آخر تحديث :الأربعاء-03 يوليه 2024-01:48ص

قراءة تحليلية لقرارات البنك المركزي

الإثنين - 01 يوليه 2024 - الساعة 01:16 ص

وحيد الفودعي
بقلم: وحيد الفودعي
- ارشيف الكاتب


خلصت الدراسة إلى أن هناك غموضًا في القرار رقم 17 لسنة 2024، مما أدى إلى تفسيره بشكل خاطئ، حيث فُسر على أنه نقل للمراكز الرئيسية بدلًا من مراكز العمليات، وأدى ذلك إلى توتر بين البنوك والبنك المركزي في عدن، وفرض عقوبات على ستة بنوك. النقل الفعلي للمراكز الرئيسية غير ممكن بسبب العوائق والمخاطر المتعددة، بينما نقل مراكز العمليات ممكن رغم بعض المخاطر والمعوقات. هناك انتقائية في القرار رقم 20 لسنة 2024 بتطبيق العقوبات على ستة بنوك دون غيرها رغم وحدة موقف جميع البنوك. تطبيق العقوبات يزيد من الأزمة الاقتصادية والإنسانية. البنوك بحاجة إلى دعم البنك المركزي في عدن بدلاً من معاقبتها. المشكلة الاقتصادية اليمنية لها جذور عميقة وأسباب متعددة تتجاوز قضية نقل المراكز الرئيسية، مثل توقف صادرات النفط وانهيار سعر الصرف. دعم نقل مراكز العمليات يمكن أن يكون حلاً عمليًا لتحسين الوضع دون التسبب بأضرار كبيرة للنظام المصرفي والاقتصاد اليمني ككل.
وأوصت الدراسة الحكومة والبنك المركزي في عدن بأنه إذا أراد تحرير البنوك من سيطرة الحوثيين، ينبغي أن يتم ذلك من خلال استراتيجية شاملة تشمل الدعم الدولي والتعاون مع الأطراف المحلية على أن يتم تقييم القرارات ودراسة الأثر الاقتصادي والإنساني المحتمل قبل اتخاذها ووضع استراتيجيات لتخفيف الأضرار. كما ينبغي على البنك المركزي في عدن تعزيز الشفافية والوضوح في قراراته، والتركيز على نقل مراكز العمليات بدلًا من المراكز الرئيسية. ينبغي إنشاء قطاع للامتثال والمخاطر في البنك المركزي في عدن. تُشدد التوصيات على ضرورة تقييم الأثر الاقتصادي والإنساني للقرارات، وتوفير الدعم المالي والفني والحوافز لتشجيع البنوك على الامتثال لقرارات البنك. كما تقترح المرونة في تنفيذ القرارات وتحديد فترة زمنية كافية، مع تحسين قنوات التواصل والتنسيق بين البنك المركزي في عدن والبنوك. يُفضل أن يقود محافظ البنك المركزي في عدن التفاوض مباشرة مع البنوك لتحسين فعالية الحلول. توصي الدراسة بإعداد خطط طوارئ لمواجهة التحديات غير المتوقعة وضمان استمرارية العمل المصرفي. يجب أن تكون القرارات عادلة وغير انتقائية، مع العمل بجدية لتحقيق توقعات المواطنين الداعمين للقرارات.

مقدمة
تشهد الجمهورية اليمنية تطورات اقتصادية وإدارية هامة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة. أبرز هذه التطورات هو الانقسام النقدي وتأثيره الواضح على القطاع المصرفي اليمني، مؤخراً أصدرت جماعة الحوثي عملة نقدية معدنية من فئة 100 ريال، بينما يرى البنك المركزي في عدن أن هذا الإجراء يمثل انتهاكاً وخرقاً واضحا للقانون والدستور، وعلى إثر ذلك أصدر عدة قرارات تهدف بحسب ما جاء فيها إلى تحرير البنوك والقطاع المصرفي من ممارسات جماعة الحوثي غير القانونية، وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على قرارين هامين للبنك المركزي اليمني في عدن، الأول هو قرار نقل المراكز الرئيسية للبنوك إلى عدن بموجب القرار رقم 17 لسنة 2024، والثاني هو قرار فرض عقوبات على ستة بنوك بموجب القرار رقم 20 لسنة 2024.
ستتناول الدراسة بالتحليل والقراءة الفنية العوامل الاقتصادية والمالية والسياسية التي أدت إلى إصدار هذه القرارات، وردود الأفعال المختلفة من الأطراف المعنية، والتأثيرات الاقتصادية والمالية المتوقعة على جميع الأطراف المعنية، والتحديات والفرص المترتبة على تنفيذ هذه القرارات،، بالإضافة إلى العقبات والمخاطر المحتملة جراء تنفيذها.
أولاً: السياق المصرفي
منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، شهد القطاع المصرفي اليمني سلسلة من التطورات نبرزها فيما يلي:

1. فترة تحييد البنك المركزي - صنعاء

خلال الفترة من سبتمبر 2014 حتى سبتمبر 2016، كان هناك توافق جزئي وهدنة غير معلنة بين أطراف الصراع لتحييد البنك المركزي في صنعاء والحفاظ على استقلاليته، بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي وتحقيق المصلحة العامة للمواطنين، على أن يستمر البنك المركزي في أداء مهامه من مقره الرئيسي في صنعاء. وأدت السياسات الكارثية للحوثيين خلال تلك الفترة إلى استنفاد كامل احتياطيات البلاد من العملة الصعبة، بالإضافة إلى أزمة السيولة في العملة المحلية منتصف عام 2016.(١)

