آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-08:17م

المرتكزات الثلاث للخديعة الإمامية في التسلط على اليمنيين

الخميس - 09 مايو 2024 - الساعة 11:23 م

لؤي يحي الارياني
بقلم: لؤي يحي الارياني
- ارشيف الكاتب


قضت الطبيعة البشرية بأن يكون لأنظمة الحكم في العالم اجمع وعبر التاريخ مؤيدين ومعارضين، إلا أن نظام حكم الإمامة في اليمن تفرد بكونه مستفزاً للمشاعر الوطنية ولكرامة الإنسان، ذلك أنه يدعي السيادة والأفضلية ويحط من قدر الشعب اليمني كأساس لحكمه وتسلطه.

تاريخياً، فإن الإمامة في اليمن تمر دائما بفترات انتشار وفترات انحطاط، فتتوسع أو تنكمش، وبالنظر إلى ما تمر به اليمن اليوم من تسلط الإمامة من جديد على أجزاء من اليمن، فإنه من المهم التأمل في أسباب هذا التسلط تاريخيا وإسقاطه على الحاضر في محاولة لفهم أسباب عودة الإمامة إلى اليمن بعد أن اعتقد الجميع أن ثورة 26 سبتمبر وما عقبها من نضال يمني طويل للانتصار للجمهورية قد أنهت واحداً من أبشع أنظمة الحكم في التاريخ البشري.

إن التجارب التاريخية في اليمن مع نظام الإمامة يضعنا أمام ثلاث مرتكزات رئيسية للخديعة الإمامية في تسلطها على اليمنيين:

التسرب بين الشقوق: مثلما تتسلل الافعى بين الشقوق، تقوم الإمامة في اليمن على التحرك بين انقسامات اليمنيين، تتحرك وسط خلافاتهم وتعاركهم، تنتعش كلما اختلف اليمنيين وتحكم قبضتها على الشعب اليمني كلما تراخت قبضة اليمنيين على ايدي بعضهم البعض، فعندما يحدث الخلاف تقدم نفسها كوسيط او كحل او كبديل والنتيجة النهائية هي السيطرة الكاملة وإلغاء الاخرين بصورة كاملة، اشارة البدء وساعة الصفر للنظام الإمامي في اليمن يتمثل في كلمة واحدة وهي الفتنة.
القداسة الزائفة: استخدام الدين ومظاهره هو الوسيلة التي تحكم الإمامة من خلالها سيطرتها على اليمنيين، إضفاء طابع ديني على طرحها وعلى رؤاها السياسية، بالإضافة إلى إسناد مبرر وجودها للدين وللتوجيهات الإلهية ومغالطة أذهان الناس وإقناعهم أن الدين والإمامة شيء واحد، وأن حكم الإمام هو حكم الله وان معارضته معارضة لله، وبكل هذا يسهل انقياد الناس لهم ويضمنوا مكانة مقدسة وحصانة من التمرد والانتقاد، وبهذا الطرح يصورون كل معارضة لهم على أنها حسد على ما حباهم الله به، بل يقلبون كل حقيقة كذباً فيصورون المعارض لهم كعنصري يستهدف فئة معينة و يقاوم أقدار الله، ويصبغون أكاذيبهم بادعاءات دينية فيصدقها الناس.
الحروب التي لا تتوقف: تعمد الإمامة إلى إشعال الحروب والاستمرار فيها والانتقال من حرب الى حرب دون توقف، والتاريخ شاهد على ذلك وبرهان قاطع على هذا النهج، فالحروب تنهك اليمني وتستنزفه وتشكل مبررا لتجنيده ونهب ماله وسحق ارادته وتعطي مبرر لقمع أي معارضة بحجة الحرب، فبالحروب المستمرة يسهل على الإمامة أن تستمر وتتسلط ولا تجد مقاومة، فهي تضع اليمني في حالة ضعف شديدة، وبالنسبة للإمامة نفسها فلا شيء يضرها من كل هذه الحروب التي كانت في السابق صراعات بين الائمة " وهو ما سيحدث مستقبلا بدون ادنى شك" فكل الخسائر يدفعها اليمني ولا تخسر الإمامة شيء ويعبر عن ذلك بوضوح مقولة احدهم " الحجر من القاع والدم من راس القبيلي".
لكل ما سبق فإن المنطق الذي يفرض نفسه أن طريق اليمنيين للخلاص من الإمامة ومن كل الشرور التي تواجههم اليوم هو في الوعي، معركتنا فكرية قبل أي شيء آخر، وهي معركة كبيرة ومنهكة وتتطلب الكثير من الجهد والوقت، إلا أنها السبيل الرئيسي لانتزاع حقوق اليمنيين من أبشع أنظمة التسلط والحكم، وهي طوق نجاتهم من الغرق في مستنقع آسن من الفقر والجهل والمرض والمهانة، وهي معركة فكرية يفترض أن يشارك فيها كل يمني بالتوعية والإدراك السليم.

التاريخ يكرر نفسه لأن الأخطاء تتكرر، وتضيع تضحيات الآباء والأجداد في اجتثاث الإمامة لضعف الوعي وانطلاء الخديعة من جديد والمؤسف أنها بنفس الأساليب وبنفس المرتكزات، ولننهي المأساة اليمانية الطويلة علينا قراءة التاريخ والواقع والتفكير بصورة واعية لمواجهة أسوأ وأخطر ما تمر به اليمن عبر تاريخها.

ولا أجد في الأخير ختاماً أفضل من هذه الأبيات من قصيدة المجد والألم والتي تختصر مأساتنا في اليمن في سطور بليغة:

وللبؤساء يذكون الأماني

ويبدون الأسى متحسرينا

وللجهال يتخذون سحراً

وشَعْوذة بها يتقربونا

ومن وحل الجهالة قد أجادوا

حبالاً للمطامع ينسجونا

فلما استمسكوا منها بحبل

أتاح لهم وثوب القانصينا

أزالوا عن نواياهم ستاراً

ونادوا بالإمامة معلنينا