آخر تحديث :الثلاثاء-17 سبتمبر 2024-11:00ص

لقطات من الزنزانة الانفرادية (1)

الأربعاء - 07 أغسطس 2024 - الساعة 02:01 ص

القاضي عبدالوهاب قطران
بقلم: القاضي عبدالوهاب قطران
- ارشيف الكاتب


الزنازن الانفرادية بسجن اصلاحية المخابرات بشملان يطلق عليها البدروم ويودع بها السجين قيد التحقيق من شهر الى سته اشهر انت وحظك ،الجناح الذي اودعت فيه يوجد به تقريبا ٤٧ زنزانة انفرادية ،مرقمة من واحد ال ٤٧ ،مساحة الزنزانة تقريبا متر ونص في متر ونص طرفها حمام صغير مستقل  مفروس وسطها واطرافها بموكيت وفرش سفنج متهالك وبطانية ،وفي كل زنزانة كاميرا مرتبطة بغرفة المستلم وبالعمليات شغالة ٢٤ ساعة وسماعه بالحجرات ينادي عبرها المستلم لكل سجين ،وبكل زنزانة مصباح كهربائي يضيء على مدار الساعة وباامكانك ان تطفئه  تمد يدك وتخرجها من وسط الشاقوص الذي يقع وسط الباب الحديدي باب الزنزانة  ،والذي لايتسع لخروج رأس السجين ،ويدخل منه المستلم الاكل والشرب لكل سجين ثلاث وجبات يوميا..

عشية ٢يناير ٢٠٢٤م تم الزج بي بالزنزانة رقم ٢٣ ،ومن تلك اللحظة دخلت عالم البرزخ بالحياة الدنيا ،لايستطيعون توصية والى الى اهلهم يرجعون ،تلغى كل حقوقك ويتم تجريدك حتى من اسمك لايعرفه حتى المستلمين ،تتحول الى مجرد رقم ينادوا عليك وقت الطعام فقط وعند استدعائك مسائا للتحقيق من قبل الضباط ياتي المستلم ينادي عليك ياالله ي٢٣  البس بدلتك ياالله تحقيق ويعصب عيونك ويقودك الى مسافة بعيدة نوعا ما بمبنى اخر مجاور ، كل سجين قدر له سوء حظة ان يدخل السجن الانفرادي يصاب بصدمة وذهول يشبه الغيبوبة ولايمتص الصدمة ويستعيد وعيه ويستوعب وضعه الجديد الا بعد قرابة اسبوع ،يغط بنوع عميق وصمت رهيب ،وبعد اسبوع يستجمع وعيه و يفوق ويستوعب وضعه الجديد ويبداء يتأقلم ويتحدث مع جيرانه بالزنازن المجاورة ،يبداء التعارف والالفة وكسر الوحشة ولكن بحذر  وتسريق ،حديث خافت احيانا يكون اقرب الى الهمس لان الكلام ممنوع ،ومخالف لقواعد ونظام الانفرادي ،تنادي على جيرانك يا٢١،يا٢٤ يا٢٢،كيف حالك مااسمك ايش قضيتك وذلك بين الفينة والاخرى ،واذا سمع المستلم حديثكم يصيح ممنوع الكلام اجلسوا..

بالزنزانة التى جلست فيها ٣٧ يوما ،كان ممنوع عليا القات والزيارة والاتصال والكتب عدى القرأن الكريم ،ممنوع من  كل شيء لااعرف ماذا يجري بالعالم الخارجي ،وكأنني بحياة البرزخ لااعرف ماعند اهلي ولايعرفوا ماعندي ،لايستطيعون توصية ولا الى اهلهم يرجعون..

كتب على جدران تلك الزنزانة  عبارات ستظل منقوشة على جدران ذاكرتي ماحييت ، العبارة الاولى "لاتحزن كنا هنا فخرجنا" والعبارة الثانية" اعد الليالي ليلة بعد ليلة وقد عشت دهرا لااعد الليالي "العبارة الثالثة"اللهم ان هولاء القوم قد تقووا علينا فارنا فيهم عجائب قدرتك "العبارة الرابعة"يااله العباد العبد واقف على الباب منتظر لاجواب يامن اليك الشكية "
اقسى ما بالزنزانة الانفرادية هو الزمن والوقت ساطور وثقالة تنزل فوق رأسك تدمرك ،الثانية ساعة والدقيقة يوم والساعة شهر،واليوم سنة،لايكاد يمر الوقت ،ولايوجد اي وسيلة لتزجية الوقت  تتسلى وتتلهى بها لتنسيك الزمااان لاكتاب لاقلم ،لاتلفاز لااهل لا اصدقاء ،لاقات ،لاحياة ،لاناس لاشي...

يتبع....