2. فترة الانقسام النقدي

في ظل زيادة التدخلات والضغوط الحوثية على البنك المركزي اليمني - صنعاء، قررت الحكومة الشرعية نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن في 18 سبتمبر 2016. في المقابل، احتفظت سلطات الحوثيين بالسيطرة على مبنى البنك المركزي في صنعاء، مما أدى إلى انقسام البنك المركزي إلى كيانين: البنك المركزي اليمني في عدن، المعترف به دوليًا، والبنك المركزي اليمني في صنعاء، غير المعترف به دوليًا.
خلال الفترة من أغسطس 2016 حتى فبراير 2018، اقتصر نشاط مركزي عدن على الإصدار النقدي فقط، لتغطية عجز الموازنة.
منذ فبراير 2018 ، بدأ البنك بتفعيل قطاعات البنك المختلفة وشغل الوظائف، بالإضافة إلى البدء في البناء المؤسسي وبناء القدرات، وبدأ بتفعيل بعض أدواته مثل التدخل في السوق لشراء وبيع العملات الأجنبية، والاستمرار في طباعة النقد لتغطية عجز الموازنة (توقف مؤخرا)، وتمويل الواردات من خلال الوديعة السعودية البالغة 2 مليار دولار، وتفعيل أدوات الدين العام، والإشراف على القطاع المصرفي وقطاع الصرافة، وتحديث بعض اللوائح والتشريعات المتعلقة بهما، والتدخل في سوق الصرف عن طريق المزادات، وإنشاء وتفعيل الشبكة المالية الموحدة، والبدء بإجراءات تفعيل حساب التحويلات المحلية والدولية (IBAN)، وتمثيل البنك المركزي اليمني – عدن محليًا ودوليًا، إلخ..
في المقابل، واصلت جماعة الحوثي عرقلة عمله من خلال ممارسات وانتهاكات متعددة، شملت الاحتفاظ ببنك صنعاء كبنك مركزي موازي وتعيين المحافظ ونائبه ومجلس الإدارة والوكلاء ومدراء العموم من الموالين لهم، والسيطرة على فروع البنوك الحكومية والمختلطة في صنعاء وتعيين شخصيات موالية كمديرين تنفيذيين وأعضاء في مجالس الإدارة، وتجميد ومصادرة أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص يعارضونهم، وحملات ترهيب وتهديد واعتقال قيادات وموظفي البنوك في صنعاء لمنع البنوك من تقديم تقاريرها للبنك المركزي في عدن، ومنع التداول بالطبعة الحديثة من العملة المحلية التي أصدرها البنك المركزي – عدن في مناطق سيطرتها نهاية 2019، وفرض سعر صرف ثابت للدولار، وإصدار قواعد خدمات الدفع الإلكتروني في مارس 2020، وإصدار القانون رقم 4 لعام 2023 الذي حظر المعاملات الربوية وعطل جميع القوانين التي تنظم القطاع المصرفي اليمني ومنع البنوك من الاستفادة من فوائد ودائعها واستثماراتها في أذون الخزانة، ، وإصدار عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال، ومنع البنوك في المناطق التي يسيطرون عليها من الاشتراك في خدمة IBAN، ومؤخرا منع البنوك من التعامل مع البنك المركزي في عدن وعدم الاشتراك في الشبكة المالية الموحدة.
واجه البنك المركزي اليمني في عدن صعوبات كبيرة في التصدي للانتهاكات الحوثية المتكررة ضد القطاع المصرفي والعملة الوطنية، وعجز عن اتخاذ أي رد فعل حاسم تجاه صلفها، وزاد من تعقيد الأمور التدخلات الخارجية التي عرقلت جهوده في اتخاذ إجراءات فعالة ضد تلك الانتهاكات، إلا أنه اتخذ مؤخرًا خطوات جادة للحد منها، ومنها القرارين موضوع هذه الورقة.
البنوك اليمنية هي الأخرى، واجهت صعوبات وتحديات هائلة في ظلّ الممارسات والانتهاكات الحوثية، ولم ذلك لم تُظهر البنوك مواقف قوية ضدّ تلك الممارسات، واقتصرت ردود أفعالها على إصدار البيانات.

ثانياً: قرار البنك رقم 17 لسنة 2024
يدعو القرار في المادة الأولى منه كافة البنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر المحلية والأجنبية العاملة في الجمهورية اليمنية نقل مراكزها الرئيسية من مدينة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن خلال فترة ستين يوماً من تاريخ صدور هذا القرار.
بينما تضمنت المادة الثانية منه أن أي بنك يتخلف عن نقل مركز عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن خلال الفترة المشار إليها سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحقه طبقاً لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب النافذ ولائحته التنفيذية.(٢)

1. نقل المركز الرئيسي أم نقل مركز العمليات

تضمنت المادة الأولى من القرار نقل المراكز الرئيسية للبنوك، بينما تضمنت المادة الثانية فرض عقوبات على البنوك التي لا تنقل مركز عملياتها، وبالتالي هناك فرق بين نقل المركز الرئيسي ونقل مركز العمليات حيث:
نقل المركز الرئيسي: يعني نقل كافة متطلبات المركز الرئيسي للبنك إلى عدن، بما في ذلك الإدارة العليا والإدارة التنفيذية وكافة قطاعات وإدارات وأقسام البنك المختلفة، والبنية التقنية والكادر الوظيفي وغيره من المتطلبات.
نقل مركز العمليات: يعني فتح نافذة معلوماتية رئيسية في عدن، مع ضرورة تواجد بعض الإدارات المختصة، كالالتزام وتقنية المعلومات والإدارة الدولية مما يسهل للبنك المركزي – عدن الوصول إلى البيانات المالية والإدارية.

