في عمق مصدر السلطات وشرعيتها

 

القراء والمتابعين الكرام....
ليكن معلوما :
بأن لكل سلطة من السلطات مصدرها الذي أوجدها وقامت عليه وبواسطته,وشرعيتها التي تتحدد على أساسها ووفقا لها وفي إطارها وتحت رعايتها وكنفها بقاء تلك السلطة واستمراريتها....
قد يكون ذلك المصدر مصدرا ضيقا ممثلا ومتمثلا بفرد أو جماعة أو فئة أو طائفة أو حزب..إلخ,وغالبا ما يكون الوصول إلى تلك السلطة في هذه الحالة عبر إنقلاب عسكري يقوم/تقوم به ذلك..أو تلك..
وقد يكون المصدر مصدرا أوسع وأشمل من كل ذلك ممثلا ومتمثلا بجموع الشعب وفي غالبيته,وهنا يكون الوصول إلى تلك السلطة عبر الإنتخابات الديمقراطية الحرة والسليمة والسليمة...
أما تلك الشريعة فقد تتعدد وتتنوع ,فقد تكون شرعية ثورية, وقد تكون شرعية دينية, وقد تكون شرعية سلالية وأسرية,وقد تكون شرعية كارزماتية زعاماتية...إلخ, وهذه كلها تكون ملازمة ومترابطة ومرطبتة ومتناسقة ومتناغمة مع المصدر الضيق لتلك السلطة...
وقد تكون تلك الشرعية شرعية جماهيرية تخص وتختص بغالبية الجماهير في البلد,وهذه الشرعية تكون ملازمة ومترابطة ومرتبطة ومتناسقة ومتناغمة مع المصدر الأوسع والأشمل لتلك السلطة...
صحيح بأنه وفي بعض الأحيان والحالات قد تتحول تلك الشرعية الضيقة المرتبطة بذلك المصدر الضيق ومع مرور الوقت وبفعل الإنجازات التي تحققها على أرضية الواقع في البلد إلى شرعية جماهيرية, لكن بقاء تلك الشرعية واستمرارها واستمراريتها مرتبطة بمدى إستمرار واستمرارية تحقيق وتحقق تلك الإنجازات وديموميتها,وبمدى تحويل ذلك المصدر الضيق لتلك السلطة وتحوله إلى مصدر أوسع وأشمل عبر التعبير الحقيقي عن كافة مكونات المجتمع المختلفة, أفرادا كانوا أم جماعات أم فئات أم طوائف أم أحزاب...الخ,.
لكننا قلما نجد ذلك في تلك المجتمعات المتخلفة والجاهلة والغير متجانسة.., والتي تتجذر فيها وتتحكم بها وتسيطر عليها وتسيرها العصبيات الضيقة المقيتة عموما,وعيا وثقافة وفكرا وعقلية ومن ثم قولا وفعلا وعملا وسلوكا وتصرفا...
إذ غالبا ما تتحول ومع مرور الزمن تلك السلطة في تلك المجتمعات...,حتى لو بدأ للعيان في بدايتها عكس ذلك, إلى سلطة استبدادية استعبادية تسلطية طغيانية وشمولية,تنفي الآخر المغاير لها والمنتقد لها والمعارض لها وتذيقه كل أصناف الهوان والعذاب والتنكيل والقهر والهدر والإذلال وحتى تسلبه وجوده الحياتي برمته,مستخدمة في ذلك تلك الشرعية الضيقة التي تدعي ملكها وأمتلاها,وأخطر تلك الشرعيات هي تلك الشرعية المرتبطة بالعقيدة"ادعائها إمتلاك الشرعية الدينية" على وجه الخصوص,بما ينتج عن ذلك ويترتب عليه من نتائج كارثية وخيمة على البلد بإنسانه وأرض..
حيث ومع مرور الوقت ومع تحكم وسيطرة تلك ذلك المصدر الضيق لتلك السلطة على مقاليدها تتحول تلك السلطة تدريجيا من سلطة تعبر عن الجميع,طبعا حسب إدعاء من هم على رأسها في البداية, إلى سلطة تعبر فقط عن ذلك المصدر الضيق الذي اوصلها إلى سدة الحكم في البلد,تعبر عنهم وتخدم مصالحهم وتجعل البلد بإنسانه وأرضه غنيمة لهم وفيدا لهم,لأنهم وببساطة شديدة مصدرها والحامين لها والمدافعين عنها وعن مصالحها ومصالحهم...
فحتى تضمن بقائها واستمرارها واستمراريتها لأطول فترة زمنية ممكنة لابد لها بأن تعمل المستحيل لإرضائهم....
أما في تلك المجتمعات المتحضرة والمتقدمة والمتجانسة...,والتي يكون ذلك المصدر هو الشعب في غالبيته,وتكون تلك الشرعية هي الشرعية الشعبية,فإن أمر بقاء تلك السلطة واستمراريتها واستمرارها في أيدي تلك الغالبية منه,فهم مصدر بقائها والحفاظ عليها, وهم شرعيتها التي تستمدها منهم,لذلك فإننا نجد بأن تلك السلطات في تلك البلدان والمجتمعات تعمل على إرضاء جموع الشعب قاطبة,سواء تلك الجموع التي أوصلتها إلى سدة الحكم أو تلك التي لم تكن راضية عن ذلك...,وفي هذه المجتمعات..تكون السكينة العامة والأمن والاستقرار ويسود كل ذلك..
أي أن هنالك علاقة طردية بين من من تخدمهم أي سلطة وترعى مصالحهم وبين المصدر أو المصادر التي أوصلتها إلى سدة السلطة تلك والضامنة بقائها, فكلما كان ذلك المصدر ضيقا كانت خدمتها ضيقة, وكلما اتسع ذلك المصدر وتنوع كانت خدمتها وخدامتها أوسع وأشمل....

