آخر تحديث :الخميس-12 سبتمبر 2024-09:33ص

حوار مع أحد الرفاق (3-2)

الأربعاء - 21 أغسطس 2024 - الساعة 01:08 ص

نشوان العثماني
بقلم: نشوان العثماني
- ارشيف الكاتب


- من هم أبرز دعاة الجنوب العربي اليوم؟ وهل ترى أن هذه الهوية يمكن أن يُكتب لها النجاح أمام الهوية اليمنية، ونحن هنا نتحدث عن الجنوب؟

أبرز دعاته شخصيات وحركات سياسية تعتقد أن الجنوب يجب أن يتمتع بهوية مستقلة تمامًا عن الهوية اليمنية، بينهم:
1. المجلس الانتقالي، وهو حاليًا الائتلاف الجنوبي الأكبر، وأحد أبرز الجهات التي تروج لهذا المشروع. تأسس المجلس عام 2017 بعد عشر سنوات على انطلاق أولى احتجاجات الحراك الجنوبي، 2007، بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، الذي كان محافظًا لعدن سابقًا، وهو شخصية مؤثرة على مستوى الجنوب ويحظى بالاحترام من لفيف واسع من المكونات والأطياف الجنوبية، ودعني أقول إنه حقق نجاحًا مهمًا حتى الآن في سبيل إيجاد المشروع السياسي الحامل للقضية الجنوبية، وإن كانت تشوبه ثغرات أراها غير مطمئنة.
المجلس يسعى لإعادة بناء دولة جنوبية مستقلة على حدود ما قبل 1990، وفي كل أدبياته لا يستخدم مطلقًا اسم اليمن الجنوبي.
2. شخصيات سياسية مستقلة، ترى أن هذا المشروع هو السبيل لتحقيق الاستقلال والتنمية في الجنوب. بعض هؤلاء كانوا جزءًا من النظام السابق في الجنوب أو أعضاء في الحراك الجنوبي.
3. مكونات في الحراك الجنوبي، لا تزال خارجة عن الائتلاف الذي يشكله الانتقالي. ورغم أن الحراك يتألف من تيارات مختلفة، إلا أن فكرة "الجنوب العربي" كانت شائعة بين العديد من فصائله.
4. حزب رابطة أبناء الجنوب العربي، الذي ظل يتبنى المشروع منذ منتصف القرن العشرين.

- هل يمكن أن تُكتب لهذه الهوية النجاح أمام الهوية اليمنية؟
نجاح هوية "الجنوب العربي" أمام الهوية اليمنية يعتمد على عدة عوامل:
1. القبول الشعبي عامل حاسم. إذا شعر الجنوبيون بأن هذه الهوية تعكس تطلعاتهم وتاريخهم وتوفر لهم الاستقرار والتنمية، فقد تحظى بدعم واسع. إلا أن هناك أيضًا عدد كبير من الجنوبيين الذين يشعرون بالانتماء للهوية اليمنية ويعتبرون الجنوب، من حيث الهوية فقط، جزءًا من اليمن الكبير.
2. الدعم الإقليمي والدولي، الدعم الخارجي يلعب دورًا مهمًا في نجاح أي مشروع سياسي. إذا تمكن دعاة "الجنوب العربي" من الحصول على دعم قوي من دول إقليمية أو قوى دولية، فقد يساعدهم ذلك في تحقيق أهدافهم. على العكس، إذا كان هذا المشروع يواجه معارضة إقليمية ودولية، فقد يعيق ذلك نجاحه.
3. القدرة على بناء مؤسسات مستقرة، إذا تمكن دعاة "الجنوب العربي" من تقديم نموذج ناجح في الحكم، يلبي تطلعات الجنوبيين ويوفر لهم الاستقرار والازدهار، فقد يعزز ذلك من فرص نجاح هذه الهوية. العوامل الاقتصادية، والخدمات، والتنمية ستكون مؤثرة في هذا الجانب، وبالتالي عدم تحقق ذلك يضرب هذا المشروع من داخله في مقتل.
4. التاريخ والذاكرة الجمعية، الهوية اليمنية تمتد لآلاف السنين حضاريًا، ولها جذور عميقة في وجدان اليمنيين، بما في ذلك الجنوبيين. نجاح هوية "الجنوب العربي" يتطلب تجاوز هذا الإرث التاريخي، وهو أمر صعب نظرًا لتجذر الهوية اليمنية في الوعي العام.
نتحدث عن هنا الهوية المبنية على الإرث الحضاري الثقافي تاريخيًا، لكننا نشير مع ذلك أن الهوية السياسية ظهرت - وهذا طبيعي - مع تشكل الدولة الوطنية في القرن العشرين، وسبب غياب الدولة القطرية على هذا النحو، كان عائدًا لنظام الخلافة.