2. الوضوح

يفتقر القرار إلى الوضوح، مما أدّى إلى تأويلات خاطئة، فربما تفاعلت البنوك بشكل إيجابي لو فهمت أن القرار يتعلق بنقل مركز العمليات فقط، بدلاً من نقل المركز الرئيسي، الأمر الذي تسبب في توترات بين البنك المركزي - عدن والبنوك.

3. تصريحات المحافظ ورئيس مجلس القيادة

شدد محافظ البنك المركزي - عدن، أحمد غالب المعبقي، في تصريحات متكررة أهمها حديثه في المؤتمر الصحفي بتاريخ 31 مايو 2024 على ضرورة نقل مركز العمليات للبنوك، وأوضح أن هذا النقل يشمل نظم المعلومات، ومركز البيانات، والإدارة الدولية، وإدارة الامتثال. (٣)
وخلال لقائه مع السفيرة الفرنسية في 2 يونيو 2024، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي هذا التوجه، حيث أشار إلى أن قرارات البنك المركزي الأخيرة تهدف إلى إلزام البنوك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بنقل إدارة العمليات الرئيسية إلى عدن. ويشمل ذلك نظم المعلومات، ومركز البيانات، وإدارة العمليات الدولية، وإدارة الامتثال.(٤)
تؤكد هذه التصريحات بشكل قاطع أن القرار يتعلق بنقل مراكز العمليات فقط، وليس المراكز الرئيسية.

4. معوقات تنفيذ القرار

تختلف المعوقات بناءً على تفسير القرار، سواء كان نقل المراكز الرئيسية أم نقل مركز عمليات البنوك، وفقاً لما يلي:
4.1. خيار نقل مركز عمليات البنوك
لا توجد معوقات كبيرة كتلك المتعلقة بقرار نقل المراكز الرئيسية للبنوك كما سيأتي ذكره، فقط بعض التكاليف الإضافية التي قد تتكبدها البنوك نتيجة نقل مركز العمليات، وهذا يعني انخفاض المخاطر بشكل كبير لأسباب عدة منها قبول الحوثيين بهذا القرار، وقبول البنوك بالمخاطر التي سترافق تنفيذه والتي قد تشمل:
- تكاليف وتجهيزات إضافية تتعلق ببعض الإدارات التي يتطلب عملها من عدن كإدارة الامتثال وإدارة العمليات الدولية ومركز المعلومات الرئيسي.
- تكاليف انتقال الكادر الوظيفي المتعلق بمراكز العمليات، وربما توظيف جديد وتدريب الموظفين.
- اقتصار المخاطر على ما ذكر أعلاه يعتمد على سماح جماعة الحوثي للبنوك بقبول هذا القرار، أما إذا امتنعت، فالمخاطر والمعوقات قد تتغير.
- يتطلب نقل مركز العمليات وقتا أطول مما حدده البنك المركزي اليمني – عدن في قراره، وهي 60 يوم.

