع.

يقول أحد رجال الأعمال في صنعاء لـ"نافذة اليمن" أن من ينجوا من قبضة الحوثي تلقفه كماشة الشرعية وتقضي عليه .. مشيراً إلى أن هذا الأمر دفع بالكثير من المستثمرين إلى الخروج من اليمن بشكل نهائي بعد تجربة مريرة عاشوها مع إنتهاكات الحوثي ومثلها مع فساد الشرعية .

ويضيف رجل الإعمال الذي يحتفظ الموقع بهويته، "يفكر التاجر منا بنقل نشاطه إلى المحافظات المحررة هرباً من إبتزاز الحوثي وللعيش بسلام لكنه يصطدم بهوامير الشرعية في مؤسسات الدولة وخاصة مصلحة الضرائب التي تفرض رسوم وغرامات سابقة على المكلفين رغم تسديد كل ما هو متعلق من قبل بحجه أن الحوثيين غير معترف بهم وأنهم هم الشرعية الوحيدة المخولة بأخذ تلك المبالغ" .

واستدل رجل الأعمال بما قال أنه خير مثال وهو إغلاق فروع شركة ام تي ان بعدن من قبل مصلحة الضرائب بسبب إن مصلحة الضرائب طلبت من فرع ام تي ان بعدن دفع أكثر من ثلاثة مليار ريال كضرائب لفرع ام تي ان باليمن وهو ما رفضته الشركة وأبلغت المصلحة ان كل فرع يسدد ما عليه في نطاق محافظته ليتم إغلاق ثلاثة فروع للشركة بعدن .. مشيرا إلى ان شركة ام تي ان كلفت محاميها لرفع قضية ضد مصلحة الضرائب كون الشركة عالمية وليست يمنية.

وفي السياق، زاد قرار الحوثيين بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة المحلية في مناطق سيطرتها من معاناة التجار الذين باتوا يعانون من أزمة خانقة في السيولة المالية، يقابلها حملات مفاجئة تنفذها الميليشيات وتقوم خلالها بمصادرة ما يملكون من نقود الطبعة الجديدة .

وشنت المليشيات الحوثية خلال الأيام الماضية حملات مكثفة لمنع تداول العملة اليمنية الورقية المطبوعة، وقامت بمصادرتها من الأسواق والمحلات التجارية وشركات الصرافة كما نصبت نقاط تفتيش في مداخل المناطق التي تسيطر عليها لمصادرتها من المارة.

وتزعم الميليشيات أنها تهدف من خلال هذه الإجراءات إلى معالجة وضع الإقتصاد الوطني الذي يتدهور يوماً بعد يوم بسبب ممارساتهم، ولكن في الحقيقة الهدف من هذه الإجراءات بحسب اقتصادي يمني هو الضغط على المجتمع الدولي للإعتراف بالبنك المركزي في صنعاء ووضع آليات جديدة تعتمد التقاسم بينه وبين البنك المركزي في عدن.

واوضح الإعلامي الاقتصادي، فاروق الكمالي بانه تحدث إلى مسؤولين في بنوك تجارية في محاولة منه للكشف عن أهداف الحوثيين من مصادرة النقود الجديدة، فأكدوا له أن الغرض هو الضغط على المجتمع الدولي للإعتراف بالبنك المركزي صنعاء ووضع آليات جديدة تعتمد التقاسم بين البنكين، بانتزاع 50% من الاعتمادات المستندية والمطبوعات النقدية ومعالجة شح السيولة في مناطقهم.

وأشار إلى أن هذه الخطة رفضها محافظ البنك المركزي المعين من قبل الميليشيات، محمد السياني، الأمر الذي دفع بالميليشيات إلى إقالته وتعيين محافظ جديد من خارج القطاع المصرفي يدعى رشيد أبو لحوم .. مضيفاً أن السياني هو مصرفي معروف وكان يميل إلى توحيد البنك المركزي عبر تسوية إقتصادية .

وكان البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، قد أصدر تعميمًا، أفاد بتعويض الأفراد من غير التجار والبنوك والصرافين بنقد إلكتروني أو بالعملة الوطنية الذي وصفها التعميم بالقانونية عما بحوزتهم من العملة الجديدة حسب السقف المعتمد، وذلك من خلال منحهم فرصة تسليمها خلال 30 يومًا ابتداء من 19 ديسمبر الجاري إلى أقرب مركز لوكلاء المحافظ النقدية الإلكترونية.

لكن البنك المركزي اليمني في مقره الرئيسي بصنعاء رد على هذا التعميم بالقول "إنّه لا يجوز رفض التعامل بأي طبعة من العملة التي يصدرها" .. داعيًّا إلى توخي الحذر من الدعوات الصادرة من قبل جهة غير مخولة قانونًا.

وأكدت مصادر حكومية لـ(نافذة اليمن) أن تحركات الميليشيات تزامنت مع جهود تبذلها الحكومة الشرعية حالياً لإعادة فتح الحسابات الدولية المجمدة وتمكينها من التحكم بتلك الحسابات وإستئناف الدورة المالية بعد إستكمال تجهيزات البنك وربطه بالشبكة الدولية.

وبين هذا وذلك، يظل اليمنيون من تجار ورجال مال وأعمال ومدنيون لا سيّما في مناطق سيطرة المليشيات يدفعون أفدح الأثمان في ظل حالة معيشية مأساوية.