خلاصته،
في النهاية، نجاح هوية "الجنوب العربي" يعتمد على قدرتها على تلبية تطلعات الشعب جنوبًا بشكل ملموس وعلى قدرتها على الصمود أمام الهوية اليمنية التي تتمتع بعمق تاريخي وثقافي كبير. كما أن تحقيق التوافق الداخلي والتعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية سيكون ضروريًا لضمان نجاح أي مشروع هوية في الجنوب.

- ومن هم أبرز دعاة الهوية اليمنية جنوبًا في المقابل؟ وما تقييمك لحل القضية الجنوبية في ظل استمرار مشروع الإمامة السلالي شمالًا؟
أبرز دعاة الهوية اليمنية جنوبًا هم شخصيات وحركات سياسية تؤمن بأن الهوية والقضية الجنوبية شيء، والوحدة شيء آخر. وهذه وجهة نظري الشخصية، أن الدولة التي كانت في الجنوب لم تدخل الوحدة لأن هويتها يمنية. وهناك نماذج عديدة في العالم لم تؤثر الهوية لا في صراعاتها ولا في انفصالها، كالكوريتين وكالسودان وجنوب السودان وكالصومال وأرض الصومال... إلخ. مع أننا في الجنوب لا نقول انفصال بقدر ما نقول "فك ارتباط"؛ بحكم أننا كنا دولتين من قبل، معترف بهما في الهيئات الدولية والإقليمية.
مع ذلك، هناك شخصيات ومكونات ما زالوا يؤمنون بوحدة اليمن، ويعتبرون أن الجنوب جزءًا لا يتجزأ من الكيان اليمني الأوسع، من جهة، وجزء منهم من يؤيد الصيغة الفيدرالية من إقليمين بين الجنوب والشمال، وربما من عدة أقاليم يكون فيها الجنوب إقليمًا واحدًا.
معظم المنتمين للأحزاب السياسية اليمنية الحالية جنوبًا، باستثناء الرابطة، يؤيدون الهوية اليمنية لـ الجنوب، نظرًا لهوية الدولة ما قبل 90، بمن فيهم الحزب الاشتراكي اليمني، الجنوبي المنشأ، مع اختلاف أن الأخير يتبنى حلًا آخر للقضية الجنوبية عن طريق الفيدرالية شريطة أن يظل إقليمًا واحدًا، وهذا ما قد يصطدم لاحقًا بتطلعات أخرى للمحافظات الشرقية.
كما أن هناك مكونات داخل الحراك الجنوبي ما زالت تؤيد الهوية اليمنية، وإن كانت تطالب بـ"فك الارتباط".

أما عن حل القضية الجنوبية في ظل مشروع الإمامة كما تسميه، فيمثل تحديًا كبيرًا من شقين، ليس فقط لليمن الشمالي، ولكن أيضًا للبلد ككل، بما في ذلك الجنوب.
الخيار الأول:
استمرار مشروع الإمامة السلالي سيظل يفاقم التوترات الاجتماعية والطائفية داخل البلد، وهو ما قد يعزز ليس رغبة الجنوبيين في فك الارتباط فحسب، بل قد يؤثر هذا عن النسيج الاجتماعي ذاته في الشمال المنقسم مذهبيًا إلى اثنين.
لكن علينا أن نتذكر أن فك الارتباط أو الانفصال، سمّه ما شئت، لا بد أن يكون مركزًا بدرجة رئيسية على ضرورة الاعتراف الدولي، فإما أن يتم ذلك بالتراضي وإما أن يتم ذلك بالقوة التي تؤدي إلى القبول بحق تقرير المصير كما حدث لجنوب السودان. إنما في ظل عدم التراضي وعدم قبول الطرف الآخر، لن يعترف بك أحد كما هو الحال في أنموذج أرض الصومال، ولن تغيب عننا كذلك تجربة كردستان. ولذلك هذه العملية لا تحتاج عملًا ثوريًا بل بالأحرى وفي المقام الأول عملًا سياسيًا ماهرًا. اليمن الجنوبي يختلف عن غيره من النماذج أنه كان دولة من قبل، لكن ذلك لا يكفي.
الخيار الثاني:
قد يساعد التفكك وعدم وحدة المشروع المناهض للحركة الشيعية في تمكنها من السيطرة على كامل البلد، مدعومة بأي تقارب إقليمي معها، وعلى النحو الذي قد يمكن بعض الجماعات من تأثير أكبر في الشرق الأوسط بناء على مستجدات عدد من الملفات، وإن كان هذا كله في النهاية مرحليًا فقط؛ لأنه مرتبط بمشروع أكبر لا يمت له بصلة.