تشير الأحداث الراهنة في المنطقة العربية إلى تحركات متسارعة لأمريكا بما فيها الغارات التي تشنها على مواقع مليشيا الحوثي، إلى أنها تهدف، كما تذكر أمريكا في بياناتها، إلى إضعاف الحوثيين، ولا تذكر ابدًا أنها تريد التخلص منهم والقضاء عليهم نهائيًا، مما يبرهن أنها لا تهدف إلا إلى ترويض الحوثيين وتقليم أظافرهم وتعديل مسارهم صوب ما هو متفق عليه معهم من قبل الأمريكان.
أمريكا ترى أنه لا يزال هناك الكثير من المهام أمام الحوثيين يتوجب
عليهم إكمالها والقيام بها في اليمن والجزيرة العربية، وبالتالي وجب إعادة توجيه مسارهم صوب مشروعهم الأثني المرضي عنه أمريكيًا والمتمثل بعودة لفيف الهاشميين إلى أرض الميعاد الهاشمي في مكة وأرض الحجاز. هذا المشروع الهاشمي يتسق تمامًا مع الرغبة الأمريكية الهادفة إلى إعادة رسم خارطة المنطقة الجيوسياسية وفق معايير أثنية (مذهبية وعرقية) تحت لافتة "مكافحة الإرهاب وحماية حقوق الأقليات".
الحوثيون ليسوا كما يُظهرون أنفسهم أبطالًا و ببطولات عنترية، فهم ليسوا سوى أرجوزات وبيادق وفزاعات تستخدمها أمريكا حسب الحاجة، وتم توضيفها أمريكيًا في رقعة الفوضى الخلاقة ، ليكونوا شعلة حرائق لتفكيك اليمن والمنطقة.
وعليه، إذا أرادت القوى المناوئة للحوثيين نيل الخلاص لبلدانها فعلًا، عليها أن تعتمد على نفسها بعيدًا عن الترتيبات الأمريكية التي تحاول اليوم توظيف تلك القوى كفزاعات محفزة للحوثيين ولمن يقف وراءهم من أجل استكمال مشروعهم المذهبي والعرقي الذي يخدم الرغبة الأمريكية في تفكيك دويلات المنطقة إلى كانتونات أثنية متصارعة تدور في فلك أي من وكلاء أمريكا الإقليميين(إيران، تركيا، إسرائيل) حتى تتفرغ هي لمعركتها القادمة مع التنين الصيني.