آخر تحديث :السبت-05 أكتوبر 2024-10:54ص

ماتم بإسمها ليس وحدة والراهن خرج عن السيطرة

السبت - 06 يوليه 2024 - الساعة 11:03 م

خالد سلمان
بقلم: خالد سلمان
- ارشيف الكاتب


كان حرصاً حقيقياً على الوحدة، كان توجهاً عقلانياً وإستشرافاً مسبقاً لقادم تهتكات مابقي من الوحدة ، كان محاولة حريصة لإصلاح مسار الوحدة بعد حرب إنتهت بإقصاء الشريك ، وإسقاط قانونية نظام إتحد بالتوافق وتم إغتيال الشراكة بالحرب.
أتحدث عن تيار إصلاح مسار الوحدة، التيار الذي تبنى وقف حالة التآكل في جسد بدأ قوياً بعد زهو إسقاط عدن في السابع من يوليو التاريخ الكارثي ، وكان أصحاب هذا المشروع قد إمتلكوا قدرة على إختراق الحجب السياسية ، والمظاهر الزائفة، وتنبؤا أن مابعد ٧يوليو سيدمر كل الوطن ،وسيولد من بطنه كل الحروب المذهبية المناطقية المتناسلة.
رفض النظام تيار إصلاح المسار ، دون أن يدرك انه يذهب نحو حتفه ، ثم إستدار إليه ثانية للتعاطي معه كمخرج لأزمة النظام ، فكان الوقت متأخراً، ومضت المطالب في سياقات أكثر تصلباً ونزوعاً نحو الإفتكاك ،من نظام تراتبي جعل الجنوب دون مستوى تهامة ،وهي الأكثر بؤساً ونفياً خارج مصفوفة الحقوق والمواطنة.
لا احد بمقدوره إعادة إستيلاد الماضي، وتلافي جروحه وترميم الشروخ الممتدة نحو جيل آخر ، إنتقل من رفض الوحدة إلى الكفر باليمننه ، أسقط بمحض إختياره هويته تخلى عن إنتمائه ، وذهب باحثاً عن هوية أخرى تأخذ هيئة ماقبل الدولة: سلطنات ومشيخات وجنوب غير يمني.
الراهن تضخم ،كبر ، خرج عن السيطرة ، وأصبح الجنوب من وجهة نظر نخب المشروع الإستقلالي ، لا يحتاج للإعتذار من الجناة ولا لكاهن الإعتراف ولا للتطهر من الآثام المرتكبة ، ولا الإقرار بأن نصف هذا الوطن تم تدميره تدميراً ممنهجاً، إغتيالاً وثروة وسلطة دولة وقرار.
بالمعنى المجرد نعم الوحدة بمعناها الشاعري المطلق بريئة، وبالمعطى الملموس أن ماتم بإسمها ليس وحدة، بل إبتلاع وسطو بقوة السلاح لا نظام تم بالتفاهمات السياسية الوطنية، المهووسون بالوحدة بأي ثمن ومع أي قوى، هم يشرعنون لإعادة إنتاج ذات النظام الإقصائي ،ويمنحون كرت مرور لإستعمار داخلي مماثل ، بل وأكثر بشاعة وتخلفاً وإنجراراً نحو الحروب والمحارق ،بإسم الله والوطن الواحد وورثة بيت النبوة.
الجنوب بأغلبه الأعم ليس في المنطقة الحائرة ، هو محدد الخيار أن لا عودة لما قبل حرب ٩٤، وان هناك حدود يعاد ترسيمها بالدم والتضحيات ، وبالإستعداد النفسي لخوض معركتها ، حتى آخر رجل ، دون العودة إلى خيمة الوصايا وعقلية إستعادة الأصل للفرع .
نعرف أن الصورة لم تكتمل بعد، والحوار الما وراء ظهر قوى الجنوب جارية ، وأن إصطفافات يمكن أن تتشكل ثانية على قاعدتي التخوين والتكفير ، وأن قوى ٧-٧ يمكن لها ان تستعيد نفسها بترس ورمح وبلباس جديد وشعار قديم ، لن ينتج سوى حرباً تحتفظ بجذوتها تحت مشاعر الغبن والإكراه.
عنوان المواجهة هو ضد القوى الهيمنية، وليس ضد الشعب ، وربما تتوفر غداً ظروفاً مؤاتية لخوض كل الناس شمالاً وجنوباً ، معركة واحدة ضد الإنسحاق الجمعي ودفاعاً عن المواطنة.
ما ينبغي الإشتغال عليه إن الشمال بفقرائه ليس خصماً هو أيضاً ضحية، وهو العمق والحليف.