يُخطئُ البعضُ بـ "تذكير" اسم "اليمن"، وربما وَهِمَ البعضُ أنّ ذلك من باب التعظيم، منطلقا من الذهنيّة الذُّكوريّة في العقل العربي، مع أنّ العكس هو الصحيح، أي أنّ التأنيث علامة التعظيم عند أهل اللغة. نقولُ بابا للباب الصّغير المعروف، فإذا كان كبيرًا واسعًا، قلنا: بَوّابة. ونقولُ عالمًا لمن حذق شيئًا من العلم، وحين نريدُ مدحه أو تعظيمه نقول عنه: علامة، كما نقول في باحث: بحاثة، وهكذا.
وعودة إلى اليمن.. أولا كلُّ الأماكن الأصل فيها التأنيث، كما ذكر العلامة أبو الحسن الوراق، ت. 381هـ، في "علل النحو"، ومثله الوزير البكري في كتابه "معجم ما استعجم"، سواء اشتملت على علامة التأنيث، مثل مكة والمدينة والقاهرة والبصرة، أم كان اسم المكان مستغنيًا عن تاءِ التأنيث، مثل حلب ودمشق وصنعاء.. إلخ. ونادرًا جدًا ما يغلب على الأماكن التذكير. وهناك أسماء أخرى يجوز فيها التذكير والتأنيث معا.
ثانيا: ثمة دلائل قاطعة لعلماء حجة في البيان واللغة والتاريخ، ذكروا اسم اليمن بالتأنيث، مثل الإمام الهمداني، حجة التاريخ واللغة والبيان، كما يتكرر في "الإكليل"، انظر الإكليل للهمداني، 26، و 63/ 8. وغير هذه المواضع كثير.
إلى جانب الإمام الحجة الهمداني، أيضا: ياقوت الحموي صاحب "معجم البلدان"، وياقوت الحموي إمامٌ من أئمة اللغة، انظر: معجم البلدان، ياقوت الحموي، 447/5.
وفي لسان العرب لابن منظور: تَيَمَّنَ: انتسبَ إليها.
وإلى جانب من ذُكر من السابقين أيضا علماء معاصرون، مثل الأديب والمؤرخ واللغوي الكبير العلامة مطهر بن علي الإرياني، والقاضي المؤرخ إسماعيل بن علي الأكوع، وغيرهما.
ولا ندري كيف اجتهد بعضُ المتصحفين الجُدد فذهبوا إلى "تذكير" اسم اليمن، كما فعلوا مع بلدانٍ أخرى، بلا أصل أو تقعيد، حتى صَار هذا الاجتهادُ ــ على خطئِه ــ من المُسَلّمات عند البعض..!
باختصار.. هذي اليمن. وإلى أغنية عبدالرب إدريس.
د. ثابت الأحمدي