آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-11:00م

اخبار وتقارير


الصراع على الثروات الطبيعية يقرّب النار من منابع النفط في اليمن

الصراع على الثروات الطبيعية يقرّب النار من منابع النفط في اليمن

الإثنين - 06 أبريل 2020 - 07:47 م بتوقيت عدن

- نافذة اليمن - عدن

سلّطت الاتهامات الموجّهة إلى المتمرّدين الحوثيين باستهداف إحدى المنشآت النفطية شرقي اليمن الضوء على جانب مهمّ من الصراع المتواصل بالبلد منذ أكثر من خمس سنوات، ويتعلّق بالسيطرة على الموارد الحيوية وفي مقدّمتها النفط والغاز.

واتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الأحد، جماعة الحوثي بقصف محطة الضخ الخاصة بأنبوب صافر النفطي في منطقة صرواح بمأرب، لكنّ الجماعة الموالية لإيران نفت ذلك الاتهام وصنّفته ضمن ما سمّته “دعاية إعلامية” مضادّة لها.

ولا يقتصر خوض صراع الموارد على جماعة الحوثي الساعية إلى تأسيس كيانها القابل للحياة ويكون ممتدا على مساحة جغرافية تحتوي على موارد طبيعية من جهة ومنفتحة على البحر من جهة ثانية، ولكنّه يهم أيضا جماعة الإخوان المسلمين التي تُعلن قياداتُها العمل تحت لواء الشرعية، بينما تعمل على أرض الواقع لحسابها الخاص وتسعى للسيطرة على مواقع استراتيجية في البلد استعدادا لأي ترتيبات سياسية قادمة قد تُنهي الحرب في البلد على أساس الواقع الميداني القائم.

ومن شأن الصراع على منابع الطاقة في اليمن أن يجعل محافظة مأرب شرقي العاصمة صنعاء في قلب المواجهة بين الحوثيين والإخوان الممثلين في اليمن بحزب الإصلاح، وذلك بالنظر إلى أنّ المحافظة تحتوي على جزء هام من حقول النفط وهي منطلق خطّ ضخّ الخام صوب ميناء صافر الواقع على البحر الأحمر بالساحل الغربي لليمن.

الحوثيون يشتركون مع إخوان اليمن في السعي إلى السيطرة على مواقع استراتيجية ومناطق غنية بالموارد الطبيعية

وتعتبر مأرب نقطة ارتكاز أساسية لجماعة الإخوان في اليمن وقد حاولوا الإبقاء عليها خارج دائرة الصراع ضدّ الحوثيين مكتفين بجعلها مرتكزا لتوجيه جهدهم الحربي جنوبا صوب مناطق غير واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي على رأسها محافظتا شبوة وعدن.

لكنّ تحرّش الحوثيين بمأرب بعد سيطرتهم على أجزاء واسعة من محافظة الجوف المجاورة بدأ يثير مخاوف قيادات حزب الإصلاح الإخواني.

وترتبط حقول صافر النفطية في مأرب بميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة بخط أنابيب طوله أكثر من أربع مئة كيلومتر. ويحتوي الخط المتوقف عن الضخّ منذ 2015 على حوالي 800 ألف برميل من الخام، إضافة إلى حمولة السفينة صافر التي تستخدم كميناء عائم، وقد أصبحت حمولتها المقدّرة بمليون برميل بمثابة “قنبلة موقوتة” تهدّد البحر الأحمر بكارثة بيئية نظرا لتهالك السفينة وعدم خضوعها لأي عمليات صيانة، حيث يحرص الحوثيون على استخدامها ورقة لمساومة بلدان الإقليم والمجتمع الدولي.

واتّهمت وزارة النفط اليمنية، الأحد، جماعة الحوثي بمهاجمة محطة الضخ الخاصة بأنبوب صافر النفطي في منطقة صرواح بمأرب.

وقالت الوزارة في بيان إن هذا الاستهداف “يمثل عملا إجراميا وتخريبيا وكارثة على طريق الاستنزاف المتواصل لمقدرات الدولة ويؤكد حقيقة استهتار وعبث ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بمقدرات وممتلكات الشعب اليمني، وأنها لا تجيد سوى لغة التخريب والهدم”.

وأضافت الوزارة في بيان بثته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن “ارتكاب الميليشيا لهذا العمل الجبان والجريمة النكراء تأكيد على حقيقة سعيها لتدمير كل مقدرات الشعب اليمني ومكتسباته، كما أنه تأكيد على سلوكها المنحرف في نقض العهود والمواثيق، ومجانبتها لكل القيم والاعتبارات الوطنية والإنسانية التي تحتم أن تبقى المواقع الاقتصادية محايدة وبعيدة عن الحروب العبثية والأفعال الهستيرية التي تقترفها بشكل مستمر ومتواصل في مناطق ومحافظات اليمن كافة”.

وأشار البيان إلى أن “هذا العمل التدميري من شأنه أن يفشل الجهود المضنية والمبذولة لخلق بيئة ومناخ استثماري جذّاب ويعيق عودة الشركات النفطية الأجنبية للبلاد لاستئناف نشاطها في إنتاج وتصدير النفط الخام”.

وتشهد الشرعية اليمنية في الوقت الحالي إحدى أصعب فتراتها، بعد ظهور جناح إخواني داخلها يعمل لحساب الجماعة العابرة للحدود وينفّذ أجندة إقليمية مدعومة من قبل قطر وتركيا ويخوض صراعا جانبيا ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي.

وعمليا لا تكاد الشرعية تسجّل حضورها الفعلي على الأرض وتتواكل على جهود التحالف الداعم لها بقيادة السعودية، بينما تكتفي هي بخوض المعارك الإعلامية وإصدار البيانات.

ووصف رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، قصف محطة ضخ النفط في مأرب بـ“السلوك الكاشف لجماعة الحوثي بدون مسؤولية أو التزام”. وقال إن الجماعة “تتعامل مع الشعب كرهائن، ومع مصالح المواطنين كموضوع للمساومة، ومع الأملاك العامة كمادة للنهب والتخريب”.

وعلى الطرف المقابل تبرّأ الحوثيون من قصف المنشأة النفطية. وقال ناطقهم العسكري يحيى سريع “إنّ ما يروّج له إعلام العدوان (تعبير يستخدمه الحوثيون لوصف تحالف دعم الشرعية) عن استهداف منشأة الضخ في  كوفل بمديرية صرواح لا أساس له من الصحة”.

وأكد سريع في تغريدات عبر تويتر ما سماه التزام الجماعة بـ”تجنيب المنشآت الوطنية أي استهداف”، قائلا “لم نستهدف أي منشأة وطنية داخل بلدنا سواء كانت تخدم كل الشعب أو جزءا منه”.

وتمكّن الحوثيون مؤخّرا من تحقيق تقدمّ ميداني مهم بسيطرتهم على أغلب أجزاء محافظة الجوف شمال شرقي صنعاء، في ظلّ اتهامات للجناح الإخواني داخل الشرعية اليمنية بالتخاذل في الدفاع عن المحافظة وصرف الجهد الحربي لمقارعة المجلس الانتقالي الجنوبي. وشجّع التقدّم في الجوف الحوثيين على التحرّش بمحافظة مأرب سعيا لضمّها بالكامل إلى مناطق سيطرتهم أملا في ترتيبات سلام قد يدفع المجتمع الدولي باتجاهها خلال المرحلة القادمة ويأملون في أن تقام على أساس الواقع الميداني القائم حاليا.