4.2. خيار نقل المراكز الرئيسية للبنوك

هناك العديد من المعوقات والمخاطر التي تجعل من قرار نقل المراكز الرئيسية أمراً في غاية الصعوبة، وفقاً للسيناريوهات المحتملة:
المعوقات والمخاطر والآثار الناتجة عن القرار وفق السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: موافقة الحوثي على قرار النقل (افتراضاً)
حتى في حالة موافقة الحوثي على انتقال المراكز الرئيسية للبنوك، ستظهر بعض المشاكل الفنية والتقنية تتمثل في:
صعوبات تتعلق بالتجهيزات التقنية والبنية التحتية اللازمة للانتقال:
- عدم جاهزية العاصمة المؤقتة عدن لتوفير الاحتياجات المرتبطة بالبنية التحتية والمباني المناسبة، والإنترنت، والاتصالات والاحتياجات التقنية الأخرى اللازمة لتشغيل البنوك.
- التكلفة العالية لعملية نقل مراكز البيانات للبنوك نظراً لطبيعتها والتجهيزات الفنية المرتبطة بها.
- استحالة تجهيز ونقل البنية التقنية (مركز المعلومات) للعاصمة المؤقتة عدن خلال الفترة المحددة والتي تتطلب فترة طويلة.
- هذه المعوقات ستؤدي إلى توقف عمل البنوك بنسبة لا تقل عن 70% نتيجة عدم جاهزية البنية التحتية المتكاملة، إضافة إلى ذلك سيكون هناك ضعف في تقديم الخدمات للعملاء في ظل ضعف البنية التحتية الأساسية للتشغيل (إنترنت - اتصالات).
صعوبات تتعلق بالكادر الوظيفي:
- نقل المراكز الرئيسية سيؤدي إلى الحاجة إلى نقل 80% من كادر البنوك إلى عدن وما يترتب على ذلك من توفير متطلبات انتقال الموظفين مع عائلاتهم إلى عدن.
- عدم قدرة بعض الموظفين على الانتقال لظروف عائلية، مما يعني فقدان البنوك لكوادرها ووجود وظائف هامة شاغرة، مع عدم توفر الكادر الوظيفي المؤهل البديل في مناطق الانتقال لتغطية الوظائف التي لم يتم انتقال شاغريها.
- عدم إمكانية نقل كامل الكادر إلى عدن نتيجة عدم توفر المساكن الكافية والخدمات الأخرى الضرورية وارتفاع تكلفة الانتقال.
- ارتفاع التكاليف نتيجة نقل الموظفين في ظل الوضع المتدهور لعوائد البنوك.
- فقدان العديد من الموظفين لوظائفهم مما يفاقم من الفقر والبطالة.
صعوبات تتعلق بالتكاليف المالية ضخمة:
عدم قدرة البنوك على تحمل تكاليف عملية نقل المراكز الرئيسية في ظل وضعها المتدهور في جانب الربحية وعدم القدرة على تغطية هذه التكاليف (استئجار مباني جديدة، تجهيز المباني، نقل الأصول، نقل التجهيزات التقنية، إنشاء مركز المعلومات، تكلفة انتقال الموظفين وأسرهم... إلخ).
السيناريو الثاني: استيلاء الحوثيين على فروع البنوك الواقعة تحت سيطرتهم
تُعتبر سيطرة الحوثيين على فروع البنوك في المناطق الخاضعة لهم من أخطر السيناريوهات المحتملة جراء تنفيذ قرار نقل البنك المركزي – عدن، يمكن تلخيص المعوقات والمخاطر فيما يلي:
إضافة إلى تكاليف الانتقال وفق ما ورد في السيناريو الأول:
- تصفية عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثي ستؤدي إلى فقدان البنوك لأصولها الثابتة والاستثمارية والمحافظ الائتمانية والتمويلية التي تمثل الجزء الأكبر من الأصول في مراكزها المالية، إضافة إلى فقدان العملاء لأرصدتهم الجارية وودائعهم لدى هذه البنوك، مما يعني كارثة مصرفية مقبلة.
- هذه التصفية، ستكلف البنوك ما يعادل 70% من موازنتها، وهذا يعني توقف البنوك عن تقديم الخدمات في فروعها المصادرة في المناطق التابعة لمركزي صنعاء، التي تمثل 70% من إجمالي الفروع وتخدم 80% من العملاء في اليمن.
- التصفية القسرية، ستؤدي إلى انعدام الصفة القانونية للبنوك في مناطق سيطرة الحوثيين للتمثيل القضائي تجاه العملاء في حالة النزاعات القضائية لاسترداد حقوقها.
- فقدان الثقة في النظام المصرفي لدى التجار ورجال الأعمال وجموع المتعاملين مع القطاع المصرفي مما يترتب عليه سحب العملاء لأرصدتهم والتوقف عن الإيداع، سيكون لذلك تأثير كارثي على بقية البنوك ودفعها للإفلاس وبالتالي سيكون من الصعب على البنوك استعادة هذه الثقة.
- عدم قدرة البنوك في عدن على دفع أرصدة العملاء في حال مطالبتهم بها، خصوصاً مع اختلاف سعر الصرف بين صنعاء وعدن وما ينتج عنه من فروقات.
- عدم استعداد البنك المركزي – عدن في المساعدة لتعويض البنوك والمودعين، وأيضاً عدم استعداده لنقل أرصدة البنوك وأذون الخزانة وإدارتها من المركز الرئيسي في عدن.
- تدهور ربحية البنوك بشكل كبير نتيجة لتوقف أنشطة الفروع في الشمال في ظل استمرارية تكبد التكاليف التشغيلية، خصوصا مع إضافة تكاليف عملية النقل مما يؤثر على ربحية البنك.
- زيادة تدهور الوضع الإنساني في المناطق التابعة لمركزي صنعاء نتيجة لتوقف صرف مشاريع المساعدات النقدية الإنسانية.
السيناريو الثالث: انقسام البنوك وفصل فروعها في مناطق الحوثي عن مناطق الشرعية
هذا السيناريو يفترض قيام الحوثيين بالسيطرة الإدارية على البنوك المنتقلة، وتعيين مدراء تنفيذيين يديرون الفروع الواقعة تحت سيطرتهم. وقد حدث هذا بالفعل مع البنك المركزي اليمني وكاك بنك، والبنك الأهلي، وشركة سبأ فون، وغيرها من الشركات التي نقلت مراكزها الرئيسية إلى عدن. يمكن تلخيص أهم المعوقات والمخاطر فيما يلي:
إضافة إلى تكاليف الانتقال وفق ما ورد في السيناريو الأول:
- انعدام الثقة بالقطاع المصرفي، وعلى وجه الخصوص البنوك المنتقلة إلى عدن.
- فقدان الثقة في النظام المصرفي سيترتب عليه سحب العملاء لأرصدتهم والتوقف عن الإيداع، وبالتالي سيكون من الصعب على البنوك استعادة الثقة.
- ارتفاع طلبات سحب العملاء بشكل كبير جداً وعدم قدرة البنوك على تلبية طلبات العملاء، مقابل عدم استعداد البنك المركزي – عدن لتعويض البنوك والمودعين، وأيضاً عدم استعداده على نقل أرصدة أذون الخزانة وإدارتها من المركز الرئيسي في عدن.
- تفاقم أزمة السيولة بشكل كارثي وقد تؤدي إلى توقف عمل البنوك.
- توقف العملاء عن الإيداع في البنوك سيؤدي إلى تحول العملاء إلى القطاع غير الرسمي – قطاع الصرافة.
- مطالبة عملاء الفروع تحت سيطرة الحوثيين أموالهم من المركز الرئيسي الجديد في عدن، وهذا الأمر سيعجز عنه المركز الرئيسي للبنك تحت سيطرة الحكومة الشرعية، خصوصاً مع اختلاف أسعار الصرف.
- حرمان البنك من تقديم خدماته في المناطق التابعة لمركزي صنعاء التي تمثل 70% من إجمالي الفروع وتخدم 80% من العملاء في اليمن، وتوقف 70% من عمليات البنوك العاملة في اليمن وما يترتب عليها من آثار على الاقتصاد الوطني والمواطنين (مكرر في السيناريو الثاني).
- خسائر البنك نتيجة المخاطر السابقة مع ارتفاع التكاليف التشغيلية نتيجة عملية النقل سيؤثر كثيرا على ربحية البنك. (مكرر في السيناريو الثاني).
السيناريو الرابع: عدم قدرة البنوك على الانتقال وإصرار مركزي عدن على القرار
يفترض هذا السيناريو عدم قدرة البنوك على الانتقال للظروف والأسباب سابقة الذكر، وقرر البنك المركزي اليمني – عدن معاقبة هذه البنوك على أمر ليس بمقدورها تنفيذه، وتصعيد العقوبات وصولاً إلى إيقاف خدمة السويفت (Swift) أو سحب الترخيص لا قدر الله، هذا الأمر سيؤدي إلى عواقب كبيرة على البنوك المعاقبة والقطاع المصرفي منها:
إيقاف خدمة السويفت (Swift) وشركات الحوالات الدولية (ويسترن يونيون، موني جرام،إلخ..) على البنوك في حال عدم نقل المراكز الرئيسية، وسينتج عنه:
- توقف العمليات الخارجية مثل الاستثمار الخارجي واعتمادات الاستيراد للسلع والحوالات الصادرة والواردة، وإغلاق البنوك المراسلة لحسابات البنوك وما سينجم عنه من أضرار.
- توقف تدفق النقد: من الجهات الدولية المانحة والمغتربين.
- تأثر المناطق التابعة لمركزي صنعاء: التي تمثل ما يقارب 70% من سكان الجمهورية نتيجة توقف الحوالات والاعتمادات واغلاق البنوك المراسلة، وزيادة تدهور الوضع الإنساني نتيجة لتوقف صرف مشاريع المساعدات النقدية الإنسانية وما سيترتب عليه من ارتفاع في معدل الفقر والبطالة وتدهور الوضع الصحي لغالبية السكان.
- فقدان الثقة في النظام المصرفي: لدى التجار ورجال الأعمال وجموع المتعاملين مع القطاع المصرفي مما يترتب عليه سحب العملاء لأرصدتهم والتوقف عن الإيداع وبالتالي سيكون من الصعب على البنوك استعادة هذه الثقة.
- ارتفاع طلبات سحب العملاء لأرصدتهم: بشكل كبير جداً وعدم قدرة البنوك على تلبية طلبات العملاء.
- توقف العملاء عن الإيداع في البنوك والتحول للقطاع غير الرسمي (قطاع الصرافة).
- تفاقم أزمة السيولة بشكل كارثي وتوقف عمل البنوك.
وفي حالة سحب التراخيص كعقوبات على البنوك: فإن الأمر سيزداد تعقيداً، فبالإضافة إلى نتائج إيقاف السويفت سابقة الذكر، ستتعطل كافة أعمال وأنشطة وخدمات البنوك في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