وعليه وبناء على ماسبق ووفقا له:
فإننا إذا أردنا كمجتمعات متخلفة وجاهلة وغير متجانسة...الخروج مما نحن فيه..وعليه..من سيطرة الأقلية..وتحكمها بالمجتمع بإنسانه وأرضه عبر تلك السلطة التسلطية الضيقة وبواسطتها,إلا العمل على أن تكون مصدر تلك السلطة هو المصدر الأوسع والأشمل المتمثل بغالبية أفراد ومكونات المجتمع المختلفة دون تمييز, في هذه الحالة فقط نستطيع بأن نضمن الحصول على جميع حقوقنا كافة دون تمييز, لأنه وببساطة شديدة نكون وقتئذ وساعتئذ وحينئذ وزمانئذ ومكانئذ نحن المصدر الوحيد لتلك السلطة والحصول على حقوقنا كاملة غير منقوصة وبدون تمييز هي الشرعية الحقيقية لتلك السلطة,بأيدينا بقائها والحفاظ عليها إذا ما التزمت بذلك...,وبأيدينا إزالتها وإسقاطها وإبدالها واستبدالها...متى ما خلت بتلك...وبذلك..وتخلت عنه أو حتى قصرت في أداءه وتكاسلت....
#الخلاصة :
إن ذلك كله لا يمكن له بأن يكون ويتحقق ويصير واقعا معاشا وملموسا ,وذلك عبر الخروج من مرحلة التيه الوطني التي نعيشها ونتجرع ويلاتها, إلا إذا عملنا جميعا على إعادة الدولة المنهارة...على أسس مدنية حديثة وتحديثية عبر العمل على إرساء أسس ومعايير تلك الدولة وصولا إلى قيام الدولة المدنية الحديثة بركائزها الأساسية...
فتلك الدولة..."دولة الحلم"هي الحل الوحيد لكي تتوسع تلك المصادر للسلطة فيها وتتسع,وكذلك تتوسع وتتسع شرعيتها....
وبأن المشروع الممكن الوحيد المتوفر حاليا والذي يجب الحفاظ عليه وتطبيقه ممثلا ومتمثلا ب"مخرجات وقرارات وتوصيات مؤتمر الحوار الوطني..."....
بكم..يتجدد الأمل..ويتحقق
.....
#نعم-للدولة-المدنية-الحديثة
إن غدا لناظره أقرب وأفضل
دعوها فإنها مأمورة