وسط مخاطر عدة لاستخدام الحوثي غسل الأموال بالطرق الإلكترونية، اتخذ البنك المركزي اليمني في عدن خطوات جريئة لتشديد الخناق المصرفي على المليشيات الانقلابية.
وعلى مدى 10 أعوام، استغلت مليشيات الحوثي الكيانات والمحافظ الإلكترونية التابعة لبعض البنوك والشركات وأخرى مداره من قبلها في عمليات غسل أموال مشبوهة لتمويل حربها ضد أبناء الشعب اليمني.
ولقطع الطريق أمام تلك المخاطر التي تجري بعيداً عن الرقابة الدولية والمحلية، قرر البنك المركزي اليمني حظر التعامل مع عدد من هذه الكيانات في خطوة مُحكمة من شأنها الحد من عمليات غسل الأموال الحوثية.
وتشير تقارير محلية إلى أن هناك أكثر من 15 محفظة إلكترونية، وانتشرت مؤخراً العديد منها وجذبت ملايين المشتركين الذي يسعون لتسهيل معاملاتهم المالية المختلفة ويجهلون حجم المخاطر الذي يقف خلفها الحوثيون.
وتشير التقارير إلى أن مليشيات الحوثي شكلت شبكة مالية سرية يديرها 10 من قادة ما يسمى بـ"الأمن والمخابرات" وتتولى عمليات غسل الأموال وتبييض ملايين الدولارات ومليارات الريالات المحصلة من الضرائب والجمارك وعائدات النفط والغاز وأراضي وعقارات الدولة وأموال الأوقاف والموازنة المركزية والمحلية والصناديق الخاصة.
حظر تعاملات
ظلت جميع أنظمة الدفع الالكترونية تتعامل مع بنك مليشيات الحوثي في صنعاء، وهو ما دفع البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، لاتخاذ قرار بحظر التعامل مع عدد من الكيانات والمحافظ وخدمات الدفع الإلكتروني غير المرخصة من قبله، كجزء من خطوات لتضييق الخناق المصرفي على الحوثيين.
وقال البنك المركزي في عدن في القرار الذي اطلعت "العين الإخبارية "على نسخة منه، إن حظر هذه الكيانات؛ جاء إثر "مزاولتها والإعلان والترويج لإطلاق خدمات دفع وتحويلات مالية إلكترونية دون تراخيص رسمية من البنك المركزي اليمني، في مخالفة واضحة للقوانين والتعليمات النافذة، والضوابط والإجراءات المعتمدة لتقديم خدمات وأنشطة الدفع الإلكتروني".
ووجه البنك حظر التعامل المباشر وغير المباشر مع 12 من الكيانات والمحافظ وخدمات الدفع الإلكترونية أبرزها (محفظة كاش، محفظة الدولي موني، محفظة جوالي، محفظة فلوسك، محفظة سبأ كاش، محفظة موبايل موني، محفظة يمن والت، محفظة الريال الإلكتروني، محفظة ريال موبايل، محفظة جيب، محفظة واي كاش لخدمات وأنظمة الدفع الإلكترونية، محفظة المتكاملة).
واستند البنك المركزي في قراره إلى القانون رقم (14) لسنة 2000 بشأن البنك المركزي وتعديلاته والقانون رقم 40 لسنة 2006 بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية، وإلى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 1 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية وتعديلاته وإلى تعليمات البنك التنظيمية ذات الصلة.
وحذر البنك المركزي في عدن من أنه "سيتم اتخاذ الإجراءات العقابية القانونية الرادعة حيال المخالفين، لهذا التعميم، مشدداً على وجوب الالتزام بما ورد بمضمونه".
حصار لعمليات غسل الأموال
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن مليشيات الحوثي عمدت على توظيف العديد من الكيانات والمحافظ والخدمات المعنية بالدفع الإلكتروني، في خدمة تمويل حربها الظالمة بحق اليمنيين.
وقال الخبراء، إن قرار البنك المركزي في عدن يعد ضربة لإيقاف أنشطة المليشيات وشبكاتها المالية في غسل الأموال عبر هذه الكيانات والمحافظ وتحت قوة السلاح، وذلك لتواجدها في مناطق سيطرتها في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأشار الخبراء إلى أن مليشيات الحوثي لجأت لاستخدام الدفع الإلكتروني للأموال، والتطبيقات الإلكترونية التجارية المالية، لتعويض العجز في السيولة من العملة المحلية، وتحويلها لعملة إلكترونية.
ويقول الخبير الاقتصادي اليمني وأستاذ الاقتصاد بجامعة تعز اليمنية الدكتور محمد قحطان، إن توظيف مليشيات الحوثي لهذه الكيانات واستخدامها في غسل الأموال يتم بكل سهولة؛ وذلك نظراً لسيطرتها على مفاصل الدولة والعبث بمؤسساتها واقتصادها، ولغياب الدولة في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ "العين الإخبارية"، أن هناك مخاطر عدة لاستخدام جماعة الحوثيين غسل الأموال بالطرق الإلكترونية، وتمويل حربها وأجندتها الخارجية، والتي ستؤدي وفقاً لقحطان لمزيد من انهيارات الوضع الاقتصادي والإنساني واستمرار الحرب في البلاد.
وتابع: "بالنسبة للتأثير من هذا التعميم سيكون في مدى قدرة البنك المركزي في عدن بتنفيذ إجراءاته ضد هذه الكيانات والجهات والبنوك التي تقف خلفها".
وكان البنك المركزي اليمني في عدن وجه بنقل البنوك التجارية من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، كما أصدر في مايو/أيار الماضي عدد من القرارات أبرزها سحب الطبعة القديمة من العملة من سيطرة مليشيات الحوثي، ووقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك إثر تعاملها مع مليشيات الحوثي وذلك خشية من تعرض النظام المصرفي لأي عقوبات دولية بعد تصنيف الحوثي منظمة إرهابية.