5. تعاطي البنوك مع القرار

من خلال تفاوضها مع البنك المركزي – عدن، وتفسير القرار على أنه نقل المراكز الرئيسية وليس مركز العمليات رغم الاختلاف الجوهري بينهما، تعاملت البنوك مع القرار بمسؤولية، موضحةً للبنك المركزي – عدن عبر جمعية البنوك أنها ليست رافضة للقرار، ولكنها غير قادرة على التغلب على العديد من العوائق والصعوبات والمخاطر المالية والتشغيلية والفنية والأثار الانسانية دون مساندة البنك المركزي اليمني في عدن.(٥)

6. مدى إمكانية تنفيذ القرار

وفقا للتحليل السابق، وضع القرار خيارين للبنوك، الأول نقل المراكز الرئيسية، والثاني نقل مراكز العمليات، وسيختلف الحكم على إمكانية تنفيذ القرار من عدمه بناء على الخيار المتبع وفقا لما يلي:

6.1. نقل المركز الرئيسي

رأينا سابقا المخاطر والعقبات التي يمكن أن تواجه البنوك وفقا لعدة سيناريوهات كلها تجعل من إمكانية نقل المراكز الرئيسية مستحيلا، إضافة إلى أن ضغط البنك المركزي – عدن على تنفيذ القرار ومعاقبة البنوك غير القادرة دون مساندة منه ومن المجتمع الدولي سينتج عنه سيناريو أخر، لا يقل خطورة أو ضررا عن بقية السيناريوهات المحتملة، لذلك، هذا الخيار غير قابل للتنفيذ إلا بمساعدة البنك المركزي والمجتمع الدولي.

