آخر تحديث :الخميس-17 أكتوبر 2024-12:12ص

آخر محاورات الحكيم اليوناني الأكبر

الخميس - 17 أكتوبر 2024 - الساعة 12:05 ص

محمد العلائي
بقلم: محمد العلائي
- ارشيف الكاتب


قضيت الليلة وقت غاية في اللطف مع تلخيص الفيلسوف الفارابي لنواميس أفلاطون، وهي آخر محاورات الحكيم اليوناني الأكبر.

يوجز الفارابي في حوالي 50 صفحة مجمل الأفكار التي تدور حولها محاورة مطولة عدد صفحاتها في الترجمة العربية الحديثة يقارب الستمائة صفحة.

سأضع هنا ثلاث فقرات توضح طريقة الفارابي في التلخيص والعرض:


"وبيَّن (أفلاطون) أيضاً المدينة الفاضلة في هذا الباب: ما هي؟ والمرء الفاضل: من هو؟

وذكر أن المدينة الفاضلة هي المدينة الغالبة بالحق والصواب والرجل الفاضل هو الرجل الغالب بالحق والصواب.

وبيَّن أيضاً صدق الحاجة إلى الحاكم ووجوب طاعته وما في ذلك من المصالح.

ووصف الحاكم المرضي من هو، وكيف ينبغي أن تكون سيرته في قمع الأشرار ونفي الحروب عـن الناس بالرفق وحسن التدبير وأن يبدأ بالأولى فالأولى، وهو الأدنى فالأدنى.

وبيَّن صدق حاجة الناس إلى رفع الحروب من بينهم وشدة ميلهم إلى ذلك لما فيه من الصلاح.

ولا يمكن ذلك إلا بلزوم الناموس، وإقامة أحكامها؛ وأن الناموس متى أمرت بالحروب فذلك لطلب السلم، لا لطلب الحرب، كما يُؤمر بالمكروه لما في عاقبته من المحبوب أخيرا.

وذكر أيضاً أن اليسار لا يكفي المرء في معاشه دون الأمن. وبيَّن أن الشجاع الممدوح ليس هو المقدام في الحروب الخارجة، لكن الشجاع الممدوح هو الغالب لنفسه والمدبر لاتخاذ السلم والأمن حيثما أمكنه"


"ثم بيَّن (أفلاطون) أن الأخلاق توابع ومَشَابِه ينبغي أن يُميَّز بينها وبين أضدادها مثل أن الحياء محمود؛ وإذا أفرط فيه صار عجزاً مذموما، وأن الظن الجميل بالناس محمود وسلامة الصدر، فإذا كان ذلك مع الأعداء صار مذموماً.

وكما أن الحذر محمود فإذا أفرط صار جبنـاً وإحجاماً فصار مذموماً.

وبيَّن أن المرء إن وصل إلى غرضه المقصود، وإن كان في غاية الحُسن والفضل، لكنه يسلك إليه طريقاً غير محمود فذلك مذموم وأن أحسن من ذلك أن يصل إلى مقصوده بما يكون جميلاً مؤثراً"


"ثم بيَّن معنى آخر يليق بما وصفه، وهو أن الشيء الواحد قد يكون استعماله من ناموس، وتركه من ناموس آخر.

وليس ذلك بشنيع ولا قبيح، إذ الناموس إنما يكون بحسب ما يوجبه الحال ليتأدّى بالناس إلى الخير الأقصى وطاعة الآلهة.

وأتى على ذلك بمثال من الخمر وشربه وأنه كان يستعمله طائفة من اليونانيين القديمة ويهجره طائفة أخرى حتى عند الضرورة أيضاً.

والضرورة الداعية إلى شربه هي الحال التي يحتاج فيها إلى عدم العقل والمعرفة كالولادة، والكي، والمعالجة المؤذية للبدن. وكذلك الحال التي فيها يتداوى به لاجتلاب صحة لا يجلبها غيره"