هناك من يعتقدون -بجهالة- احتمالية اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل في أي لحظة، وسط ما تشهده المنطقة من توتر وفق تنسيق مسبق كما حدث بالرد الاسرائلي و رد ايران المحتمل، إلا أن الحقيقة قد تكون صادمة في أن الحرب لو اندلعت فعلًا فإن إيقاعها سوف يُضبط بحسب العاطفة العربية التي تنقاد الى البطولات الكاذبة والشعارات الزائفة..
إذا كانت إسرائيل العدو التاريخي للعرب، فإن الفرس لا يختلفون عنها عداوة، فكلاهما يحملان مشروع توسعي على حساب الجغرافيا العربية للأرض والبحار.
السياسة تعلمنا أن لا نأخذ بظاهر الأمور، بغض النظر عن مدى تصاعدها في وسائل الإعلام التي وجدت لهذا الهدف بقلب الحقائق واختلاف الشعوب في قضاياهم المفصلية لدرجة أننا أصبحنا ندعم عدونا اعتقادًا منا أنه جاء يناصرنا، ولهذا أخبرنا الفلاسفة الإغريق أن نركز على أفعال السياسيين بدلاً من كلامهم..
وإذا نظرنا إلى ما فعلته إسرائيل وإيران على أرض الواقع، سنجد أن هناك تحالفاً بينهما يسعى للتحكم بالوضع السياسي في العالم العربي بشكل شامل ونهب ثرواته والعمل سويًا على إضعاف قدراته ليسهل الانقضاض عليه وإخراجه من الخارطة العربية نحو حياة التشرد والضياع.
إن التدخل الإيراني المتزايد في المنطقة العربية يعتبر جزءًا من اتفاقية سرية بين إيران وأمريكا وإسرائيل، تهدف إلى توسيع نفوذ طهران وتقليل العداء العربي تجاه إسرائيل بتوجيه الأنظار إلى أن الصراع في منطقة الشرق الأوسط إسرائيلي-إيراني وليس عربيًا، وبفضل هذه الاتفاقية، تشارك إيران في تحمل جزء من العداء الموجّه لإسرائيل، مما يخفف الضغط على الكيان الصهيوني، وهذا ينعكس على المستوى السياسي، حيث يصبح العرب يرون إيران كعدو أكثر خطورة من إسرائيل.
وبالتالي، يصبح الصراع الظاهر بين الصهيونية والعرب مجرد ستارة تمنع رؤية المخططات الخفية التي ترسم وراء الكواليس، وتصبح المخاوف الإسرائيلية من التواجد للأذرعة الإيرانية في سوريا ولبنان والعراق واليمن مجرد كذبة كشفتها الحرب المدمرة التي تشنّها إسرائيل على لبنان وفلسطين بذريعة التخلص من حماس وحزب الله، حرب أشعلت فتيلها طهران ثم توارت عن الأنظار تطلق التصريحات النارية، وتواصل الحرب في الأراضي العربية حتى آخر عربي في دول تنطوي تحت العباءة الخمينية الفارسية.
التاريخ يحدثنا كيف تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل من تسهيل التوسع الإيراني في المنطقة حتى وصلت إلى حدود إسرائيل. عندما التهم الإمام الخميني القادم من ملجائه في فرنسا، السلطة نهاية السبعينيات، وأعلن حرباً على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل في لعبة سياسية استهوت الكثير من العقول العربية الفارغة، وأصبحت أداة في يد الملالي تستخدمها في تدمير الشعوب العربية ونضالاتها ضد الكيان الصهيوني المغتصب للأرض الفلسطينية، فبعد وصول الخميني إلى السلطة، تمكنت إيران من التوغل في المنطقة بسرعة، حيث وصلت إلى حدود إسرائيل بعد وقت قصير. ثم ظهر حزب الله كطليعة لإيران في لبنان، وهو ما زاد من التوتر في المنطقة. تأسس حزب الله على الحدود مع إسرائيل، وبدأ يهدد بتحرير القدس.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف سمحت إسرائيل والولايات المتحدة بظهور ذراع عسكري إيراني على حدودها بعد فترة قصيرة من وصول الخميني إلى السلطة؟ السؤال هل ما حدث ويحدث يشير إلى فشلهما في مواجهة التوسع الإيراني وإيقاف تهديداتها للمنطقة؟، أم ان ايران ظلت تحمي حدود اسرائيل خلال الفترات السابقة، واليوم طرأ متغير جديد تطلب من القوى العظمى التخلص من عملائها لاستبدالهم باخرين يتماشى من المتغيرات الدولية ومصالح القوى العظمى بالمنطقة في شرق اوسط جديد؟.