حدثني ولدي بشار بقهر ومرارة عن حزنه على خروج أربعة من مدرسيه الأعزاء بمدرسته الحكومية بكريتر، بسبب أن الرواتب لم تعد تكفيهم حتى لسد أهم احتياجاتهم الشخصية، في حين كان استاذه للغة العربية يبيع طرزان ونعانع وبطاطس في فرشه عملها أمام منزله بكريتر.
فقال لي وهو يحاول التهرب خجلا منه والاحتماء بي حتى لا يراه: أن هذا الاستاذ يابابا شاطر ومحبوب من جميع الطلاب..ولكن ظروفه صعبة ودفعته لعمل هذه الفرشه؛ كي يكسب منها أي حاجة زايد ناقص، لأن "الحال طماط" ومافي معه غير راتبه الذي ماعاد يكفيه حتى قيمة سيجارته شهريا.
وأضاف بشار متحسرا وانا استمع إليه بقهر ومرارة :أن أغلب وأذكى واحب أساتذته بالمدرسة قد غادروها بحثا عن عسكرة أو أي عمل آخر، لتحسين دخلهم"باعتبار مرتباتهم ماعادت تكفيهم لسد جوعهم وأسرهم حتى لأسبوع واحد هذه الأيام".. وقد كنت أظن قبلها شخصيا أن هروب المدرسين من المدارس إلى الجبهات والأسواق والمعسكرات ظاهرة مقتصرة على الأرياف فقط.
وأضاف بشار: تدري يا بابا أن الأستاذ علي وإبراهيم ووجدي واسامة.. قد خرجوا من المدرسة وهم كانوا أحسن المدرسين إللي كانوا معنا بالمدرسة والسبب "أن رواتبهم خلآص ماعاد تنفعهم ولا تسوى حاجة مع انهيار الصرف إللي أنت عارف له أحسن مني".
فمن يخبر حكومة اللصوص أن العلم والتعليم آخر رهانات أي مجتمع للنهوض والتطور
وأن الإهتمام برواتب المعلمين بهذه المرحلة يعد أولى الأولويات الوطنية لو أردنا خير لهذا البلد.
#ماجد_الداعري