حالما تشق أول الطريق ربما تجد الأمر ممكنا، طالما أنت ما زلت في في أوج الشباب تتدفق قوة وفتوة، والناس تحسن الظن فيك فتآزرك من كل حدب وصوب، وأهدافك المعلنة جاذبة، والناس ترى فيك ملاذا وخلاصا لها من ضيق وشدة.
تجد الطريق أمامك سالكة مهدها سالك قبلك، وربما تجدها أقل كلفة مما ظننت، فيما الحظوظ لكثرتها تظنها قد باتت تحالفك، وتصل بك إلى شأن وتمكين، دون أن تعلم أنك حجر الزاوية في مخطط أكبر، وترى الأمر قد توافق مع هواك، ولكنه في الحقيقة؛ مصيدة وطن كبير، وكنت فيه الرصاصة الثانية.
وفي مرحلة ثالثة، تكون العودة مستصعبة، والدم غزير وسيال، فتستمر راكضا بإنهاك وكلفة، ثم يدركك انكشاف مهول بعد تمكين، وفشل عريض وفساد ثقيل، وخراب عرمرم ؛ وبعد كلفة باهضة تكتشف أنك قد وقعت في المصيدة، وقد أغلقت عليك أبوابها.
تكتشف أنك ضحية مثل أخوتك، وقعت في مصيدة تشتد ضيقا، فتعلنها مملكة، برصاصة ثالثة تصيب الوطن وتمزقه، في مكين ومقتل.
وما كنت تظنه قدرا يحالفك، وحظوظا تسبقك إلى مبتغاك، وتفتح لك أبوابها، تكتشف أنه مخططا وقعت في شراكه، وكنت واحدا من سواك ينفذه، ويأتي الختام غير مسك، وتأتي النهاية مزرية..
هذا ما رأيته وما زلت أراه.. منذ سنوات طوال اصرخ بصوتي وروحي حتى بح وتلاشى إلى بدد، ولم يبق منه إلا غصة وحشرجة معها أموت، ولا من مجيب أو مستجيب، غير جلبة وضجيج وسراب.