تبرأت طهران من هجمات ميليشيا الحوثي المتواصلة على مدى عام كامل، ضد السفن التجارية في ممرات .
ونفت إيران خلال اجتماع "المنظمة البحرية الدولية"، ضلوعها في "زعزعة الملاحة داخل البحر الأحمر"، مؤكدة التزامها بقرارات مجلس الأمن الدولي، المتعلقة بالعقوبات المفروضة على ميليشيا الحوثي، وحظر بيع ونقل الأسلحة إلى اليمن.
وقال مساعد وزير الطرق والتنمية الحضرية، علي أكبر صفائي، الاثنين الماضي، إن "اليمنيين (الحوثيين) مستقلون ومؤثرون في المنطقة، ويتخذون قراراتهم بحرية، وفقاً لمصالحهم"، طبقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية.
ويأتي النفي الإيراني ضمن سلسلة من التصريحات الحكومية المتنصلة من تهديدات حلفائهم الحوثيين المستمرة للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
دور مهيمن
وينسف الخبراء الدوليون التابعون للأمم المتحدة باليمن، في تقريرهم المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي، مزاعم طهران باستقلالية ميليشيا الحوثي في اتخاذ القرارات، في ظل "الدور المهيمن" الذي تمارسه قيادات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله المتواجدة في الأراضي اليمنية، "في عملية صنع الحوثيين للقرار".
وأشار التقرير إلى وجود الفريق الأول عبدالرضا شهلائي، من قوة فيلق القدس التابعة لقوات الحرس الإيراني، في هيكل القيادة والتحكم للحوثيين، تحت مسمى "مساعد جهاد"، ويعمل كضابط اتصال في تقديم المشورة لزعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي، في الأنشطة "الاستراتيجية والجهادية والعسكرية".
وأضاف أن شهلائي يتولى كذلك "الإشراف على القوات الجوية الفضائية (القذائف والمسيرات)، والقوات البحرية، وجميع المناطق العسكرية، إلى جانب التعبئة والخدمات اللوجستية".
"تقيّة" إيران
ويقول الباحث السياسي، الدكتور علي العسلي، إن تبرؤ طهران من عمليات الحوثيين العسكرية في الإقليم، يجسّد مبدأ "التقيّة" الذي تقوم عليه السياسة الإيرانية.
وأشار إلى أن القرارات الاستراتيجية المتصلة بالهجمات البحرية ومراحل التصعيد والعمليات العسكرية نحو إسرائيل، التي يعلنها الحوثيون "تتخذ بإدارة وسياسة وهندسة الحرس الثوري الإيراني، دون أدنى شك، عبر وحدة فيلق القدس التي تدير محور المقاومة في المنطقة".
وبيّن العسلي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن إصرار طهران على وجود سفير لها في صنعاء، في ظل هذه الظروف ورغم مقتل سلفه، يؤكد "أهمية وجوده في إدارة العمليات والقرارات والتعليمات التي يتلقاها الحوثيون بدءاً بعبد الملك الحوثي وحتى أبسط مسؤولي الحركة الحوثية".
وأوضح أن الحوثيين يدارون من قبل إيران بشكل تام ومطلق، مع هامش بسيط للمناورة والتكتيك، لا أقل ولا أكثر، خاصة بعد أن أصبحوا جزءاً مما يسمى بـ "محور المقاومة" على الرغم من بعدهم عن ساحة فلسطين وقضيتها.
وأضاف أن في ذلك مصلحة مشتركة بين الطرفين؛ إذ يستغل الحوثيون قضية فلسطين لتمرير قضايا ومواقف محلية، بهدف الاستفادة منها في العملية السياسية اليمنية، فضلاً عن استفادة إيران من دورهم في ملفاتها العالقة، من خلال استخدامهم كتهديد ضد مصالح العالم والمنطقة.
التخلص من التبعات
ويرى مدير مكتب مركز "south24" للأخبار والدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن العالم أجمع يدرك أن الحوثيين وكلاء رئيسيون لإيران إلى جانب بقية الوكلاء الآخرين، "لتنفيذ أجنداتها وأطماعها التوسعية في المنطقة، بشكل يتيح لها الخلاص من نتائج وتداعيات الأنشطة الخبيثة التي تقوم بها هذه الجماعات التي تمولها".
وقال السفياني لـ"إرم نيوز"، إن إيران متى ما أرادت إظهار سيطرتها وهيمنتها على قرار هذه المجموعات، تدفع قادة الحرس الثوري وغيرهم للتأكيد على امتداد نفوذها إلى عدد من الدول العربية، وحين ترغب في التنصل من وكلائها وعدم تحمّل تبعات أنشطتهم، فإن سياسييها يؤكدون عكس ذلك.
وذكر أن هذه السياسة هي إحدى السمات الرئيسة للعلاقة بين الممول والموالي، أو الوكلاء والداعم، وتأتي كجزء من علاقة إيران بأذرعها في المنطقة.
خبرات غير كافية
بدوره، يشير الخبير العسكري، العقيد محسن مسعد، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى الدور الكبير الذي يلعبه الخبراء الإيرانيون في اليمن، في تطوير قدرات وإمكانيات الحوثيين العسكرية، من خلال الأسلحة والمعدات التقنية المهربة من الموانئ الإيرانية، بهدف إظهارهم كقوة فاعلة في المنطقة، واستثمارها في تعزيز قدرة طهران على ردع خصومها بأساليب مختلفة.
وأضاف أن القادمين من بيئات جبلية مرتفعة ووعرة، لا يمتلكون الخبرة العسكرية الكافية التي تمكنهم من القيام بهجمات عسكرية معقدة ضد أهداف بحرية متحركة كالسفن؛ وهو ما يشير بوضوح إلى دور الضباط الإيرانيين في الداخل.
وتطرق العقيد مسعد إلى ما قامت به سفينة "بهشاد" الإيرانية في أشهر الهجمات الأولى، عبر مراقبة ممرات الملاحة الدولية والاطلاع على بيانات السفن لتحديد أهداف الهجمات التي تنطلق من مناطق سيطرة الحوثيين، وارتباط وجود السفينة سواء في البحر الأحمر أو خليج عدن، بتصاعد وانخفاض الهجمات في المياه التي ترسو فيها، قبل أن تتعرض لهجوم إلكتروني وتتحول مهمتها إلى سفينة أخرى.