آخر تحديث :الأحد-01 ديسمبر 2024-02:20ص

تريد كل شيء ولا تدفع شيء

الثلاثاء - 15 أغسطس 2023 - الساعة 01:19 ص

احمد سيف حاشد
بقلم: احمد سيف حاشد
- ارشيف الكاتب


تريد أن تحكم المواطن وتأخذ ما لقيصر..
تريد أن تستولي على كل الموارد.
تريد أن تفرض كل الجبايات على المواطن المثقل بها، والذي بات تحت وطأتها يئن وينزف، ويتلاشى تعبا وضنكا.

وفي المقابل لا تريد أن تقدم للمواطن شيئا مما أعطاك من كده وعرق جبينه، وعزيز ماله، وثروة وطنه.

لا تريد أن تمنحه شيئا مما أخذته، وتبخل عليه حتى بما هو فتات..!!

لا تعليم ولا صحة ولا كهرباء ولا أبسط الخدمات..!!

بل وتريد أن تحول كل ذلك وغيره إلى ربح وفير تجني غلاله..!!

أستوليت على راتب المعلم!!

وتهدده بفصله من وظيفته إن رفض الإذعان والعمل!!

ثم تفصله لأنه رفض أن يعمل دون راتب، وانت تعلم أن المعلم لا يمكن أن يعمل دون أن تطعمه.

ثم بعد فصله تستولي على خدمته وسنين عمره وتفسد أيامه ورجائه وحياته بعد تقاعده..!! لا وفاء ولا احترام.. لا تقدير ولا اعتبار..!!

هذا الظلم المريع والعهد العبودي الغير مسبوق، غير موجود في أي دولة أو بلد من العالم، بل لا تاريخ شهده من قبل، ولا سابق له ولا لاحق.

وأكثر من هذا وذاك ممنوع على الموظف والمعلم أن يتحدث عن مصيبته، وما يثقل ظهره من وجع وقهر.

ممنوع عليه أن يحتج على ظلم يسحقه كل يوم، ويمنعه حتى من استعادة أنفاسه بعد مشوار طويل وثقيل دام ثمان سنوات طوال.

ممنوع أن يعلن عن وجعه ويحتج بعد صبر وكمد ثمان سنوات عجاف.

لطالما طالبناكم على الأقل بقليل من الحياء والخجل، والحد الأدنى من الشعور والإحساس بالمسؤولية.. ولكن للأسف لم نجد لديكم لا هذا ولا ذاك.

الناس لديهم إحساس ومشاعر وليسوا خرسانات ولا حجارة..!!

سيصل بكم ظلمكم إلى نهاية مرعبة لا نتمناها لكم.

لن تنجيكم من هذه النهاية حبس فلان أو علان، ولا سحب حصانة واعتقال واختطاف فلان، ولا بقتل ولا حيله، طالما ظل الظلم يكبر ويتسع، وطالما ظل الجوع يتغول على البطون.

إن بقي لديكم قليل من العقل وشيئا من الحصافة ستعرفون من أين تعالج الأمور.. أما التعالي والعنترة والمكابرة والرهان على الغلبة وقهر الناس فلن يستمر كثيرا.. فما العام والعامين والعشرة في عمر الشعوب.. ولكن للصبر حدود، وقد بدأتم تسمعون زئيره وغليله، والغباء إن أستمر يعجل بالمآل الذي تكبر كلفته.

ربما تنجحون مرة ومرتين، وربما تقصر المدة أو تطول قليلا رغم علمنا بهول الهرولة، والحتمي والأكيد إن النهاية ستكون عليكم ماحقة ومرعبة لا نريدها لكم، ولكن ربما للقدر حكمته.