حذّر خبراء متخصصون في شؤون الجماعات المتطرفة، من استغلال تنظيم القاعدة في اليمن، للتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على الوضع المحلي الهشّ، في استعادة حضوره وتعزيز نفوذه بشكل أوسع، في ظل التقاء أهدافه مع ميليشيا الحوثي.
ووسط استمرار الصراع بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين للعام العاشر توالياً، وما أفرزه من أوضاع أمنية هشّة، يقود الحوثيون البلد إلى نزاع أوسع، مع تزايد تهديداتهم ضد الملاحة الدولية، وامتداد هجماتهم العسكرية إلى إسرائيل.
ويرى الخبراء أن الحرب الإسرائيلية على غزة، وانخراط الحوثيين فيها عبر سلسلة الهجمات العسكرية، يحفّز تنظيم "القاعدة" نحو مزيد من التقارب مع ميليشيا الحوثي، تمهيداً لاستئناف عمليات التنظيم الخارجية، في إطار تكثيف جهود الأقطاب الإيرانية لاستهداف المصالح الغربية.
أعداء مشتركون
ويقول الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، سعيد الجمحي، إن تنظيم القاعدة، اعتاد على الاستفادة من انهيار الأوضاع في اليمن، إلا أن المخاطر تتعاظم في الوقت الحالي، "مع انشغال خصوم التنظيم الدوليين كالولايات المتحدة بجبهات خارجية كبرى، إضافة إلى دول الإقليم المنشغلة بالصراع الذي تشهده المنطقة" وفق تعبيره.
ويرى الجمحي، أن المستجدات الإقليمية والدولية الجارية، تعزز من علاقة المصالح المتبادلة بين الحوثيين والقاعدة، وتكاد تكون وحدت موقفهما، في ظل حالة الزخم التي يظهر فيها الحوثيون وهم يخوضون حرباً ضد أمريكا أعداء القاعدة الأبرز على الصعيد الدولي، إلى جانب اشتراك الطرفين في الأهداف والأعداء والأرض، على المستوى المحلي.
وبيّن أن تنظيم القاعدة، يرى في تعاونه مع الحوثيين ضرورة هو المستفيد الأكبر منها، خاصة بعد حالة الركود والتراجع التي اعترته خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن القاعدة يستفيد من أخطائه، وهو يحاول الآن تجاوز موجة الاهتزازات الداخلية، مثل التخوين والشكوك التي عصفت به وأثرت على مستوى تماسكه، أكثر من العمليات العسكرية التي واجهها.
وحذّر الجمحي، من استراتيجية التنظيم المعروفة في استئناف عودته، من خلال العمليات المفاجئة والقوية، التي يثخن بواسطتها في ضرب خصومه دون توقع نمطها، بعد الاكتفاء بالعمليات الشكلية التي تظهر ضعفه وعدم قدرته على التحرك خلال الفترة الماضية.
وعلى مدى العامين الماضيين، تخوض القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالاشتراك مع وحدات أمنية حكومية، عمليات عسكرية وأمنية ضد عناصر القاعدة في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين، وسط تغيّر أولويات التنظيم المحلية وتراجع الدعم الدولي لجهود مكافحة الإرهاب في اليمن.
مرونة التنظيم
ويعتقد الباحث المتخصص في الجماعات المتشددة عاصم الصبري أن مناطق النزاعات والحروب، تُعدّ بيئة خصبة للتنظيمات البراغماتية لممارسة الاستقطاب والانتشار وتعزيز القدرات، "وهذا ما يحدث في اليمن، رغم عدم وجود حرب فعلية حالياً كالتي كانت تحدث في السابق، إلا أن هناك مناطق صراع لا توجد فيها الدولة، توفر البيئة المساعدة لنمو تنظيم القاعدة".
وقال الصبري، في تصريح لموقع ارم نيوز، إنه على الرغم من العمليات العسكرية التي يواجهها تنظيم القاعدة، خلال السنوات الأخيرة، جنوبي البلاد، إلا أنه ما يزال قادراً على العودة، في ظل المرونة التي يبديها خلال ممارسة الضغوط ضده.
وذكر أن "القاعدة" يضطر إلى الانكماش أثناء الهجمات التي تستهدفه، ويلجأ إلى المجتمعات القبلية الصغيرة، بهدف استقطاب مزيد من العناصر لاستئناف عودته الجديدة، في أي لحظة سانحة.
ويرى الصبري أن علاقة القاعدة بالحوثيين، تغيّرت في بعض النقاط منذ وفاة زعيم التنظيم في اليمن، خالد باطرفي، مطلع العام الجاري، ووصول خليفته سعد العولقي إلى سدة القيادة.
وأضاف أن العولقي لا يرحب بالتخادم مع الحوثيين، ويحاول اتباع سياسية جديدة مغايرة، تقوم على عدم الانجرار أو الانسياق وراء المشروع الإيراني في المنطقة، لكنه – أي العولقي – "لا يستطيع إنهاء ذلك؛ لأن هناك مراكز نفوذ داخل التنظيم، ما زالت تحتفظ بعلاقتها مع الحوثيين، وتستمد قوتها العسكرية والمادية منها" وفق تقديره.
مخاطر دولية
وبدوره حذّر المتحدث باسم القوات المسلحة الجنوبية، الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، في جنوب اليمن، المقدم محمد النقيب، من تهديدات خطيرة تطال المجتمعين الإقليمي والدولي ومصالحهما، في ظل تطور العلاقة بين ميليشيا الحوثي وتنظيم "القاعدة" إلى تحالف استراتيجي.
وقال النقيب في حوار سابق مع موقع إرم نيوز، إن نمو العلاقة المتصاعد بين الطرفين دون تفكيك، يمكّن القاعدة من الحصول على صواريخ الحوثيين التي تستخدمها الميليشيا المدعومة من، في هجماتها الإرهابية ضد السفن التجارية، مشيراً إلى إمداد الحوثيين تنظيم القاعدة بتقنيات عسكرية حديثة، منها سلاح الطائرات المسيّرة، في سياق مراحل تطور العلاقة بين الجانبين.