آخر تحديث :الإثنين-16 سبتمبر 2024-09:51م

قطرنّة الدقون وقطرنّة العقول !

الأحد - 08 سبتمبر 2024 - الساعة 12:04 ص

د. قاسم المحبشي
بقلم: د. قاسم المحبشي
- ارشيف الكاتب


البارحة سألتني صحيفة الشرق الأوسط  السؤال الآتي : كيف تنظر الى قرار (اللجنة الثورية ) الانقلاب الحوثية بشأن إعفاء الطلبة من الامتحانات ومنحهم درجات  نجاح  استثنائية ؟ وكان جوابي على النحو الآتي :

ان قرار (( اللجنة الثورية )) الانقلابية الخاص بحرمان عشرات الألاف من التلاميذ والتلميذات والطلبة والطلبات من امتحانات المرحلة الاساسية والثانوية ينطوي على دلالات عدة اذ يعد بحسب المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان عامة والحقوق المدنية تحديدا انتهاكا صارخا للحقوق الانسانية الاساسية والمدنية كونه يحرم  الطلبة والطالبات من حقهم الأساسي في اداء الامتحانات في مدارسهم بصورة طبيعية هذا اولا

وثانيا يكشف هذا القرار الذي لم اسمع بمثله في تاريخ التربية والتعليم حتى في أزمنة الحروب والمحن  يكشف عن طبيعة تلك القوى الانقلابية وطريقة تعاطيها مع جميع الأمور بمنطق الجهل الوقح اذ انهم بحسب منطوق القرار الذي ينص على ((منح الطلبة المشاركين مع اللجان الثورية في الحرب درجة نجاح لا تقل عن ٧٥ ولا تزيد عن ٩٠ بالمئة ))  وهذا عن جهل مركب  عندهم لمعنى التربية  والتعليم  واستحقاق الامتحانات والتقييم والقياس  اذ يتعاطون مع هذا الامر  الحيوي والاستراتيجي في العملية التربوية والتعليمية من زاوية كونه علامة نجاح رمزية   وورقة كرتونية تسمى ( شهادة ) بغض النظر عن ان يكون الطلاب قد تعلموا اي شيء من المنهج او لم يتعلموا  !

كما ان تحديد علامة النجاح الثورية الاستثنائية بين ( ٧٥ و٩٠ )  إنما ينم عن بؤس هذا القرار و فساد منطقه  ًعبثية أصحابه ومبلغ استهتارهم بكل شيء اذ ان السؤال هو :  كيف يمكن توزيع درجات النجاح (الحوثية الثورية الاستثنائية )   بين الطلبة والطالبات المستهدفين بها ومن هم الذين ستمنح لهم درجة ٩٠ الدرجة الأعلى  ومنهم الذين سيتم منحهم الدرجة  ٧٥ الأدنى ؟! باي معيار او قياس يتم توزيع درجات النجاح المتباعدة هذه بين الطلبة ؟   هل بالحسب والنسب ام بالشكل والزي ام بالمكان والمولد ام باللهجة ام بالولاء والقرب ام باحتساب عدد رؤوس قتلاهم من الضحايا الذين أمرهم الحوثي بقتلهم وتدمير بيوتهم ؟!

حقاً انه قرار خارج اي منطق او معيار تربوي تعليمي ويعلم الله وحده كيف يمكن  تنفيذه !

ثالثا:  هذا القرار فضلا عن كونه يفتقد الى اي شرعية دستورية قانونية  يعد إقرارا واعترافا من اللجنة الثورية الانقلابية وبخط يدها باستخدام وتجنيد  الأطفال القصر في حربها الغاشمة الراهنة  وتلك جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية ، اذ ان معظم المستهدفين بهذا القرار الجريمة هم من الأطفال والمراهقين تتراوح أعمارهم بين ١٤ الى ١٨ عام فقط .

وقد ذكرني قرار إمام صعده الجديد  هذا بقرار الإمام احمد ياجناه  حينما طلب من رعاياه في يمن منتصف القرن الماضي طلب منهم  ان يطلوا رؤوسهم بالقطران تحصينا لهم من الجن والمسّ والشياطين !

وإمام صعدة الجديد بمنحه الطلبة درجات وشهادات نجاح في امتحانات لم يمنتحنونها أصلا إنما يقوم بقطرنة عقول الناشئة بالجهل والظلام !

انه قطرنّة حديثة ومعدلة فإذا كان احمد ياجناه يأمر بقطرنة الرؤوس والدقون فان عبدالملك يقطرن العقول والافئدة  وهو اخطر  بكثير من سابقه ! فقطران الرؤوس والدقون  يمكن إزالته بالاغتسال بالماء والصابون لكن قطران العقول بمنح درجات نجاح متباينة لطلبة لم يمسكوا لا قلم ولا ورقة بأيديهم ولم يجلسوا للامتحان لهو المهزلة والفحش بعينه !

ختاما نقول : ربما كان السؤال الذي يجب ان يطرح هنا والآن هو ليس كيف تسوس القوى الانقلابية امر العملية التربوية  والتعليمية والامتحانات في ( اليمن السعيد جدا  )  وهو امر يتصل بحياة ومصير ومستقبل عشرات الألاف من الطلبة والطالبات والتلاميذ الصغار السؤال  هو ماذا فعلة الشرعية اليمنية لمواجهة هذا الاستحقاق الحيوي الملح الذي لا يحتمل التأجيل والانتظار والسلام ختام !