6.2. نقل مركز العمليات

أما نقل مركز العمليات، فمخاطره أقل بكثير، وقد يحظى بقبول من الحوثيين، مما يعني عدم حدوث أي من السيناريوهات سابقة الذكر، لذلك هناك إمكانية في تنفيذ خيار نقل مراكز العمليات لبنوك.
ثالثاً: قرار البنك رقم 20 لسنة 2024
وتضمن القرار بعد الديباجة في مادته الأولى أن على كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشئات الصرافة ووكلاء الحوالات العاملة في الجمهورية وقف التعامل مع ستة من البنوك والمصارف، وهي بنك التضامن، وبنك اليمن والكويت، ومصرف اليمن البحرين الشامل، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وبنك اليمن الدولي، بينما تضمنت المادة الثانية منه أنعلى البنوك والمصارف المذكورة الاستمرار بتقديم خدماتها المصرفية للجمهور والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى إشعار أخر، بينما المادة الثالثة تتضمن العمل بالقرار من تاريخ 2/ 6/ 2024 وعلى الجهات المعنية العمل بموجبه ويبلغ به من يلزم محليا ودوليا.(٦)
1. دوافع القرار
يُشير نصّ القرار إلى أنّه مبني على "فشل البنوك المشار إليها في الالتزام بأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي ...إلخ". ومع ذلك، تُشير العديد من المُؤشرات إلى أنّ دوافع القرار تتجاوز ذلك، وتشمل أبعادًا سياسية واقتصادية مُتداخلة، منها الضغط على جماعة الحوثيين، وتعزيز سيطرة الحكومة المعترف بها، ومعالجة الاختلالات المالية من خلال توحيد مرجعية القطاع المصرفي.
2. تحليل القرار:
- قرار معاقبة البنوك الستة مبني على عدم قدرتها على نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، وليس لعدم التزامها بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كما ورد في القرار.
- البنوك ملتزمة بتعليمات وقرارات البنك المركزي- عدن، وهي غير ممانعة لقرار النقل، لكنها غير قادرة على تنفيذه دون مساعدة البنك المركزي.
- هناك ادعاء خاطئ بعدم امتثال البنوك الستة بإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما البنوك ملتزمة بالمعايير الدولية والمتطلبات المحلية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولديها سياسات وإجراءات وأنظمة متطورة تتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، وهذا ما أكده تصريح محافظ البنك المركزي اليمني – عدن في المؤتمر الصحفي يوم الجمعة 31 مارس 2024 حيث أكد إلى أن "البنوك المدرجة لم ترتكب أي مخالفات تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب."
- صدور القرار بشكل انتقائي، فالقرار يعاقب ستة بنوك فقط من أصل 18 بنكًا وبنك صغير وأصغر تقع مراكزها الرئيسية في صنعاء، رغم موقف البنوك الموحد في رسالة جماعية بتاريخ 8/5/2024 تؤكد فيها استحالة تنفيذ قرار النقل في الفترة المحددة.
- للبنوك الستة حصة كبيرة في السوق المصرفية تصل إلى 70% بحسب تصريحات وكيل المحافظ لقطاع الرقابة على البنوك، لذلك يُتوقّع أن يُخلّف القرار تداعياتٍ اقتصادية وإنسانية، تشمل:

الحاق أضرار بالغة بالبنوك المُستهدفة، ممّا قد يُؤدّي إلى إفلاسها وتوقف خدماتها.
انكماش القطاع المصرفي ككلّ، ممّا سيُعيق النشاط الاقتصادي ويُفاقم من الأزمة الإنسانية.
سيُواجه المودعون في هذه البنوك صعوباتٍ كبيرة في الوصول إلى أموالهم، ممّا سيُثير قلقهم ويُزعزع ثقتهم بالنظام المصرفي.
سيُؤدّي توقف عمل هذه البنوك إلى شللٍ في حركة النقد وتراجعٍ في النشاط الاقتصادي، ممّا سيُفاقم من الأزمة الإنسانية في اليمن.
سيُؤثّر القرار سلباً على حياة ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على هذه البنوك في تلقّي رواتبهم وتحويلاتهم المالية واحتياجاتهم الأساسية.
رابعاً: استنتاجات أخرى
1. السياق السياسي للقرارات
سبق للبنك المركزي في عدن أن أصدر قرارات تطالب البنوك بنقل مراكز عملياتها إلى عدن، وكان آخرها في أغسطس 2021. بدأ البنك بفرض عقوبات على البنوك المخالفة، مثل بنك اليمن الدولي، ولكنه تعرض لضغوط دولية تسببت في التراجع عن تنفيذ العقوبات، مما أفشل مشروع العقوبات الجماعية.
ومع الأحداث الجارية في البحر الأحمر وتصنيف الولايات المتحدة وأستراليا لجماعة الحوثي كجماعة إرهابية، أصبحت الأجواء مهيأة للبنك المركزي في عدن لإعادة طلبه بنقل مراكز عمليات البنوك إلى عدن. تلقى القرار دعماً محلياً ودولياً، ما يعكس تغير المواقف الدولية تجاه اليمن واقتصادها وفقاً لمصالحها.

