آخر تحديث :الثلاثاء-02 يوليه 2024-04:58م

مقالات

طفلة يمنية ملائكية وسعادتي غير المسبوقة

الأحد - 30 يونيو 2024 - الساعة 12:57 ص

بقلم: ماجد الداعري
- ارشيف الكاتب

اليوم عشت أجمل لحظات حياتي بالهند منذ وصولي إلى هذآ البلد الرائع الذي لم يزعجني فيه اي مخلوق قط إلى اليوم أوحتى يوتر اعصابي اي منهم طيلة هذه الفترة لانشغال الجميع هنا بأنفسهم وعملهم ونتيجة ايصا لطيبة وتعايش هذآ الشعب الذي يعد اليوم الأكبر تعدادا بين سكان كوكب الأرض بأكثر من مليار وستمائة مليون نسمة
وبعد ان كان السلام بينهم حتى ماقبل أعوام قليلة هو: هل أكلت شيئا؟!..بدلا من السلام عليكم ..وكيف الحال..
نتيجة الجوع والفقر وانعدام الغذاء ومستوى المجاعة التي ضربت سكان هذآ البلد الذي يعد اليوم واحدا من أسرع بلدان العالم نموا اقتصاديا وتطورا تكنولوجيا، بعد أن أصبح يحتضن اليوم أكبر الشركات التقنية والانظمة الإلكترونية والماركات التجارية في العالم ويعيد تصنيع أغلب منتجات الإلكترونية والهواتف الحديثة ومنها سامسونج التي زرت أحد فروعها هنا وانذهلت من ارتفاع قيمة الأسعار التي تباع بها الاجهزة الحديثة فيها... مرفق لكم صورتي داخل مقر الشركة الرئيسي هنا ببنجلور.

وبالعودة إلى موضوع سعادتي غير المسبوقة هنا، فقد فاجأتني عصر اليوم طفلة يمنية ملائكية الملامح والتعامل مع الآخرين ، وهي تخرج من بين والديها وتنظم الي فوق على طاولتي لتأكل معي بكل ثقة ودون خوف أو تردد، بعد ان رأيتها تشير لي بأن ارفعها على الطاولة. وفعلت ذلك فعلآ بكل فرحة وتشوق إليها وكأنها تقول لي حفظها الله: أنا أعرف انك حزين ياعمو لأنك تأكل لحالك اليوم على خلاف عادتك و بعد أن غادر عليك رفيقك أحمد وقاطعك اليوم صديقك الهندي كالي.. وبالفعل أكلت من يدي السلطة وقطع صغيرة من الدجاج والارز وأنا في قمة السعادة بينما كان والدها ووالدتها ينظران لي بكل تعجب من ابنتهم التي تركتهم ورفضت الأكل معهم وجاءت تأكل معي وكأنها تعرفني بالفعل..
وبمجرد ان سمعني والدها اسألها عن اسمها حتى ضحك في وجه زوجته بنوع من الاستغراب إني يمني في حين كانوا يعتقدون أنني هندي أعجبت فيه طفلتهم
فسألني وهو مازال مبتسم الأخ يمني .. فقلت له بلهجة يمنية قح:
- مع يارفيق أنا هندي مولد موزمبيقي ..
فعرف إني اضحك من سؤاله
وقال لي: والله كنا نحسبك هندي واستغربنا من طفلتنا كيف سابتنا وراحت تأكل معك د
فضحكت معهما وقلت لهم:
ماشاء الله تبارك الله عليهآ طلعت أصيلة عرفتني وألفت لي أكثر منكما، ربنا يحفظها ويصلحها فقد أسعدتني كثيرا وذكرتني بطفلتي الصغيرة دعاء ..
فقالت أمها هي اسمها كوثر وأول مرة تروح لشخص غريب هكذا..
فقلت لها خلاص اعيروني إياها الليلة فأنا ساكن هنا قريب من المطعم وبهذه العمارة التي أمامكم..
فضحك الأب وقال عادها الا هي معنا يا صاحب البلاد...
فقلت له انا جنوبي عربي كن عنس ذمار ياصاحب صنعاء
فصحك واستغرب من معرفتي بأنه من صنعاء وكأنه لا يعرف أن صوت لهجة أهل صنعاء يعرف من بين كل لهجات العالم حتى لمن لم يعش بصنعاء كما عشت أنا فيها أجمل أيام اغترابي في اليمن الشقيق من عام ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٦ حيث غادرتها ليلا الى المكلا بعدما جاء ليلتها مندوب حوثي للمرة الثالث إلى حارس العمارة يسأل عني وعن وجودي وهل عدت إلى شقتي ام لا تمهيدا لاقتحامها وسحبي على خلفية عملي الصحفي بموقعي مراقبون برس الذي كان يومها يصدر المواقع الاخبارية اليمنية وبعد أيام من حظر الجماعة له من يمن نت.

المهم خرجت من المطعم والطفلة كوثر في حضني سعيدة لا تريد حتى أن تذهب لأمها التي كانت تؤشر لهآ ملوحة بيديها بالوداع وهي ترد بالمثل في إشارة الى كونها ستكون معي والله معها هي وأبوها الذي كان منشغل بحساب المطعم.
وبعد ان قبلتني كوثر على خدي أغلى قبلة في حياتي، كآنت تشير لي إلى نماذج مصغرة لسياكل في طاولة محاسب المطعم تود اللعب بواحد منها، بينما هي مصممة أساسا كتحف وليست للعب أو البيع لكني كسرت القواعد وأخذت واحدا من الثلاثة واعطيتها لها تلعب بها في الأرض وكانت في غاية السعادة والفرح ورفضت أن تعيدها وكلما حاول والدها أن يسحبها منها تصرخ وتبكي وتهرب اليا لأحمي هديتها مني إليه.. وحينها عرضت اي مبلغ على المحاسب وآلله ليعطيها السيكل المصغر لعبة أهديها لها غير أن المحاسب أعتذر عن قبول الغرص لانه مجرد عامل وهذه السياكل الثلاثة ضمن ديكورات المطعم لا يحق له التصرف بهآ، وفي وقت كانت أمها ترفض الفكرة وتخوض معركة معها وهي تحاول الاستنجاد بي والهروب بالسيكل نحوي لوقف تجريدها القسري منه قبل أن تضطر لتودعني بيدها وهي تبكي في حضن أمها وفي لحظة اجتمعت فيها مشاعر محبتي بها وسعادتي بموقفها وحزني على عدم تمكني من شراء مجسم السيكل لها او تقديم شيئآ يبقيها على فرحها وهي تلعب به.
ولله درها كم قلبت مزاجي واسعدتني وغطت فراغا كبيرا من شوقي لاطفالي الذين افارقهم للشهر السادس ولأول مرة في حياتي..حفظهم الله وكل أطفالكم جميعا أصدقائي ومتابعي صفحتي الاعزاء وكل من قرأقصتي..
#ماجد_الداعري