أكد تحليل نشرتها جريدة lloydslist، وهي مجلة معنية بتتبع الاخبار الملاحية والشحن، أن الوضع القائم في البحر الأحمر حالياً يؤكد أن هجمات الحوثيين ضد الشحن التجاري لا يبدوا أنها سوف تتوقف قريباً. ولكن هناك احتمالية حدوث انخفاض في وتيرتها.
وأشار التحليل: يبدو ان نهاية هجمات البحر الأحمر لن تكون قريبة، والتهديد الذي يشكله الحوثيون على الشحن التجاري سيبقى مستمرًا حتى بعد وقف العدوان على غزة. على الرغم مما يردده الحوثيين بأن تصعيدهم هو رد فعل مباشر على حرب إسرائيل وحماس وتتم لدعم الفلسطينيين.
ونقل التحليل على لسان محللون إن الصراع الدائر في البحر الأحمر، هو غطاء للحوثيين ليكونوا متمردين ويحصلون على دعمٍ شعبي في البلاد، و يتفقون عمومًا على أن وقف إطلاق النار أو التهدئة في غزة سيبطئ الهجمات في البحر الأحمر. وتكمن المشكلة في توقعات المحللين التي تنبئ بأن التوترات في الشرق الأوسط لن تهدأ عن قريب.
حيث قالت محللة المخابرات في منطقة الشرق الأوسط في شركة "دراجون فلاي إنتليجنس" زوي سياكيو: "إيران تمول وتدرب الحوثيين وهم جزء من ما يسمى 'محور المقاومة' في طهران، مما يعني أنهم قد يقومون بزيادة وتيرة هجماتهم على السفن التجارية وضد إسرائيل في حالة وقوع حرب بين إسرائيل وحزب الله أو حرب إقليمية أوسع".
وفي حال تم الاتفاق على وقف إطلاق النار والتمسك به، فلا يوجد ضمان بأن الحوثيين سيتوقفون عن استهداف كل السفن المعينة ضمن ملفهم الهدفي المزعوم.
و قال (جيمس تريج)، كبير باحثين في شركة "جينز": "حتى لو تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، هناك احتمال واقعي بأن الحوثيين سيواصلون هجماتهم، استهدافًا لسفن أمريكية وبريطانية وإسرائيلية ردًا على الضربات الجوية التي نفذتها طائرات الثلاث دول ضد نظامهم".
ويوجد جزء كبير داخل صناعة الشحن إما سيقوم بالتقليص من أعماله في البحر الأحمر أو سيقوم باختيار تغيير مساره حول رأس الرجاء الصالح لتجنب عبور مضيق باب المندب والتحول إلى هدف للحوثيين.
و تُشير البيانات إلى أنه كلما تقدم الوقت، يصبح المزيد من أصحاب السفن مترددين على استخدام ممر الشحن، مع انخفاض عدد العبور شهراً بعد شهر. ففي شهر يوليو/ تموز، عبرت حوالي 905 سفن ناقلة للبضائع مضيق باب المندب، ما يعادل حوالي 66 مليون طن ترويجي. مما يمثل هذا انخفاضًا بنسبة 3٪ في عدد العبور مقارنة بشهر يونيو/ حزيران ويقل بنسبة 60٪ عن الأعداد المسجلة في يوليو/ تموز 2023.
وبالنسبة لأولئك الذين قاموا بتغيير مسارهم لتجنب البحر الأحمر، فإن السؤال يدور حول متى سيعودون للعبور من خلاله والإجابة عليه لا تُعد سهلة.
وقال المتحدث باسم شركة هاباج لويد لـ لويدز ليست: "لسنا نحن من نحكم متى يصبح الوضع آمن، و ليس من صلاحيات خطوط الشحن أن تقرر".
والسلامة تعتبر الأمر الأهم لعودة العمليات الطبيعية في البحر الأحمر، لكن مسئلة الامن من الصعب تحديدها، مما يجعل مسار العودة إلى الوضع الطبيعي صعب التحديد.
القائد (كنوت إيفينسن) من البحرية الملكية النرويجية وجزء من مركز المعلومات البحري المشترك قام بمناقشة موضوع كيف ومتى ستعود الشحنات إلى البحر الأحمر في بودكاست لويدز للأسبوع الماضي.
ويهدف مركز المعلومات البحري المشترك إلى إبلاغ الصناعة بقضايا الأمن البحري، ولكن نظرًا لاختلاف شركاتها في قبول المخاطر، سيكون في نهاية المطاف من مسؤولية كل شركة أن تقرر متى يكون آمنًا استئناف النشاط في البحر الأحمر.
ويعكس الوضع الحالي التباين في قبول المخاطر عبر الصناعة لأنه و على الرغم من تغيير المسار بشكلٍ كبير، إلا أنها تعبر حوالي 200 سفينة مضيق باب المندب أسبوعيًا. ومن الأهمية البالغة أن تحمل القدرة على المخاطر وقبول المخاطر طابعًا ديناميكيًا، ومن الممكن أن ترى السفن عودة إلى البحر الأحمر بسبب أمرٍ ما يؤدي إلى تجاوز انخفاض مستمر في هجمات الحوثيين.
"الاعتبارات يمكن أن تتغير، إذا حدث شيء يجعل رأس الرجاء الصالح أكثر تكلفة، فقد يقرر بعض الأشخاص الإبحار في البحر الأحمر إذا كان هذا خياراً تنافسي"، قال المدير في كونترول ريسكس (كورماك ماك غاري). وبالنسبة لشركة هاباغ لويد، فإن شركة الحاويات مركزة بقوة على السلامة.
حيث قال المتحدث: "في هذا الوضع، نحتاج، ونريد أن نكون، حذرين بشكل إضافي بشأن بحارتنا. فما يحدث ليس قرصنة. إنه إرهاب، ولم نشهد حالات مماثلة في العقود القليلة الماضية. و لم نضطر أبدًا للتعامل مع الطائرات المُسيّرة والصواريخ، وهذا شيء جديد تمامًا وخطير. الحوثيون والقدرات التي قاموا بإظهارها ستشكل خطرًا طويل المدى على صناعة الشحن خارج نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال ماك غاري: "الحوثيون يحتلون موقعًا جيواستراتيجيًا فوق باب المندب وحتى لو توقفت الأعمال القتالية، من الممكن أن ينشأ شيء ما في المستقبل و سيقومون باستخدام هذا الموقع مرة أخرى. صحيح أنّي أستطيع أن أرى البحر الأحمر يعود إلى الشعور بالأمان في نقطة ما، ولكن يمكنني أيضًا تصوُّر السيناريو التالي الذي قد يحفز مجموعة جديدة من الهجمات في المستقبل".
وأضاف أن الخطر سيظل يهدد البحر الأحمر لفترة زمنية طويلة جدًا.