7. إيجابيات القرارات

تنفيذ خيار نقل مراكز العمليات سيعزز من دور البنك المركزي في الرقابة على المؤسسات المالية، مما يحد من تدخل الحوثيين ويعزز الثقة في النظام المصرفي. كما يضمن حماية مصالح جميع الأطراف في ظل الظروف المعقدة في البلاد، ويعتبر خطوة استراتيجية لتحسين النظام المالي في اليمن. كما بينت القرارات حجم الدعم الدولي للبنك المركزي اليمني - عدن وثقته فيه.
2. ردود الأفعال
القرارات لاقت دعماً شعبياً ومساندة من مجلس القيادة والأطياف اليمنية المنضوية تحت الشرعية، لكنها واجهت استياءً من البنوك التي اعتبرتها تكريساً للانقسام النقدي ومهددة للقطاع المصرفي. كما انتقد بعض الخبراء الاقتصاديين القرار، محذرين من تداعياته السلبية على الاقتصاد اليمني.
3. الحوثي مستفيد، والبنوك متضررة
أظهر التحليل السابق أن قرارات البنك المركزي في عدن لم تُفلح في مساعدة البنوك على التخلص من الانتهاكات الحوثية، بل على العكس، فقد أصبح الحوثيون هم المستفيدون الرئيسيون من هذه القرارات لأسباب متعددة، منها:
- رغبة الحوثيين في إحلال بنوك تابعة لقياداتهم محل البنوك القائمة.
- قدرتهم على فتح بنوك جديدة في عدن، ملبية كامل طلبات البنك المركزي، هناك إمكانية فتح بنوك بأسماء أشخاص ذوي سمعة طيبة ظاهريًا، بينما تتبع في الحقيقة لسيطرة قيادات حوثية.
- استفادة الحوثيين من مصادرة أصول البنوك تمهيدًا للسطو عليها.
وبالتالي، فإن المتضررين الأساسيين من هذه القرارات، هم البنوك في المقام الأول، ثم آلاف العملاء لهذه البنوك، وأخيراً ملايين اليمنيين، حيث ستنعكس مشاكل القطاع المصرفي على الاقتصاد الوطني بأكمله.
4. أهمية استحداث قطاع الامتثال والمخاطر
دائما ما نوصي بإنشاء قطاع الامتثال والمخاطر في البنك المركزي اليمني - عدن، يتبع مباشرة مجلس الإدارة وفقًا للمعايير الدولية. مهامه تشمل ضمان التزام البنك بالقوانين واللوائح المحلية والمعايير الدولية، وتحليل المخاطر المرتبطة بقرارات البنك، مثل المخاطر التشغيلية والقانونية والمالية والسياسية. كان ينبغي عرض القرارات محل الدراسة على هذا القطاع حال استحداثه.
5. القرارات رغم أهميتها، لكنها لا تحل المشكلة الاقتصادية اليمنية
المشكلة الاقتصادية اليمنية عميقة ومتعددة الأسباب، وتواجد المراكز الرئيسية للبنوك ليس السبب الأهم. هذه القرارات لا تحل المشكلة الاقتصادية لدى الشرعية، مثل توقف صادرات النفط أو انهيار سعر الصرف. طالما أن نقل مركز العمليات لا يمثل عائقًا أمام البنوك، فالأولى الدفع نحو هذا الخيار.

6. مخاطر عودة الصراع
قد تستخدم قرارات البنك المركزي اليمني – عدن الأخيرة ذريعة لجماعة الحوثي للعودة إلى الصراع والحرب ومعارك الجبهات.
خامسا: النتائج
خلصت الدراسة إلى النقاط الرئيسية التالية:

