آخر تحديث :الجمعة-18 أكتوبر 2024-02:01ص

الخلافة والولاية أدوات للعنف والصراع

الخميس - 27 يونيو 2024 - الساعة 12:07 ص

جميل الصامت
بقلم: جميل الصامت
- ارشيف الكاتب


الولاية والخلافة مشاريع بلا أفق ، ولا تعدو عن كونها أدوات صراع يتخذها الإسلام السياسي للاستهلاك الدعائي على غرار "الإسلام هو الحل" ، حتى اذا ما تم اختبارها تفشل مع أول جولة.

هي مشاريع تتمخض عنها جماعات أشبه بالعصابات ، لا تستطيع ترجمة دعاويها واقعًا ، فتلجأ لافتعال الحروب وإذكاء الصراعات والجنوح إلى العنف لتغطية فشلها. هي مشاريع عقيمة لا شك ، لم ولن تنجح; لأنها تحمل فشلها في ذاتها.

في حالة البلدان التي قدم فيها الإسلام السياسي نماذج للأسلمة الليبرالية بدعم غربي، طبعًا بعد الـ 11 من سبتمبر، لتغير وجه المنطقة كحالة تركيا مثلًا ، لم تستطع تلك الجماعة إلا أن تتعايش مع الدولة والمجتمع مع جنوحها للمناورة تارة وتشددها تارة أخرى لخداع البلدان المغترة بتلك الأسلمة ، والجماعات التي اعتبرتها خلافة عصرية لها عادت مجددًا للأمة
دعم الزعيم معمر القذافي كغيره من القيادات والأنظمة العربية الأخرى التي ضخت استثمارات ضخمة في جسد الاقتصاد التركي ، لانجاح تجربه تمت المراهنة عليه في لعب دور لصالح القضايا العربية ، وتوسيع قاعدة الدول الإسلامية الفاعلة، ليتضح بعدها إن كسب دولة أطلسية رهان خاسر ، وخيب الآمال مع أكثر من محطة ، ولعل قضايا احتلال وتخريب سوريا والعراق ، والمتاجرة بقضية فلسطين ، واخيرا خذلان غزة دليل كاف على ذلك .

وتراجعت آمال الكثير من أنصار الإسلام السياسي السني في أن تكون تركيا هي نموذج للخلافة المرتجاه ، في حين انه مايزال هناك من يعتقد أن ولاية الفقيه في إيران تمثل الإسلام الشيعي المقاوم ، ونموذجًا ينبغي تكراره في المنطقة ، وهو ما لا يمكن تحقيقه ، وما يحدث في البلاد العربية من حالة صراع أفضى الى تدمير مشروع الدولة الوطنية لصالح مشروع أقل، عادة ما يرتبط بصراع يستجر الماضي على حساب المستقبل .

إيران كدولة إقليمية نموذجًا آخرًا للإسلام السياسي الشيعي الذي لا يعبه بأمن دول المنطقة ، فيرى تصدير ثورته وبالأساس تصدير الفوضى لإضعاف محيطه العربي خدمة لمشروعه التوسعي ، أولوية بُنيت عليها استراتيجية دولة إيران .

الإسلام السياسي بشقيه النموذج التركي والإيراني من اكبر المهددات للأمن القومي العربي وتلك حقيقة لأن غياب المشروع القومي في الوطن العربي الكبير ، وخروج مصر من المعادلة قد أتاح الفرصة للقوى الإقليمية لملئ الفراغ، في ظل وجود شقيقة كبرى محكومة بسياسة وثقافة البترو دولار ، تعمد لضرب كل المقومات الممكنة لنهوض المشروع القومي العربي.

وتلعب لوحدها هذه الشقيقة بأوراق لطالما ثبت فشلها ، لتصنع لنفسها دورًا سرعان ما يتضح انه هزيل ولا يعول عليه ، لعدم اتكائه على قاعدة عروبية وطنية وقومية صلبة تؤهل الرياض لقيادة المنطقة ، بمعني أن هناك افتقار واضح لمشروعية القيادة .

هذا ساعد بشكل او بآخر الاسلام السياسي للنظامين الإقليمين في تركيا وإيران على التمدد بأريحية ، وأحيانًا الاستفادة من خطأ الحسابات (البدوية) وأموال الشقيقة ، لزعزعة استقرار بلدان عربية كانت مستقرة كحالة سوريا ، والتمهيد لإسقاط صنعاء بيد جماعة مرتبطة بإيران ..

إيران دولة تلعب على الوتر الطائفي لتحقيق مشاريعها ، ومثلها تركيا في حين المنطقة العربية تظل ساحة صراعات رخيصة الثمن لإدارة الحروب بالوكالة وكمقلب للنفايات الايدلوجية . السعودية وايران فخختا المنطقة تفخيخًا ايدلوجيًا، ولحقتهما تركيا سياسيًا.

بات من المؤكد أنه لا يمكن الاعتماد على مفهوم خلافة او ولاية في انتاج حكم رشيد ، فما وصلت إليه البشرية اليوم من أنظمة للحكم والإدارة تُعد الأرقى ، بوضوح آلياته الديمقراطية، في حين ان ما يسمى بالخلافة والولاية ترتبطان بحياة البداوة ولا تمتان بصلة للحياة المدنية او العصر الذي غادرت فيه الأمم والشعوب حياة البداوة ، وعصور الولاءات الضيقة ، مع بقاء ما يذكر بها كجزر متناثرة لا يعتد بها هنا أو هناك ، كالقاعدة وداعش او جماعات الحوثي ومثيلاتها في المنطقة العربية ، وقبائل وسط افريقيا وصحارى البلدان المعزولة حضاريًا .