آخر تحديث :الجمعة-20 سبتمبر 2024-01:20ص

خطاب خشب من موقع الضعف

الجمعة - 20 سبتمبر 2024 - الساعة 12:37 ص

خالد سلمان
بقلم: خالد سلمان
- ارشيف الكاتب


وفيما كان حسن نصر الله يلقي كلمته التبريرية الإنهزامية اليوم ، كانت الطائرات الإسرائيلية تخرق جدار الصوت في جنوب لبنان وفوق رأسه، وعلى علو منخفض من سقف كهفه المحصن ، في محاولة للإمعان في مراكمة الأذى النفسي والتوغل عميقاً بجرح الكرامة، فالرد الإسرائيلي المتزامن مع الخطاب يحمل رسالة في خرق جدار الصوت وإسقاط المزيد ، أننا هنا بالحرب التقنية والقصف الجوي والجيش النظامي حاضرون، وبالإختراقات الأمنية في كل مفاصل القرار ، نرقبكم ونخوض ضدكم بتفوق معركة إستباقية، تاركين لكم خطابات الخشب.
لماذا يطل حسن نصر الله في خطاب الخواء وشد العصب الأخرق، لبيئة لم تعد كما هي ، وإن حاول أن يعطيها دفعة معنوية، لإستعادة شارعه المصاب بالتشقق والعطب.
الخطاب نزع نحو السرديات التبريرية ، من أن هذه الهجمات غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ،في لبنان والمنطقة
،وإن هذه الهجمات التي تعرض لها حزبه لم يشهدها العالم قط ، وأن التقنية الإمريكية منحازة للآخر الإسرائيلي، مايعني أننا نواجه العالم ونصمد، نقدم القتلى ونصمد ،نتعرض لعملية هتك قدرات ومصداقية ونصمد ونصمت.
خطاب من موقع الضعف ، يحاول أن يعوض عن الإستحقاقات الملزمة، ببلاغة ثورجية تخطاها الزمن وراهن تحديات المواجهة.
نصر الله تمنى دخول الإسرائيلي إلى لبنان ، ولم يقل إن دماء مقاوميه تستوجب الذهاب هو إلى عمق الأراضي المحتلة ، والثأر لمقاتليه وترميم النزف الذي أصاب وسط قاعدته الأجتماعية وزلزل أركان وسياسات مابقي من محور (المقاومة) ، ومن الفكاهة ان تبعث إيران برسالة لزعيم حزب الله تعده وتطمئنه بأن هذا المحور سيرد، وليست هي المثقلة بديون متعددة من الرد الذي لم يُنفذ ، أخرها شرذمة جسد سفيرها في لبنان .
لم يبق لحسن نصر الله وهو يفر خارج أسئلة الناس ،حول ماذا بعد يومي الثلاثاء والأربعاء الداميين ، سوى التلطي خلف شعارات بلهاء يلوك فيها أن الرد قد وصل لتل أبيب ،من خلال صمود مبتوري الأطراف والأقدام ومن فقأت إسرائيل أعينهم ، وأن الرد وصله من صمود عوائل كومة الخراب البشري، الذي خلفته هجمات استهدفت خمسة الف مقاتل حد إعتراف نصر الله اليوم ، وأن الرد طرق باب كهفه من تتابع النقل الحي لمراسيم التشييع، والهتاف للحسين المفترى عليه ، ولسيد المقاومة الذي لم يعد مقاوماً كما يجب.
حسن نصر الله يرجئ الرد الإنتقامي إلى زمن خارج روزنامة التقويم ،ومفتوح على لاشيء ملزم ولا وعد قاطع ،ولا حتى هذه المرة بتعهد كلامي بالثأر للقتلى، والجرحى ومن أصبحوا كومة لحم أهدته إسرائيل بدقيقتين للأسفلت والأرصفة.
نصر الله يصلي كما يفعل صنوه في مران، أن تنتهي حرب غزة لإخراجهما من هذا المستنقع ، وهو ما أشار اليه صراحة بأن طي ملف حرب غزة وتسويته سياسياً سيوقف المناوشة .
لماذا أطل رجل لايملك مايقدمه من إجابات، عن الاسئلة الراهنة الملحة المستحقة، حول الحدث وما يستوجبه من رد ؟
الإجابة ببساطة :
لاشيء سوى الهوس بالضوء والصورة ومانشيتات صحف الصباح.