افتقر القرار 17 لسنة 2024 إلى الوضوح، مما أدى إلى تأويله بشكل خاطئ، كان ينبغي توضيحه بشكل أفضل للأطراف المعنية، لأن البنوك كانت ستتعاطى بشكل إيجابي إذا ما فهمت أن القرار يتعلق بنقل مركز العمليات، خلافا لنقل المركز الرئيسي الذي سبب توترا بين البنك المركزي في عدن والبنوك.
فسرت هذه الدراسة القرار 17 لسنة 2024 بأنه يترك خيار نقل المراكز الرئيسية للبنوك في المادة الأولى مفتوحًا، بينما يجعل نقل مركز العمليات في المادة الثانية إلزاميًا، مما تطابق مع تصريحات رئيس مجلس القيادة ومحافظ البنك المركزي اليمني – عدن.
أن نقل المراكز الرئيسية للبنوك غير ممكن التنفيذ، نظرا لعدة عوائق فنية ومالية وسياسية، بينما نقل مركز العمليات قابل للتنفيذ رغم بعض المخاطر.
تسبب تفسير القرار17 لسنة 2024 بشكل خاطئ في خلق توتر بين البنوك والبنك المركزي – عدن، وأدى إلى فرض عقوبات على البنوك الستة.
تعطيل القرار 17 لسنة 2024 القاضي بنقل مركز عمليات البنوك جاء بسبب تفسيره الخاطئ كقرار لنقل المراكز الرئيسية، مما زاد التوتر بين البنك المركزي في عدن والبنوك. ترى البنوك أن نقل المراكز الرئيسية مستحيل بدون دعم من مركزي عدن والمجتمع الدولي، بينما كان يمكن تحقيق تقدم كبير لو تم التفاوض على نقل مراكز العمليات من البداية.
أن القرار 20 لسنة 2024 يعاقب البنوك لعدم قدرتها على نقل المراكز الرئيسية دون مساعدة البنك المركزي– عدن والمجتمع الدولي، وليس لأنها غير ملتزمة بإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كما ورد في القرار، حيث أن البنوك تلتزم بإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقا للمتطلبات المحلية والدولية بشهادة المحافظ أحمد المعبقي.
أن القرار رقم 20 لسنة 2024 انتقائي، حيث يعاقب ستة بنوك فقط رغم الموقف الموحد لكافة البنوك التي تقع مراكزها الرئيسية في صنعاء تجاه القرار.
تنفيذ القرار 17 لسنة 2024 بنقل المراكز الرئيسية رغم استحالة تنفيذه دون دعم البنك المركزي في عدن، ومعاقبة البنوك بقرار 20 لسنة 2024 لعدم قدرتها على التنفيذ، سيضر بالبنوك وقد يؤدي إلى إفلاسها وتوقف خدماتها، مما يسبب انكماش القطاع المصرفي ويعيق النشاط الاقتصادي ويزيد الأزمة الإنسانية. سيواجه المودعون صعوبات في الوصول لأموالهم، مما يزعزع الثقة بالنظام المصرفي ويؤثر سلباً على حياة ملايين اليمنيين.
الأزمة الاقتصادية اليمنية لها أسباب عميقة ومتعددة، وتواجد المراكز الرئيسية للبنوك ليس ذو أهمية نسبية كبيرة مقارنة ببقية الأسباب مثل توقف صادرات النفط أو انهيار سعر الصرف.
أن التعاطي الإعلامي مع هذه المشكلة كان غير واقعي ومبالغًا في التفاؤل، مما يعكس الحاجة إلى تعاطٍ أكثر واقعية ودقة.
سادساً: التوصيات
بناءً على نتائج الدراسة، يمكن تقديم التوصيات التالية:

ينبغي على البنك المركزي – إذا ما أراد تحرير البنوك من سطوة المليشيا، إعداد استراتيجية شاملة لتحريرها، بدعم وتنسيق دولي وتعاون محلي، على أن يتم تقييم القرارات ودراسة الأثر الاقتصادي والإنساني المحتمل قبل اتخاذها ووضع استراتيجيات لتخفيف الأضرار.
تفادياً للبس، ينبغي على البنك المركزي – عدن توضيح قراراته بشكل دقيق للأطراف المعنية لتجنب التفسير الخاطئ، وتوضيح أن المطلوب هو نقل مراكز العمليات وليس المراكز الرئيسية للبنوك.
على البنك المركزي – عدن إنشاء قطاع للامتثال والمخاطر وفقًا للمعايير الدولية مع كادر متخصص في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ينبغي أن تكون القرارات موضوعية وغير انتقائية، حتى وإن كانت هناك مبررات، حيث يجب أن يكون الهدف الأساسي هو تحقيق الاستقرار المالي والمصرفي.
ينبغي تنفيذ المادة الثانية من القرار 17 لسنة 2024 - نقل مركز العمليات، مع تحديد فترة زمنية كافية للبنوك لتنفيذه وعلى البنوك نقل مراكز العمليات الرئيسية، النظام التقني، إدارة الامتثال، الإدارة الدولية، هذا الإجراء يفي بالغرض المطلوب وسيمكن البنك المركزي - عدن من مراقبة الأنشطة المصرفية بشكل فعال، ويتطابق ذلك مع تصريحات رئيس مجلس القيادة ومحافظ البنك المركزي – عدن.
ينبغي للبنك المركزي – عدن توفير الدعم اللازم للبنوك لتنفيذ قرار نقل مراكز العمليات، وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي واستغلال تأييده الواسع للحصول على الدعم المالي والفني اللازم لتنفيذ القرارات بشكل سلس وآمن وبما لا يضر بالبنوك وعملائها والقطاع المصرفي بشكل عام.
ينبغي على الحكومة الشرعية وبنكها المركزي توفير حوافز للبنوك لتشجيعها على الامتثال للقرارات وتنفيذها بكفاءة. تشمل هذه الحوافز الدعم المالي والفني، وتقديم تسهيلات في الإجراءات، وتحفيز البنوك على تطوير بنيتها التحتية والاستثمار فيها.
ينبغي إعادة النظر في القرار رقم 20 لسنة 2024 -قرار العقوبة، مع الأخذ في الاعتبار القدرة الفعلية للبنوك على تنفيذ القرارات والتحديات التي تواجهها دون مساعدة البنك المركزي – عدن والمجتمع الدولي، وتبني نهج تفاوضي وبناء معها للوصول إلى حلول عملية تلبي مصلحة جميع الأطراف وتضمن استقرار القطاع المصرفي.
هناك ثقة كبيرة في محافظ البنك المركزي – عدن الأستاذ أحمد غالب يُنصح بأن يترأس التفاوض بشكل مباشر مع البنوك لضمان التوصل إلى حلول فعالة، مع تحسين قنوات التواصل لضمان فهم مشترك للقرارات وتبعاتها.
على البنك المركزي – عدن إعداد خطط طوارئ لمواجهة أي تعقيدات أو تحديات غير متوقعة خلال تنفيذ القرارات، لضمان استمرارية العمل المصرفي وخدمات البنوك دون انقطاع.