قتل الجنود السعوديين في المنطقة العسكرية الأولى بسيئون، ليست بطولة ولا حمية للدفاع عن السيادة ،ولا هي نتاج حالة إحتقان وتراكم نفسي جراء نهر الدم المتدفق في لبنان وفلسطين ، ما حدث مساء أمس الجمعة وسيتكرر كثيراً ، هو فعل أيديولوجي ينتمي لتعبئة مذهبية ،وهو بكل المقاييس خرق خطير لبنية المؤسسة العسكرية في أعلى هرميتها ،حيث القاتل هو مرافق ابو العوجاء القائد الفعلي للمنطقة العسكرية الأولى ، على الرغم من المسميات المواربة.
ما حدث في سيئون يؤشر إلى أن جيش الشرعية ليس على مايرام ، وأنه يفتقر لخطاب وطني سيادي، وعمل تعبوي يتجه نحو تسمية الحوثي عدو الوطن والسيادة وخصم للحرية وحقوق الإنسان، وإن مقذوفاته على إسرائيل بالونات دعائية لتأبيد سيطرته على الداخل ، والهروب من صفته كدموي قاتل إلى مقاوم وإن بصواريخ فيشنك .
إذا كنا ندعو إلى التقاربات بين كل المكونات ذات الحيثية العسكرية ، فإن هناك ماهو واجب الإشتغال عليه : تطهير المؤسسة العسكرية الرسمية ، وإعادة البناء على إرث الجندية الوطنية والمهنية ، وتصفية الجهات القيادية الموازية، مأسسة الجيش وتوحيد القيادة.
أخطر مافي حادث أمس إن خطاب الحوثي يتوغل بقوة بين صفوف الأفراد ، وإن هناك في بعض المراتب القيادية ماهو تقديس لأفعال الحوثي وصواريخه، وتمرير إعتقادات خاطئة تشبه الفتوى، مضمونها عدم جواز محاربة من يوجه سلاحه ضد إسرائيل، وإن سفك دم نصف مليون يمني .
هناك نقطة إبتداء لتوحيد الجهد العسكري، تنطلق من رسم خارطة تموضعات للألوية ،تخرجها من المدن وتدفعها إلى خطوط التماس، حيث الجبهات المشتعلة أو تلك التي هي على وشك الإشتعال.
الموضوع ليس قتل الجنود السعوديين، بل خلفية عملية القتل تلك ،والتي تأتي تنفيذاً لخطاب وتعبئة الحوثي ، بما يفرض إعادة تقييم حجم الإختراق إن لم يكن تنظيمياً فبتمرير الأفكار ، وفتح باب التكهنات من أن لدى الحوثي حاضنة قوية غير مرئية في مفاصل الجيش الوطني.
إخراج القوات العسكرية من المدن أولاً، وتطهيرها من غير ذوي الإختصاص وتوحيد القرار ثانياً وتجفيف الخلايا النائمة ، ومن ثم البحث عن مشتركات تعيد تصويب وجهة البندقية نحو حوثي هو عدو جميع المشاريع وعدو للوطن.
المفارقة إن الحوثي يخترق ، دون أن يواجه بخرق مقابل ، مايعني بأن مثل هكذا إختراق حوثي مسكوت عنه ، يجعل مناطق الشرعية العسكرية مكشوفة وعرضة للتقويض، ويفتح على إحتمالية إسقاطها من الداخل.